فجر مشاكل الرعايا المصريين والإسلاميون إستغلوه لدعم النقاب
التايم: حادث مقتل الشربيني يضع الحكومة المصرية على المحك

إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: ما زال حادث مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني على يد ألماني متطرف من أصل روسي في إحدى محاكم الدرجة الثانية في مدينة دريسدين الألمانية مطلع الشهر الجاري، يلقي بظلاله الواسعة على الصعيدين المحلي والعالمي. ففي الوقت الذي تواصل فيه الصحافة المصرية وبعض من وسائل الإعلام الألمانية وكذلك الأوروبية متابعتها لمستجدات الحادث أولاً بأول، تعد مجلة التايم الأميركية تقريرًا مهمًا ترصد فيه عدة أمور ومجموعة من القضايا التي لم تكن لتتفجر لولا وقوع هذا الحادث الأليم. في مستهل حديثها، تقول المجلة إن واقعة قتل الشربيني، التي تبلغ من العمر 32 عامًا، طعنًا بالسكين بأحد المحاكم الألمانية قبل عدة أيام، جاء ليثير موجة غضب عارمة في مصر، ما جعل الصحافة المحلية تُقدم على تلقيبها بـ quot;شهيدة الحجابquot;.

وتشير المجلة في الوقت ذاته إلى أن الجميع في مصر الآن بدءًا من الإسلاميين وانتهاءً بالمسؤولين الحكوميين بدؤوا يعتبرونها رمزًا لقضيتهم، ويمكن القول إن وفاة الشربيني بدأت تنتقل من مرحلة المأساة الصادمة إلى سلاح الدين والسياسة. وتؤكد المجلة في السياق ذاته إلى أن ما زاد الطين بلة الآن، وفقًا لرأي كثيرين، هي حالة عدم اللامبالاة التي تلتزمها الصحافة الغربية تجاه الواقعة ndash; فقد تجاهلتها في البداية الصحف الألمانية، بينما لاقت اهتمامًا واسعًا في عدد من الصحف بدول أخرى بعد ذلك. كما جاءت إصابة زوجها على يد قوات الأمن خلال محاولته إنقاذها لتضفي على الحادثة أبعادًا أخرى، في الوقت الذي لم تتقدم فيه ألمانيا باعتذار رسمي، واكتفت المجلة في هذا الشـأن بالتلميح إلى تقديم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل لتعازيها إلى الرئيس المصري حسني مبارك خلال لقائهما بقمة الثماني في إيطاليا يوم الخميس الماضي.

وتقتبس المجلة هنا عن أحد كتَّاب الأعمدة الصحافية في صحيفة دايلي نيوز إيجيبت اليومية المصرية التي تصدر باللغة الإنكليزية، قوله :quot; إذا ما كان الشخص المعتدي في تلك الواقعة شخصًا مسلمًا ndash; كما ظن الحرس في البداية ndash; لكانت قد تصدرت القصة عناوين الصحف الرئيسة... وكان سيتناسب ذلك تمامًا مع صورة المسلمين التي يُروج لها على اعتبار أنهم عدوانيين، ووحشيين، وغير محتضرينquot;. وفي الوقت الذي جاءت فيه ردة الفعل الخاصة بحادث مقتل الشربيني متقدةً في مصر، لم يسر الجميع في الموجة المستعرة نفسها. حيث تنقل المجلة عن سائق تاكسي يدعى، محمد أبو مريم، قوله :quot; لماذا يُطلق بعضهم شعارات يقولون فيها ( الموت لألمانيا ) ؟ - ولماذا نُحمِّل بلداً مسؤولية تصرفات أحد الأشخاص؟ quot;. لكن لكثيرين، أصبحت الشربيني شهيدة متوافقة، ووسيلة سهلة وعاطفية لتحقيق غاية ما ndash; أو لصرف الانتباه عن بعض المشاكل التي تعاني منها مصر على الصعيد الداخلي.

وفي حديث له مع المجلة، قال حسام الحملاوي، صحافي مصري وصاحب مدونة عرباوي :quot; لقد بدأ الإسلاميون في مصر استغلال تلك الحادثة في الترويج للحجاب، وليس لحق المرأة في ارتداء ما يحلو لها. بل جاء تناولهم للواقعة من منطلق الدفاع عن الحجابquot;. كما تشير المجلة إلى أن الوضعية البطولية التي ظهرت عليها الشربيني في الصحافة المصرية بدت إلى حد كبير لتُستمد من عزمها على ارتداء الحجاب فيما تم وصفه على أنه مشهد للسخرية القاسية والعنصرية. فيما اعتبرت المجلة من جانبها في شأن آخر ذو صلة، أن وفاة الشربيني أصبحت السلاح الأحدث في مواجهة موجات الجدل التي أثيرت في أعقاب التعليقات التي أدلى بها مؤخرًا الرئيس الفرنسي، نيكولاس ساركوزي، بخصوص الحجاب. كما حرصت المجلة على الإشارة إلى التعليق الذي كتبه أحد الأعضاء في مجموعة quot;الدفاع عن حقوق الراحلة مروة الشربينيquot; على الفايس بوك، حيث قال :quot; يدعم هذا العمل الجبان العديد من السياسيين الغربيين أمثال ساركوزي... وعلينا أن نتصدى لمثل هذا العمل غير الإنسانيquot;.

ورأت المجلة في محور آخر أن الجزء الأكثر بروزًا من قضية لباس المرأة هذا هو اعتبار الشربيني رمزًا للإسلام في المواجهة المتصورة ما بين العالم الإسلامي والغربي. وتنقل هنا المجلة عن أحد الأعضاء بمجموعة ( مروة الشربيني quot;الشهيدة المسلمةquot; ) على الفايس بوك، تعليقه بالقول: quot;تعتبر مروة شهيدة للإسلام وستتحقق العدالة يوم القيامةquot;. وفي إشارة ذات مغزى، حرصت المجلة في الوقت ذاته على الإشارة إلى أن إيران - التي تعد خصمًا تقليديًا لمصر - أقامت جنازة رمزية للشربيني في طهران يوم الجمعة الماضي، كما قامت باستدعاء السفير الألماني في وزارة الخارجية للاستماع إلي احتجاج إيران الرسمي على هذا الحادث.

وعلى صعيد آخر، أكدت المجلة أن حادث مقتل مروة الشربيني فجَّر قضية الاهتمام الحكومي بالرعايا المصريين داخليًا وخارجيًا. حيث قالت إن بعضهم إتَّهم الحكومة المصرية أيضاً باستغلال مأساة الراحلة لتحقيق مصالحها الشخصية. فبعد وقوع الحادث، بدأت منظمات حقوق الإنسان والصحافة المحلية في التحدث عن الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المصرية المهاجرة في دول منطقة الخليج، وذلك في الوقت الذي يبدو أن الحكومة تغض فيه الطرف عن ذلك. ويضيف الحملاوي هنا قائلاً :quot; تحاول الحكومة أيضًا اللعب على أوتار تلك الحملة، وتحاول أن تقدم نفسها بداخل إطار الوطنية بشأن الدفاع عن المصريين بالخارج. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا يقدمون للمصريين الذين يعملون في الخليج ويلقون في واقع الأمر المعاملة نفسها، إن لم تكن أسوأ؟quot;.

وفي النهاية، تختم المجلة حديثها بالإشارة إلى أن الشربيني باتت تمثل، وفقًا لمنظور رجل الشارع العادي، منفذًا سهلاً للإحباط المصري. ويقول بعضهم إن حادث وفاتها جاء لصرف الانتباه عن الانتهاكات الأكثر خطورة للنظام الاستبدادي في البلاد. ونقلت المجلة هنا عن المدون المعروف محمود سالم، قوله :quot; الأمر برمته مجرد شيء غبي. لكنه أمر ملائم. وتعد تلك الحادثة فرصة للحصول على موجة غضب وهمية لأنها تبقي على انشغال المصريينquot;. وحتى الآن، لا يزال الأثر النهائي لحادث وفاة الشربيني أمرًا غير مؤكد، لكن الأمر الواضح الآن هو أن مصر ستواصل اعتبار الصيدلانية القتيلة شهيدة، ما دام شخصًا أو مجموعة ما ترى أن ذلك أمر مفيد. ويشير الحملاوي في هذا الشأن بقوله :quot; قد يسير النقاش الدائر الآن حول تلك القضية في أي اتجاه. ويعتمد ذلك على الجهات الفاعلة على أرض الواقع ... وكذلك الطريقة التي سيقومون من خلالها بحشد تداعيات القضيةquot;.