اعداد أشرف أبوجلالة: لازالت تتوالى التبعات وردود الفعل تجاه ما أثارته وسائل إعلام بريطانية وإسرائيلية قبل أيام حول عبور سفن حربية إسرائيلية في قناة السويس، وربط ذلك بمناورات يتم التجهيز لها من جانب القيادة السياسية في تل أبيب لشن هجوم على منشآت إيران النووية. وفي هذا السياق، تبرزصحيفة quot;لوس أنغليس تايمزquot; في تقرير لها عدة جوانب جاءت انعكاسا ً لطبيعة التكهنات والتسريبات التي حامت حول هذا الأمر، فتقول الصحيفة أن المهمة التي كُلفت بها تلك السفن أثارت التكهنات بأن إسرائيل تسعى لنقل رسالة خاصة بقدراتها العسكرية إلى إيران، والعمل على إعطاء انطباع بأن هناك سبل تعاون وطيدة بينها وبين مصر فيما يتعلق بمواجهتهما للتهديدات الأمنية الإقليمية.
وتشير الصحيفة إلى أنه وبالرغم من عدم تحدث الحكومة الإسرائيلية إلا بالقليل عن أسباب عبور هاتين السفينتين ومن قبلهما الغواصة من خلال قناة السويس، إلا أن تلك العملية قد أتت في الوقت الذي يتزايد في الإصرار لدى الجانب الإسرائيلي على إيقاف برنامج إيران النووي. وهو ما اعتبرته الصحيفة أمرا ً متوافقا ً مع المحاولات التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نيتنياهو، للربط ما بين القرار الخاص بالصراع الإسرائيلي ndash; الفلسطيني وبين اتفاقات من الدول العربية لمساعدة إسرائيل على مواجهة الخطر الإيراني. ثم انتقلت الصحيفة لتشير إلى ما تردد في وسائل الإعلام عن أن هاتين السفينتين ( إيلات ndash; هانيت ) قد أبحرتا عبر قناة السويس متجهتين صوب البحر الأحمر هذا الشهر للمشاركة، كما أعلن، في مناورات مع القوات الأميركية لمنع تهريب الأسلحة إلى داخل قطاع غزة. وأن الغواصة القادرة على حمل رؤوس نووية قد عبرت قناة السويس في نهاية شهر يونيو / حزيران الماضي للمشاركة في تدريبات بحرية.
لكن وبالرغم من ذلك، فقد ذهب محللون إسرائيليون لما هو أبعد من ذلك بكثير، ليكشفوا النقاب عن أن إسرائيل قد تتمكن من استخدام القناة في الوصول بشكل سريع إلى الخليج الفارسي وكذلك المياه الإقليمية الإيرانية. كما نوهت الصحيفة إلى ما كتبه رون بين ndash; ييشع، الخبير الدفاعي الإسرائيلي، بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قبل أيام عن أن المهمة التي تم تكليف هاتين السفينتين بها تدلل على حقيقة تحسن العلاقة الإستراتيجية ما بين مصر وإسرائيل. وتابع بالقول :quot; يجدر بإدارة أوباما أن تلاحظ بارتياح مرور الغواصة الإسرائيلية عبر قناة السويس وأن تعتبر ذلك كدليل على أن ما تبذله من جهود في سبيل تحقيق التعاون الإقليمي لدرء الخطر الإيراني قد بدأ يؤتي بثمارهquot;.
ثم عاودت الصحيفة لتشير إلى أن مصر لا تنظر إلى الأمر بمثل هذا الشكل، أو أنها لا تتحدث عنه علنا ً على أقل تقدير. وقالت أن القاهرة، التي وقعت على اتفاقية كامب دافيد ومعاهدة السلام الإسرائيلية ndash; المصرية في أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي، تتصدى لوابل من الانتقادات العربية على مدار سنوات على خلفية ما يقال عن أنها قريبة جداً للمصالح الأميركية والإسرائيلية. لكن شأنها شأن إسرائيل، تشعر مصر بالقلق حيال طموحات وتطلعات إيران النووية، كما أصيبت بالغضب نتيجة لما تحظى به طهران من نفوذ لدى حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة.
إلى ذلك، تقول الصحيفة أن مصر وإيران يحاولان إصلاح العلاقات، لكن القاهرة لازال أمامها الكثير كي تضع ثقتها في حكومة ترى أنها تسعى لتقويض وضعيتها في الشرق الأوسط. كما تنوه الصحيفة للتصريحات التي سبق وأن أكد خلالها وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، على أنه يمكن لأي سفينة استخدام الممر المائي الذي يربط ما بين البحر الأحمر والأحمر المتوسط طالما أنها لا تعرض بلاده للخطر. وأشارت الصحيفة إلى أن الوزير تحفظ في تعليقاته التي أدلاها في هذا الصدد، ولم يتحدث عن علاقة مصر بإسرائيل، التي كانت شائكة منذ التوغل الإسرائيلي لقطاع غزة في يناير الماضي. كما سبق للقاهرة وأن وجهت انتقاداتها لحكومة نيتيناهو المحافظة بعد أن اتهمتها بأنها تقوِّض عملية السلام الإسرائيلية ndash; الفلسطينية.
ثم انتقلت الصحيفة لتقول أنه وبالرغم من التحفظ الذي أبداه أبو الغيط في هذا الشأن، إلا أن ذلك لم يمنع بعض الأصوات السياسية المعارضة من التعبير عن سخطها، بقولها أن القاهرة تعاملت بدفيء شديد للغاية مع الدولة اليهودية. ونقلت الصحيفة في هذا الإطار عن سيد خليفة، النائب بمجلس الشعب المصري نيابة ً عن كتلة الإخوان المسلمين، قوله :quot; كيف تسمح السلطات المصرية بحدوث أمر مثل هذا في وقت تثبت فيه إسرائيل كل يوم أنها تخرق معاهدة كامب دافيد للسلام؟ ( في تلميح واضح لما ترتكبه إسرائيل من جرائم داخل قطاع غزة ) وكيف يمكن لتلك المعاهدة أن تستمر في المقام الأول بعد كل هذه الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بصفة يومية؟ quot;.
ورأت الصحيفة في النهاية أن ما أثير مؤخرا ً في وسائل الإعلام ( سواء الإسرائيلية أو الإيرانية ) بخصوص موجات الجدل والتكهنات التي نشبت في أعقاب الكشف عن مرور سفن إسرائيلية عبر قناة السويس، وما تلى ذلك من موجات جدل أخرى بسبب التصريحات التي أدلى بها مؤخرا ً نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال زيارة له بالشرق الأوسط، والتي أكد فيها على حق إسرائيل في حماية نفسها إذا شعرت بتهديد من جانب إيران، كل هذا أتى ليترك مصر في موقف حساس، لرغبتها في عدم الظهور وكأنها تساعد إسرائيل، في الوقت الذي يسعى فيه أبو الغيط للتوصل إلى درجة من التقارب مع طهران. وهنا، نقلت الصحيفة عن أحمد عبد الحليم، محلل سياسي وجنرال مصري متقاعد، قوله :quot; أختلف تماما ً مع أي مزاعم تتحدث عن أن مصر سمحت للسفن بالعبور في محاولة لإبلاغ إيران بأن بإمكان مصر وإسرائيل أن يعملا ويتعاونا سويا ً ضد التهديد الذي تمثله الجمهورية الإسلامية في المنطقة. جميعنا يعرف أن هناك توتر في العلاقات المصرية ndash; الإيرانية، لكن القيادة المصرية أكثر حنكة من أن تُقدم على استفزاز إيران بأمر مثل هذاquot;.
التعليقات