فالح الحمراني من موسكو: أفاد تقرير صادر عن معهد الشرق الأوسط في موسكو بأنّ اليمن كان وسيظلّ، بالنسبة إلى القاعدة، نقطة استراتيجية مهمّة، حيث وضعت لتحرّكها ونشاطها برنامجًا دقيقًا مرسومًا يهدف إلى السيطرة على الوضع. وأفاد التقرير بأنّ القاعدة تستخدم اليمن لنقل المقاتلين للمشاركة في العمليات القتالية في أفغانستان والعراق وشرق إفريقيا والشرق الأقصى. وأضاف أنّ القاعدة تعتمد في اليمن على جملة من العوامل والوسائل تساعدها على ترسيخ أقدامها هناك.

كما أشار إلى أنّ القاعدة وجدت بيئة مناسبة لها في اليمن بفعل عدّة عوامل منها أنّ زعيم القاعدة أسامة بن لادن متحدّر من أصول يمنيّة، كما أنّ المتطرّفين الإسلاميّين في اليمن يتمتّعون بخبرات قتاليّة حصلوا عليها من خلال مشاركتهم في العمليات العسكرية في المناطق الساخنة التي خاضوا الحرب فيها بما في ذلك العراق، فضلاً عن وجود أنصار ومتعاطفين معهم في أجهزة الأمن ساعدوا على هروب زعيمهم ناصر الوحشي المعروف بأبي بصير ومجموعته من السجن وأتاحوا لهم المجال في إعادة تأسيس شبكة القاعدة والاتّصال برؤساء القبائل في جنوب البلاد واستثمار عدم رضاهم على السلطة المركزيّة.

كما يشهد على تعزيز القاعدة لمواقعها في اليمن، حسب التقرير، أنّها أصبحت تستخدم في عمليّاتها انتحاريّين مدرّبين جيّدًا. وأضاف التقرير أنّ الإسلاميّين عزّزوا في السنتين الأخيرتين مواقعهم في اليمن، وأنّهم أظهروا الاستعداد والمهارة على تنفيذ أعمال إرهابية خطرة وتبنَّوا إيديولوجيّة quot;الجهاد على نطاق عالميquot;. وأضاف: quot;إنّ الوحشي ينتهج سياسة مرنة في المنطقة سعيًا إلى نيل دعم زعماء القبائل في جنوب البلاد واستخدام سخطهم على السلطة المركزية في صنعاء لما يصبّ في مصلحة أهدافهquot;.

وقال إنّ المتطرّفين الإسلاميين استعملوا سابقًا وسائط النقل المفخّخة،الأمر الذيأدّى إلى وقوع عدد كبير من الضحايافأثار احتجاج شرائح اجتماعية واسعة. وكان الانتحاري عبد الرحمن مهدي القاسم قد فجّر نفسه في مارس/آذار 2009 بين سوّاح كوريّين جنوبيّينالأمر الذيأسفر عن مقتل 4 بينهم الانتحاري اليمني. وأضاف التقرير: quot;إنّ الإسلاميين أعلنوا بعد العمليّة مباشرة أنّ الهدف من قتل الأجانب يستهدف حكومة كوريا الجنوبية لتعاونها مع واشنطن في مكافحة الإرهاب، وكذلك لدور السوّاح في تخريب أخلاق المسلمين. وطالت العمليّة الإرهابية الانتحاريّة الثانية الوفد الكوري الجنوبي الذي وصل إلى اليمن للتحقيق في ملابسات العمليّة المذكورة. وعلى الرغم من أنّه لم يسفر عن وقوع ضحايا ما عدا الانتحاري، إلاّ أنّ القاعدة أظهرت إمكاناتها في إنزال ضربة quot;دقيقةquot; بأهداف ذات مستويات متعدّدةquot;.

الدّعاية والإعلام

إلى ذلك، أضاف التقرير أنّ القاعدة في اليمن تولي باستراتيجيّتها أهميّة كبيرة للدعم الإعلامي لعملياتها الإرهابية عبر محافل الإسلاميّين ومجلّة quot;صدى الملاحمquot; الإلكترونية التي يصدرها المتطرّفون حيث تقدّم عرضًا للأهداف المرسومة. وقد وضعت القاعدة في اليمن لها أهدافًا محدّدة تتمثّل بنظام الرئيس علي صالح الذي تصفه بـquot;المرتدّquot; وكذلك بـquot;مصالح الغربquot;. وشغلت الدعاية مكانةمهمّة في استراتجيّة القاعدة في اليمن، وهذا ما تعكسه المقالات المنشورة في مجلّة quot;صدى الملاحمquot; الموجّهة إلى شرائح واسعة، حيث تنشر المواد التي تسعى من خلالها لكسب دعم أبناء القبائل.

وقال التقرير إنّ الوضع السياسي المعقّد في اليمن يعتبر أحد الأسباب الذي يجعل القاعدة تسعى إلى استخدامه لتقوية مواقعها في البلد. ففي أجزاء الجنوب الفقيرة والمتخلفة، غالبًا ما تندلع أعمال الاحتجاج التي تقوم السلطات المحليّة بسحقها بقسوة. وتقدّم القاعدة، كما حدث في محافظات لحج وابيان وحضرموت في الربيع الماضي، الدّعم للمحتجّين وتؤكّد لهم أنّ الإسلام لا يحرّم الدّفاع عن النفس.

وأضاف: quot;إنّ القاعدة تشنّ في اليمن حملة دعائيّة عدوانيّة وتصحبها بأعمال إرهابيّة إستعراضيةquot;. وأصبحت أهدافها السوّاح الأجانب ومنشآت استخراج النفط وسفارات الدول الغربية والمجمّعات السكنية المخصّصة للأجانب. كما أنّ المتطرّفين الإسلاميّين يسعون بهذه الطريقة إلى إضعاف مواقع الحكومة.

وإلى جانب الأعمال الكبيرة،أشار إلى أنّناصر الوحشي يراهن على تنفيذ مسلسل من الأعمال الإرهابية الصغيرة التي تهدف إلى إضعاف قيادة البلد، منوّهًابأنّ المتطرّفين يتحرّكون في إطار متغيّرات الوضع السياسي المترتّب في اليمن. وقال إنّ القاعدة تدرك أنّه لا يمكنها أن تحارب الآن على مستوى واحد مع حكومة الرئيس علي عبدالله صالح، وأنّ المتشدّدين بانتظار انهيار الحكومة اجتماعيًّا واقتصاديًّا واتّساع دعم القبائل لهم والتحاق المزيد بصفوفهم للانتقال إلى المرحلة الحاسمة في الوقت المناسب.