مغزى خطبة رفسنجاني في جامعة طهران

إعداد عبدالاله مجيد: تناولت صحيفة quot;الغارديانquot; في إفتتاحيتها يوم السبت خطبة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني في جامعة طهران يوم الجمعة والتظاهرات التي اعقبتها بمشاركة آلاف من انصار المعارضة. وجاء في الافتتاحية: تُوظَّف صلاة الجمعة في جامعة طهران عادة في خدمة نظام الحكم. ومن هذا المنبر قال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي لمئات الألوف من المحتجين على الانتخابات المسروقة قبل شهر أن يبتعدوا عن الشوارع. وأعقبت ذلك احتجاجات جماهيرية ومزيد من سفك الدماء. اما صلاة يوم أمس فهي قطعا لم تكن منبرا للمرشد الأعلى أو لرئيسه المحكوم عليه بالفشل محمود احمدي نجاد الذي غاب عن الصلاة.

واحد من أقوى منافسي آية الله ، رجل الدين ذو النفوذ الواسع والرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني ، هو الذي اعتلى المنبر. وكان مير حسين موسوي ، المرشح الذي ادعى انه هزم السيد احمدي نجاد ، جالسا في الصف الأمامي. كما حضر الخطبة مهدي كروبي ، رجل الدين الاصلاحي. لعل كلمات السيد رفسنجاني لم تُبث مباشرة على التلفزيون لكنها سرعان ما ذاعت عبر الراديو وعالم المدونات والتويتر بالفارسية والانجليزية. ويشكل الرجال الثلاثة فيما بينهم الآن كتلة جماهيرية صلبة معارضة.

لا أحد يعرف ماذا سيحدث تاليا في ايران ـ ويُخال للمرء ان أول مَنْ لا يعرف هم اللاعبون الرئيسيون. ولكن خلاصتين عريضتين تنبثقان من استمرار الغليان السياسي. الخلاصة الاولى ان المرشد الأعلى فقد سموه. ففي تلك الخطبة الكارثية التي القاها الشهر الماضي فرط آية الله بالكثير من هيبته ، ولم يعد مرشد الثورة أو حامي معاييرها الاسلامية أو حتى السياسي الذي كان يوازن بحصافة بين مجموعة مصالح متضاربة مع مجموعة مصالح أخرى. فان آية الله لم يقف صراحة وراء مرشح مطعون به فحسب بالقول ان هامش فوزه أكبر من ان يكون عرضة للتزوير بل انه بحظره حركة احتجاج جماهيرية تُفرَّق في الشوارع بالهراوات والرصاص والغاز المسيِّل للدموع ، أبعد نفسه عن ملايين المواطنين الذين كانوا يدينون له بالولاء. انه ارتكب خطأ فادحا وربما خطأ لا يمكن اصلاحه بعدم بقائه فوق الخصومات.

الخلاصة الثانية تتمثل في ان نظام الحكم إذا لم يتغير فان سطوة مؤسساته سوف تستمر في الاضمحلال. ولا تمكن أهمية الخطبة التي القاها السيد رفسنجاني في ما قاله فحسب رغم ان ما قاله كان واضحا بما في الكفاية ، وهو الإقرار علنا بأن البلد في أزمة داعيا الى الوحدة والافراج عن المعتقلين السياسيين بل الطريقة التي شفع بها هجومه على حكام اليوم مستندا الى قيم الجمهورية الاسلامية ومرشدها الأعلى السابق آية الله الخميني. وعندما قال السيد رفسنجاني ان آية الله الخميني لم يفصم قط الآصرة التي كانت تربطه بالشعب الايراني بات واضحا مَنْ الذي فصمها. وكما لاحظ احد المراقبين ، كان الأمر كما لو ان رفسنجاني يطمح في منصب المرشد الأعلى نفسه. يمكن اعادة السلام الى شوارع طهران بالقوة ولكن التحدي الذي طرحته كلمات السيد رفسنجاني سيبقى.