الموالاة تتوقع مشاركة قوية والمعارضة تراهن على امتناع قياسي
الجزائر: 6 مرشحين يطلبون ودّ 20 مليون ناخباليوم

جزائري يدلي بصوته في انتخابات الرئاسة الماضية

كامل الشيرازي من الجزائر، وكالات: فتحت مراكز الإقتراع أبوابها الخميس عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (السابعة ت.غ.) في الجزائر حيث دعي نحو 20 مليون ناخب إلى إختيار رئيس من بين ستة مرشحين يعتبر الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الأوفر حظًا.وقد أدلى بصوته في حي الأبيار على مرتفعات العاصمة. ورافق الرئيس الذي دعا خلال حملته الجزائريين للمشاركة بكثافة لإضفاء شرعية على ولايته الثالثة، إبنا شقيقه واحد شقيقيه لكنه لم يدل باي تصريح. من جانبه قال رئيس الوزراء احمد اويحيى في وسط العاصمة quot;لا أريد التكهن لكنني أظن أن المشاركة ستكون كبيرةquot;. وأضاف أن quot;الشعب هو الذي يقرر الآنquot; لكن quot;نوعية الحملة الانتخابية تبشر بتعزيز تدريجي ودائم للديمقراطية في بلادناquot;. واكد اويحيى ان الاقتراع quot;يخضع للمعايير الديمقراطيةquot; معلقا على حضور المراقبين الاجانب بدعوة من الحكومة بالقول quot;ان ثقافة الشك لا تزال قائمة في بلادنا حيث الديمقراطية لم تتجاوز عشرين سنةquot;.وتتضمن لائحة المرشحين الستة: بوتفليقة ( 72 عامًا )، المرشح القومي quot; موسى تواتي quot; (56 عامًا )، الزعيمة اليسارية quot; لويزة حنون quot; ( 56 عامًا )، الناشط الأمازيغي quot; علي فوزي رباعين quot;( 52 عامًا )، والوجهين الإسلاميين quot; جهيد يونسي quot; ( 47 عاما ) وquot; محمد السعيد quot;( 62 عامًا ).

وتتضافر توقعات أكثرية المراقبين مع معطيات الميدان لتجعل من الرئيس بوتفليقة مرشحًا قويًا لخلافة نفسه والفوز بأغلبية ساحقة طالما أنّ الجميع متأكد من فوز بوتفليقة بولاية رئاسية ثالثة بعد اتضاح مسألة التمديد له منذ تمريره تعديلاً دستوريًا أتاح له إمكانية الحكم لفترات رئاسية غير محددة، بينما يُتوقع احتلال لويزة حنون وهي أول سيدة في العالم العربي وإفريقيا تترشح لمنصب الرئيس مرتين متتاليتين، مركزًا متقدمًا إلى جانب المرشح الإسلامي الشاب quot;جهيد يونسيquot; وبدرجة أقلّ موسى تواتي ومحمد السعيد وعلي فوزي رباعين.

ويجمع محللون ونشطاء أحزاب سياسية تحدثوا في مقابلات خاصة مع quot;إيلافquot; على أنّ مؤدى الاقتراع الرئاسي وما سيسفر عنه من نتائج، سيكون له كبير تأثير على منظومة التوازنات العامة في البلاد، وتموقع كل طرف في أعلى هرميات الدولة، ولا ينفصل أهم موعد سياسي لهذا العام عن استحقاقات مهمة تنتظر الجزائر في المستقبل المنظر على غرار الانتخابات التشريعية وانتخابات مجالس المحافظات، إضافة إلى ما يتصل باستفتاء معمق حول مراجعة الدستور وآخر قد يلجأ إليه الرئيس الجزائري المقبل بغرض استشارة شعبية حول قضية quot;العفو الشاملquot;.

ووسط غياب الصوت القوي في انتخابات الرئاسة لهذا العام، شكّلت مسألة quot;المشاركةquot; العنوان الأبرز في حدث الخميس، وقد سيطرت بشكل لافت على خطابات المرشحين الستة في حملة الدعاية الانتخابية المختتمة الاثنين الماضي، ويبدو أنّ نسبة المشاركة ستسرق الأضواء، لذا نشبت معركة أخرى بين قوى الموالاة والمعارضة حول فريق يؤكد غزو مواطنيه لمراكز الاقتراع، وآخر يجزم بأنّ انتخابات التاسع أبريل 2009 التي شهدت عزوف الشخصيات البارزة أو ما يُعرف بـquot;الأوزان الثقيلةquot; عن الترشح، ستكون quot;الأسوأquot; وقد تشهد بحسب غرماء السلطة نسبة امتناع قياسية لم تشهدها الجزائر منذ استقلالها في الخامس يوليو/تموز 1962.
توقعات بحصد بوتفليقة أغلبية مريحة

يتوقع quot;السعيد بوحجةquot; المتحدث باسم حزب الغالبية quot;جبهة التحريرquot;، أن يفتك الرئيس الجزائري الحالي ولاية رئاسية جديدة دون عناء، مستندا في ذلك إلى جماهيريته الواسعة واقتناع مواطنيه بقيمة المنجزات التي حققها منذ توليه شؤون الحكم في أبريل/نيسان 1999.

ويؤيد quot;عبد الرزاق مقريquot; وشيهاب صديقquot; القياديان في quot;حركة مجتمع السلم الإسلاميةquot; وquot;التجمع الديمقراطيquot; (علماني)، أنّ قوى الائتلاف الحاكم المساندة للرئيس، وعدد واسع من منظمات المجتمع المدني متيقنة من امتلاك بوتفليقة مقومات النجاح، وترى فيه الرجل القادر على إدارة البلاد لخمس سنوات أخرى.

وبشأن معدلات المشاركة المرتقبة، يركّز كل من سعيد بوحجة وعبد الرزاق مقري وشيهاب صديق على أنّ الشعب الجزائري كله معبئ للمشاركة الواسعة في انتخابات الغد، ويرجعون ذلك إلى ما أنتجته حملات التحسيس وكذا العمل الجواري الذي تمّ بشكل واسع عبر ثمانية آلاف تجمع، وتعتقد الشخصيات الثلاثة أنّ الشعب الجزائري واع كل الوعي، وسيختار الشخص الذي له خبرة وتجربة مما يؤهله لتحقيق مكاسب ومنجزات للمستقبل، في إشارة قوية إلى مبايعة مضمونة لحاكم البلاد.

من جانبه، يذهب quot;جمال بن عبد السلامquot; مدير حملة المرشح الإسلامي quot;جهيد يونسيquot; أنّ المشاركة ستكون قوية، خصوصا إذا ما تضح سيناريو الدور الثاني، ويظهر بن عبد السلام تفاؤلا كبيرا بنجاح مرشحه في افتكاك مركز متقدم بين الستة، وهو الانطباع ذاته الذي نجده لدى quot;جلول جوديquot; مدير حملة quot;لويزة حنونquot;، حيث يقول رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العمال بمجلس الشعب، أنّ حنون التي حلت ثالثة في رئاسيات 2004، مرشحة فوق العادة لتحسين مركزها، ما يمثل إشارة قوية إلى أنّ المرأة الموصوفة بـquot;الحديديةquot; ستنال لقب (الوصيفة) وقد يصدق استطلاع الرأي المنشورة نتائجه قبل يومين، إذ منحها مركزا ثانيا.

بدورهم، يراهن كل من quot;محمد السعيدquot; وquot;موسى تواتيquot; وquot;علي فوزي رباعينquot; على المنافسة بقوة على الصدارة، بيد أنّ شواهد الواقع تمنح حظا أكبر لمحمد السعيد وموسى تواتي، هذا الأخير توقع في تصريح لـquot;إيلافquot; أن تصل نسبة المشاركة في الانتخابات إلى حدود 70 بالمئة.

المعارضون: التزوير لكبح جماح المقاطعة

على طرف نقيض، يرفض زعيم عروش القبائل quot;بلعيد عبريكاquot; حديث السلطات وقوى الموالاة عن مشاركة قوية، ويوضح عبريكا أنّ مواطنيه غير معنيين بالاستحقاق الرئاسي، خصوصا بعد تأكد خيار التمديد لبوتفليقة منذ أشهر، بيد أنّ عبريكا يتوقع استنجاد الإدارة كالعادة بتضخيم نسب المشاركة للتغطية على المشاركة الحقيقية، كما يشير عبريكا إلى إقدام الإدارة ومرشحها على ما سماه quot;شراء الأصوات والذممquot;، ولا يمنح عبريكا كبير حظ لباقي المرشحين، عدا التقدم المحتمل لكل من موسى تواتي ولويزة حنون.

من جهته، يتوقع زعيم ثاني أكبر حزب معارض في الجزائر، أن تسفر الانتخابات عن quot;مهزلة حقيقيةquot; ستسعى السلطات للتغطية عليها عبر quot;تزوير واسع النطاقquot; يسمح ببقاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الحكم، ويعتقد quot;سعيد سعديquot; رئيس الحزب الأمازيغي quot;التجمع من أجل الثقافة والديمقراطيةquot;، أنّ الشعب الجزائري لن يكون بمقدوره اختيار ممثليه بكل حرية، تبعا للكيفية التي تمت بها مراجعة الدستور قبل ستة أشهر، وكذا عملية تسيير الواردات المالية للبلاد، إضافة إلى استعمال رموز الثورة الوطنية في الدعاية الانتخابية، وما ينطوي كل منها - بحسبه - على جملة من quot;نقاط الظلquot; وquot;المحاذيرquot;.

تكريس الواقع السياسي الحالي

يرى المحلل quot;جلال بوعاتيquot; بأنّ هذه الانتخابات ستكرس الواقع السياسي القائم، ولن تشهد حدوث مفاجآت تُذكر، ويلاحظ بوعاتي أنّ الرئيس بوتفليقة في أفضل رواق لحصد أغلبية مريحة وخلافة نفسه، استنادا إلى استفادته من تأييد شعبي ورسمي جارف، ناهيك عن محافظته على شعبيته وسط الجماهير، وهو ما اتضح في خرجاته عبر 32 ولاية، خصوصا مع تنافس الرئيس بوتفليقة مع وجوه يصنفها خبراء الشأن السياسي في خانة quot;الوزن الخفيفquot;.

ويتوقع quot;بوعاتيquot; انحسار الصراع بين المرشحين الخمسة الآخرين حول احتلال مراكز متقدمة، حيث يُرتقب أن يحتدم التنافس حول من ينال المركز الثاني، بين quot;لويزة حنونquot; أول سيدة في العالم العربي وإفريقيا تترشح مرتين متتاليتين للرئاسيات، والأمين العام لحركة الإصلاح quot;جهيد يونسيquot;، إضافة إلى quot;موسى تواتيquot; رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، في وقت لا يمنح مراقبون حظوظا كبيرة لكل من quot;محمد السعيدquot;، وquot;علي فوزي رباعينquot; رئيس الحزب المجهري quot;عهد 54quot;، رغم محاولة رباعين مغادرة المركز الأخير الذي حصل عليه في رئاسيات 2004.
رهان المشاركة القوية

يجمع كثيرون على أنّ الانتخابات الرئاسية ستكون مغايرة للانتخابات التشريعية والمحلية في 17 مايو/آيار و29 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، حيث سيشهد موعد الغد بحسب محللين مشاركة قوية للناخبين، كما يرى زعيم جبهة التحرير quot;عبد العزيز بلخادمquot; وزير الدولة والممثل الشخصي للرئيس، أنّ احتمال مشاركة ضعيفة، تظلّ مستبعدة واستدلّ على كلامه بـ''خصوصية الموعد''، مستشهدا بتجارب ماضية سٌجلت فيها نسب مشاركة مرتفعة، ويرى ميلود شرفي القيادي بحزب quot;التجمع الديمقراطيquot; أنّ الإقبال الجماهيري المنقطع النظير عبر الولايات إبان حملة الدعاية، يؤشر على نسبة مشاركة مرتفعة قد ترتقي إلى السبعين في المئة.

وما يدفع باتجاه تقلص رقعة المقاطعة الثمار التي جنتها القوافل التحسيسية التي جابت مناطق عديدة والتجاوب الذي حُظيت به هذه القوافل، رغم أنّ أحزاب المعارضة ادعت بأنّ المشاركة في الاقتراع لن تتجاوز مستوى العشرة في المئة.

وأفتى وزير الأوقاف الجزائري quot;بوعبد الله غلام اللهquot;، بأنّ quot;عدم التصويت سلوك غير مقبول أخلاقيا ودينياquot;، كما صنّف غلام الله كل من يدعو إلى المقاطعة في خانة ''دعاة للفساد''، وبرّر الوزير حكمه بأنّ مقاطعة واسعة للاقتراع، من شأنها العودة بالبلاد إلى دوامة العنف، وهي نظرة تتقاطع مع ما قاله الوزير الأول الجزائري quot;أحمد أويحيىquot; حول المقاطعة ودورها المحتمل فيما سماها quot;زعزعة استقرار البلادquot;.

ترسانة إدارية وquot;استدراكquot; انتخابي

سيكون عدد الساهرين على تنظيم انتخابات الرئاسة الجزائرية نحو نصف مليون شخص بين مؤطري المكاتب الانتخابية والمنسقين الإداريين وكذا العاملين على الأجهزة الالكترونية، وتشهد رابع انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ الجزائر، ارتفاع الوعاء الانتخابي بما يزيد عن المليوني ناخب، بعدما كان لا يتعدّ في آخر اقتراع شهدته البلاد قبل عامين، الثمانية عشر مليون ناخب، علما أنّ تحديد هذا الوعاء تأتى في أعقاب عملية تحيين واسعة للقوائم الانتخابية واستبعاد (الناخبين الوهميين)، ما أسفر عن تصحيح وضع 2 مليون و580 ألف عائلة، ما يمثل 40 في المئة من الناخبين.

كما يعرف أهم موعد سياسي في الجزائر هذا العام، فتح 47 ألف و150 مركز انتخابي لإجراء هذه الانتخابات في ظروف جيدة، ما يمثل زيادة مراكز الاقتراع بـ7500 مكتب، تماما مثل أعداد المكاتب المتنقلة التي سيصل عددها العام إلى 243 مكتب، بالمقابل، لن تعتمد الإدارة نمط الصناديق الشفافة، وأرجع وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني هذا الإجراء إلى دواع مالية بحتة، حيث تحجج بكون ضمان توفير هذا النوع من الصناديق، معناه رصد مخصصات ضخمة تربو عن 46 مليون دينار، وهو ما لم تستطع الحكومة تحمله، على حد وزير الداخلية الجزائري.

وقبيل ساعات عن دخول المعترك الانتخابي، أعلنت السلطات أنّ كل الشروط باتت متوفرة لإجراء انتخابات مثالية من حيث التنظيم، مؤكدة أن كل شيء أضحى جاهزًا للوفاء بموجبات الموعد، بما في ذلك النظام الانتخابي الذي quot;يضمن الشفافية و احترام نتائج الانتخاب مضمون بشكل كافquot;، وجاء في بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، إنّ السلطات وضعت آلية تمكنها من التأكد من أن القوائم الانتخابية قد تم تطهيرها، وتتطابق كلية مع حقيقة الهيئة الناخبة، بجانب اتخاذ إجراءات تسمح بالمراقبة التامة لسير الانتخابات في مكاتب الاقتراع من قبل ممثلي المترشحين.
وقال منسق لجنة مراقبة الانتخابات quot;محمد تقيةquot; لـquot;إيلافquot;، إنّ quot;كل الترتيبات جاهزةquot;، مشيرًا إلى سياج الضمانات المتوفرة لكي تجرى الانتخابات quot;بشكل مريحquot; وquot;في شفافية ونزاهة وحريةquot; على حد تعبيره.

مؤشرات

bull;الهيئة الناخبة: 20.595.683 ناخب
bull;941.455 ناخب مسجل على مستوى الجالية الجزائرية بالخارج.
bull;المسجلون الجدد: 1.684.014
bull;المشطوبون : 685.570