إيلاف: خصصت صحيفة quot;التايمزquot; اللندنية في عددها الصادر الاثنين تقريرا مطولا تحدثت خلاله عن متغيرات الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في فرنسا، مع قرب احتفال البلاد بحلول الذكري الثانية لوصول الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي إلى قصر الإليزيه يوم الأربعاء. وفي مستهل حديثها، كشفت الصحيفة عن أنه بالرغم من عدم اعتزام ساركوزي الاحتفال بتلك المناسبة، لأنه لا يحب إحياء الاحتفالات السنوية، إلا أن الحكومة الفرنسية تقوم خلال هذه الأثناء بتقييم فترة رئاسته الغريبة الأطوار التي وُلِدت على آمال كبيرة، وتتمرغ الآن في حالة عميقة من التراجع الشعبي.

وقالت الصحيفة أنه وبحسب استطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة quot;متروquot; المجانية في باريس ونشرت نتائجه بعددها الصادر اليوم، فإن نسبة 63 % من الفرنسيين وصفوا الفترة التي قضاها ساركوزي إلى الآن في الإليزيه وهي 24 شهر بالفترة quot;الفاشلةquot;، في حين عبر 28 % فقط عن آراء إيجابية في هذا الشأن. وأرجع ساركوزي حالة السخط الشعبي هذه إلى موجة الكساد العالمي التي ضربت فرنسا في الوقت الذي كان يأمل فيه أن يرى نتائج ذات مردود جيد المستوى. في غضون ذلك، أكدت الصحيفة أنه كان محقا ًإلى حد ما، لأن حالة التراجع أدت في الوقت الحاضر إلى هدم رؤيته الخاصة بمساعي تجديد وإنعاش حيوية البلاد. كما أن وعود ساركوزي المماثلة للوعود التي كانت تتخذها رئيس الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، بمكافأة المجدين في العمل بالرخاء أصبحت وعود جوفاء عندما عادت فرنسا المذعورة إلى حالة النجدة في مواجهة معدلات البطالة المتنامية.

هذا وقد تولدت حالة الإحباط لدى الشعب من ساركوزي نتيجة أسباب عدة يأتي على رأسها ( مفهوم عجزه أو ابتعاده عن مساعدة الأغنياء ndash; وأساليبه الاستبدادية بالإضافة للأسلوب الجديد تماما الذي أدخله على الرئاسة الملكية ). وبدلا ً من العودة إلى القصر والقيام على الأقل بمحاكاة مسافة مرتفعة عن حكومته، شكّل ساركوزي quot; حالة رئاسية مفرطةquot; ndash; من خلال إدارته لشؤون البلاد عبر حفنة من المستشارين والتصرف في بعض الأحيان كمذيع تليفزيوني راض عن ذاته أكثر من كونه مسؤولاً عن البلاد. وأشارت الصحيفة في الوقت ذاته أيضا ً إلى أن ساركوزي قام أيضا ً بتكثيف ثقله على الساحة بعد الانتقادات التي تعرض لها في استطلاعات الرأي قبل أن يتمم عامه الأول في الإليزيه، ومع هذا لم تهضم فرنسا حتى الآن تلك الوضعية، التي تجسدت في قصة حبه الخاطفة مع كارلا بروني ، المطربة والعارضة الإيطالية السابقة.

ولا يزال ساركوزي فاشلا ً حتى اللحظة في تغيير ما يُنظر إليه على أنه الجانب المبتذل في شخصيته، المتمثل في اللغة العامية التي يستخدمها وشغفه باتخاذ جعات رديئة مع أصدقائه وزملائه من القادة، من خلال التعليقات التي تصل بصورة سريعة إلى وسائل الإعلام. كما يغذي هذا النمط العدواني الشعور بالظلم الذي حوَّل السيد ساركوزي إلى شخصية مكروهة بالنسبة لخصومه، وبخاصة من جانب اليسار، ونقابات المعلمين، والطلاب، والعاملين في قطاع الدولة. لكن صخب التظاهرات وانتهاك حقوق العامة يمثل قناعا ً للائتمان بأن أقلية كبيرة ستعطي ساركوزي فرصة الالتصاق بالثورة التي سبق له وأن وعد بها.

ولم يخفِ ساركوزي حقيقة مساعيه الرامية إلى الفوز بفترة رئاسية ثانية في عام 2012.مع التأكيد على حقيقة عدم وجود أي أسباب تجعله يشعر باليأس بشأن تراجع معدلات شعبيته، فاستطلاعات الرأي تُظهر أنّه حتى في حالة إعادة انتخابات عام 2007 مرة أخرى الآن، فإن ساركوزي سيفوز بكل سهولة أيضا ًعلى حساب جميع منافسيه من الجولة الأولي، في حين ستكون الجولة الثانية من انتخابات الإعادة ndash; بالرغم من ذلك - وشيكة الحدوث للغاية.

ترجمة: أشرف ابو جلالة