بعثة دبلوماسية مصرية لتفقد السفارة ببغداد تمهيداً لإعادة افتتاحها
وزير المصالحة العراقي يجري حوارات مع معارضين في القاهرة

نبيل شرف الدين من القاهرة: بينما بدأ وفد من الخارجية المصرية زيارة إلى العاصمة العراقية، بغداد، لتفقد مقر السفارة المصرية استعداداً لإعادة افتتاحها، فقد زار القاهرة أكرم الحكيم وزير الدولة العراقي لشؤون المصالحة الوطنية، حيث التقى عدداً من المعارضين العراقيين المقيمين في مصر، غير أن مصادر دبلوماسية أكدت أن الحوار الذي أجراه الوزير مع المعارضين لم يسفر عن إقناعهم بالعودة والانخراط في العملية السياسية. ويقوم الوفد المصري الذي يزور العراق حالياً بتفقد أوضاع مكاتب البعثة الدبلوماسية للوقوف على حالتها الفنية والإدارية ودراسة الأوضاع الأمنية هناك، تمهيدا لعودة البعثة الدبلوماسية مرة أخرى بعد اختطاف السفير إيهاب الشريف وقتله عام 2005 ما دفع القاهرة إلى إغلاق السفارة.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن زيارة الوفد لبغداد تستمر لمدة أربعة أيام ومهمتها بحث متطلبات تأمين مقر السفارة واحتياجات العاملين بها تمهيدا لإعادة تشغيلها، وأضافت المصادر ذاتها أن الخارجية المصرية سوف تعلن في الوقت المناسب أسماء طاقم السفارة بما في ذلك تسمية السفير الجديد بعد الانتهاء من إعادة السفارة للعمل مجدداً. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن مصر كانت أغلقت سفارتها في بغداد وسحبت بعثتها الدبلوماسية عقب خطف ومقتل السفير المصري إيهاب الشريف في الثاني من تموز (يوليو) من العام 2005، ولم يعثر على جثته حتى الآن.

المعارضة والصحوات

من جانبه أكد أكرم الحكيم وزير الدولة العراقي لشؤون المصالحة الوطنية أنه أطلع القيادة المصرية والجامعة العربية خلال هذه الزيارة على المستجدات والأوضاع في العراق، مشيرا إلى زيارة أمين عام الجامعة العربية للعراق quot;حيث أطلعناه على التطورات التي جرت بعد زيارته الأخيرةquot;. وقال وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية العراقي إن الهدف الثاني من زيارته للقاهرة هو الالتقاء بعدد من الشخصيات والقوى العراقية المعارضة في الخارج، حيث تحتضن القاهرة الشخصيات العراقية المعارضة المعتدلة.

وأضاف أن تركيزنا في هذه الزيارة على أن نلتقي شخصيات عراقية من التيار القومي العربي والمستقلين والليبراليين، ونتبادل معهم الرأي بشأن خيارات المستقبل ونشجعهم على أن يستفيدوا من الفرص الموجودة في العراق للمشاركة في العملية السياسية ومنها انتخابات مجلس النواب المقبلة. وحول اعتراف الحكومة العراقية بالمعارضة، قال الحكيم إن لقاءاتنا ومؤتمراتنا تشير إلى أن الحكومة العراقية لا تعترف فقط بالآخر، إنما تتيح له الحوار والتفاهم حول الملفات الأساسية في العراق ربما لا يوجد له نظير في الدول العربية، مشيرا إلى حرص الحكومة العراقية على عقد لقاء أو أكثر في العام بين من يمثل الحكومة العراقية وبين من يمثل القوى خارج العملية السياسية، ويشتركون في ورش عمل ويبحثون ملفات ساخنة، ويتوصلون إلى نتائج ترفع للجهات ذات العلاقة.

وحول الإشكاليات الخاصة بالصحوات، قال أكرم الحكيم إن واحدا من الأهداف للعمليات الإرهابية الأخيرة، خلق حربا شاملة بين الصحوات وبين الحكومة العراقية، موضحاً أن هناك من يريد أن يقول للصحوات إن الحكومة تستهدف تصفيتهم، وهذا أمر خاطئ، فالحكومة قالت منذ البداية إن هناك أفرادا يتعدون القانون من الصحوات مثل الجهات الأخرى، هؤلاء سيحاسبون مثلما حوسب الأفراد من جهات أخرى.

وجدد الحكيم التأكيد على موقف الحكومة بأن الصحوات أثبتت أنها منظومة إيجابية لدعم الأمن في العاصمة بغداد ومناطق أخرى، لكن هناك من يسعى إلى إقناع الحكومة بأن هذه العمليات هي رد فعل للصحوات على ما جرى من محاسبة لبعض عناصرها، ويروج أن الصحوات تتبنى تفجير محلات الأبرياء للدفاع عن بعض مصالحها.. وهناك بعض الفضائيات العربية التي تروج لذلك، لكن كلا التفسيرين خاطئانquot;، على حد تعبير الوزير العراقي.

احتواء البعثيين

أما في ما يتعلق بالموقف من حزب البعث المخلوع، قال أكرم الحكيم إن موقف الحكومة العراقية من حزب البعث والبعثيين يتوازن بين أمرين الأول هو أن هناك مادة دستورية تحظر العمل على حزب البعث في الوقت الحاضر، أما الثاني فهو الموقف من البعثيين السابقين، فإذا كانت عليهم دعاوى في جرائم أو سرقة مال فإن القضاء يقول كلمته، وعدا ذلك فهم مواطنون كباقي المواطنين يجب أن يحصلوا على حقوق المواطنة، وأيضا هناك محاولة للاستفادة من كل الطاقات والخبرات.

وأضاف أن هناك في مجلس النواب بعثيين سابقين وفي رتب الجيش العليا، والأجهزة الأمنية العراقية، بل حتى في مواقع أخرى مهمة في العراق، والخط الأحمر أنه لا يمكن لتنظيم البعث أن يعمل في العراق إلا إذا قرر مجلس النواب الذي يضم ممثلي الشعب أن يغير هذه المادة. وحث أكرم الحكيم وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية العراقي البعثيين على أن يراجعوا تاريخهم بين عامي 1968 و2003 ويتبرأوا من الجرائم التي ارتكبت في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين، وأن يفرزوا المجرمين من صفوفهم ولكن ما هو حق لهم يحصلون عليه كباقي المواطنين العراقيين.

وحول احتمال عقد مؤتمر جديد للمصالحة العراقية في القاهرة مجدداً، قال الحكيم: quot;إن الجامعة العربية كان لها شرف المبادرة الأولى لعقد مؤتمر الحوار الوطني العراقي في القاهرة عام 2005 تحت رعاية الرئيس حسني مبارك، ما بعد ذلك هناك تعاون مستمر في عقد أي لقاء أو مؤتمر للمعارضين، على سبيل المثال فإن ممثل الجامعة العربية في بغداد كان عضوا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني للقوى السياسية العراقية الذي عقد قبل عام، في مؤتمرات المستقبل تعهدنا للجامعة العربية بأنها ستشارك بشكل فعال وإيجابي، ولكن حتى الآن لا يوجد موعد محدد لمؤتمر جديد.

وحول استمرار تدخل دول الجوار في الشأن العراقي، قال الحكيم إنه عندما سقط النظام السابق في 9 إبريل 2003 حدث فراغ أمني وسياسي في العراق، بسبب أخطاء القوات الأميركية والمتعددة الجنسيات وهذا الفراغ استغل من دول الجوار لمد نفوذها وتأمين مصالحها حتى لو على حساب مصالح العراق. وأضاف أن هناك سياسة معتمدة للحكومة العراقية تقوم على إقامة علاقات متوازنة تقوم على أساس الاحترام المتبادل وتأمين المصالح المشتركة، نشاهد استجابة في بعض الأحيان، نشاهد مشاكل، نحن نحرص على أن تكون لنا علاقات متوازنة مع كل دول الجوار والدول الأخرى غير المجاورة.