لقاء بين وزيري خارجية مصر وإيران على هامش قمة عدم الانحياز
القاهرة: الخلاف مع طهران موضوعي ولقاء الوزيرين بروتوكولي

نبيل شرف الدين من القاهرة: في أول تعقيب رسمي من قبل القاهرة حول مغزى اللقاء الذي جرى بين وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ونظيره الإيراني منوشهر متكي يوم الاثنين على هامش اجتماع وزراء خارجية دول عدم الانحياز في منتجع quot; شرم الشيخ quot;، صرح حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بأن المؤتمرات الدولية بشكل عام دائما ما تسودها الروح الايجابية وتشهد مثل هذا النوع من اللقاءات البروتوكولية عادة. ومضى المتحدث المصري قائلاً إن هذا النوع من اللقاءات موجود وقائم.. والعلاقة بين الوزيرين هي علاقة شخصية وإنسانية طيبة، ولا ترتبط بالضرورة بوجود خلافات سياسية أو اختلافات في وجهات النظر، وأضاف أن هذا أمر لا يجب تحميله أكثر مما يحتمل لأن الخلاف المصري مع أي طرف لم يكن أبدا خلافاً شخصياً، لكن دائما ما تكون اختلافات مصر مع أي طرف على سياسات أو وجهات نظر معينة، وبالتالي لا يجب تأويل المسائل بشكل أكبر مما تحتمل.

ورداً على سؤال حول العلاقة بين مصر وإيران خلال المرحلة المقبلة قال حسام زكي إن العلاقات بين مصر وإيران هي علاقات قديمة وشهدت هذه العلاقات في الفترة الأخيرة الكثير من التجاذبات والتوتر كما تعلمون بعد فترة كانت الأمور فيها تميل إلى الهدوء والى استعادة الطبيعية إلى هذه العلاقاتquot;. ورأى زكي أن الأنظار تتجه إلى هذه العلاقة مرة أخرى، وهناك آمال معقودة لدى كل من يتمنى الاستقرار للمنطقة، ووجهة نظر مصر واضحة في ما يتعلق بالسلوك السياسي الإيراني في المنطقة وكيفية التعامل مع هذه الأمور، وأوضحناها في أكثر من مناسبة سواء للإيرانيين أو عندما نقول رأينا في هذه الأمور بشكل عام، وبالتالي لا داعي لتأويل الأمور أكثر مما تحتمل أو أن نبالغ ونهول من حجم الخلاف ونصفه بأوصاف ليست صحيحة، وهناك اختلافات تحدثنا عنها في الماضي والجميع يعرفها بما في ذلك الإخوة في إيران أنفسهمquot;.

نووي إيران

وتابع المتحدث المصري تصريحاته قائلاً quot;إن مثل هذه المسائل ليست شخصية، بل موضوعية، بمعنى أنه عندما تكون هناك اختلافات في وجهات النظر بين بلدين بحجم مصر وإيران فهذه أمور لها علاقة بالسياسة، غير أن اللقاءات من هذا النوع هي إيجابية وجيدة بطبيعة الحال، لكن لا يجب التأويل في تضخيمها أكثر مما ينبغي.

وحول اجتماع عدم الانحياز وملف إيران النووي ومشكلتها مع الغرب قال إن الموقف المصري من الملف النووي الإيراني موقف معلن وواضح وسبق أن قلناه لكل الدول ذات الاهتمام بما في ذلك إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو موقف مصري واضح يقوم على أساس أن دولة إيران مثل أي دولة عضو في معاهدة منع الانتشار من حقها أن تتمتع بكل ما توفره هذه المعاهدة من مزايا للدول الأعضاء فيها، وخلاف هذا هو أمر يخضع للوكالة الدولية، ونحن لدينا أيضا مواقفنا في هذا الصدد.

وحول نزع السلاح قال المتحدث باسم الخارجية المصرية إنه بالاطلاع على البيان الختامي والوثيقة الختامية سنجد أن هناك عدة فقرات تعكس موقفا موحدا لحركة عدم الانحياز من هذا الموضوع، أما بشأن مطالب بعض الدول بصدور بيان يحافظ على سيادة الدول في المناطق المتنازع عليها قال إن هناك فقرة في البيان الختامي بهذا المعنى.

قصة العلاقات

ومنذ قطع العلاقات بين مصر وإيران بعد لجوء الشاه رضا بهلوي إلى القاهرة عام 1979 مرت العلاقات بين القاهرة وطهران بمرحلة توتر طويلة قبل أن تشهد خلال العامين الماضيين محاولات خافتة النبض لإصلاح ذات البين بين الدولتين الكبيرتين اللتين تتمتعان بثقل استراتيجي في المنطقة. غير أن هذه المحاولات اصطدمت في أغلب الأحيان بمناخ عدم الثقة السائد بين العاصمتين، وصراع التيارات وتباين وجهات النظر حول جملة من القضايا.

وظلت العلاقات المصرية الإيرانية تمضي فوق لجمة التطبيع التي شهدت عبر التاريخ محطات مختلفة منذ قبل قيام حركة 23 تموز (يوليو) حين جمعت المصاهرة عائلة محمد علي في مصر بعائلة شاه إيران، لكنها انتقلت مع حركة يوليو إلى مرحلة التوتر، حيث كان الموقف المصري مناهضا للسياسة الأميركية وإسرائيل بينما كانت quot;إيران ـ الشاهquot; قاعدة لهما في المنطقة، ومن عقدي الخمسينات والستينات إلى مرحلة السبعينات التي شهدت التغيير الكبير في التوجهات المصرية، بالصلح مع إسرائيل وتعميق أكبر في العلاقات الأميركية، مقابل انقلاب تام في إيران باتجاه إسرائيل وأميركا بمجيء الثورة الإيرانية، هذا التناقض في التوجهات الأيديولوجية وصل إلى ذروته في الخلاف بين البلدين باستقبال السادات لشاه إيران لاجئا في وقت لفظه فيه العالم كله. ثم مر عقد الثمانينات دون حدوث أي تقدم في مسار العلاقات، وحلت التسعينات لتلقي بكرة التحولات الدولية والإقليمية في مرمى المنطقة مجدداً.