كامل الشيرازي من الجزائر: أفادت مراجع جزائرية، الأربعاء، أنّ السلطات أقرت زيادات جديدة في رواتب الوزراء والولاة، ووُصفت هذه الزيادات بـquot;المعتبرةquot; وأتت بعد أسابيع من زيادات مشابهة استفاد منها نواب غرفتي البرلمان، وفجّر الكشف عن الزيادات المتجددة في رواتب كبار المسؤولين، غضبا شعبيا متأججا، حيث استغرب عدد من الجزائريين تحدثوا لـquot;إيلافquot; إمعان السلطات في زيادات تختص بها كبار موظفيها، في وقت يعاني ملايين الموظفين بسبب رواتب جد متدنية لا يتجاوز سقفها القاعدي 12 ألف دينار (في حدود 120 دولار).

واستنادا إلى معلومات توافرت لـquot;إيلافquot;، فإنّ وزراء الحكومة الجزائرية صاروا يتقاضون رواتب تتراوح بين 330 ألف دينار و335 ألف دينار، بحسب أهمية المنصب الذي يشغله كل وزير، علما أنّ ما كان يتقاضاه الوزراء ظلّ يتراوح خلال الفترة الماضية بين 120 ألف دينار و140 ألف دينار، وهو ما يعني استفادتهم من زيادات قياسية قاربت 190 بالمئة.

بالتزامن، تضاعفت رواتب ولاة الجمهورية إلى حدود الثلث، حيث أصبحت تقدر بـ150 ألف دينار بعدما كانت لا تتعدّ 50 ألف دينار، ولم يتم استثناء مدراء كبرى الإدارات الحكومية من الحظوة، حيث تمّ تمكينهم من زيادات محسوسة في رواتبهم، مع الإشارة أنّ المسألة لا تزال طي الكتمان رغم أنّها تمت بأمر من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، تماما مثل قرار ترسيم تقاضي أعضاء الهيئة التشريعية لرواتب بلغت 300 ألف دينار كل شهر، وبأثر رجعي اعتبارا من مطلع السنة الحالية.

وأطلق مواطنون جزائريون في تصريحات لـquot;إيلافquot;، صيحات غضب واستهجان للخطوة غير المعلن عنها، حيث التقى كل من عبد القادر، سعيد، عمر، والطيب وهم موظفون بشركة مقاولات على سلبية الإجراء وإسهامه في تعميق الشروخ بإعلاء فئة من المجتمع المستفيد، في وقت يعيش ما يزيد عن 4.5 مليون عامل يعيشون على أجر قاعدي لا يتجاوز 12 ألف دينار ما يجعلهم يذوقون الويلات في سبيل الوفاء باحتياجات أسرهم.

ورأى أحمد ومقران الموظفان في محطة نقل عام، أنّ الزيادات تمثل استبعادا لمنطق الإنصاف الاجتماعي كون راتب المسؤول الواحد سعيد الحظ صار يفوق رواتب 30 من مواطنيه quot;العاديينquot; على ما ينطوي عليه الأمر من كاريكاتورية دامعة، كما يراه فريق آخر كيلا للأمور بمكيالين، إذ لا تفهم سعاد السكرتيرة بمؤسسة حكومية، كما لامية وزهية العاملتان بمؤسسة نسيج، quot;اصطناعquot; الحكومة الأعذار لتبرير رفضها أي زيادات في رواتب عمال يتقاضون أجور تقل بثلاث مرات عن رواتب نظرائهم في تونس والمغرب، بينما تمنح الحكومة ذاتها كبار المسؤولين رواتب مجزية وتشكل مفارقة إذا ما قيست بوجود فئة مقهورة من الجزائريين تقتات على أقل من دولار ونصف يوميا.

وثار الجدل ذاته مؤخرا، إثر إقرار السلطات زيادات quot;غير مبررةquot; لرواتب البرلمانيين بنحو 300 بالمئة، وتساءل الرأي العام المحلي وقتئذ كيف للسلطات أن تكافئ نوابا اشتهروا بعجزهم عن نقل معاناة الجماهير، وتميزوا بتزكيتهم العجيبة لسائر المشاريع الحكومية، ويلفت quot;سليمquot; سائق سيارة أجرة، إلى فقدان هؤلاء النواب لشرعية التمثيل الشعبي، طالما أنّ وصولهم إلى البرلمان تمّ رغم امتناع 11 مليون جزائري عن التصويت في انتخابات 17 مايو/آيار 2007، ويضيف أيمن العاطل عن العمل متبرما:quot;كيف للسلطات أن تقنع الرأي العام المحلي بمعقولية زيادتها لرواتب البرلمانيين، على ضحالة ما يقوم به هؤلاء، وتغيبهم عن مختلف جلسات الغرفتين التشريعيتين، حتى في التصويت على المسائل الأكثر أهمية محليا.

وتأتي الزيادات أياما قبل افتتاح النقابات المستقلة إضرابها العام، ما يرفع درجة الحرج عند دوائر القرار إلى أقصاها، في ظلّ التردي الواضح للوضع الاجتماعي وانتشار البطالة، بالتزامن مع اتساع رقعة الفقر الذي يعاني منه 950 ألف عائلة، ما يمثل 22 في المئة من المجتمع الجزائري البالغ تعداده 35 مليون نسمة.