فيما أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن منشأة قم النووية لن تبدأ العمل قبل مضي 18 شهرًا، أكد مساعد للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قوله إنها ستبدأ العمل قريبًا. وبعد أن كشفت إيران عن وجود المنشأة النووية بالقرب من قم، بات الحديث عن توجيه إسرائيل ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية يتصاعد أكثر فأكثر في وقت ما زال الرئيس مستمرًا في تهديد إسرائيل. واستبعدت مصادر ان يكون الكشف عن المنشأة الإيرانية تم عبر الأقمار الصناعية ملمحة إلى تدخل مصادر بشرية بالكشف عنها.
طهران: أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن الاعلان عن قيام طهران ببناء موقع جديد لتخصيب اليورانيوم شكّل quot;ضربة قاسيةquot; للدول الغربية الكبرى، بحسب ما ذكرت وكالة الانباء العمالية الإيرانية. وقال أحمدي نجاد للصحافيين لدى عودته الى إيران من نيويورك حيث شارك في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة quot;إنّ هذه القضية اخذت هذا المنحى إلى حد اننا نعتقد (الآن) أنهم (الغربيون) يأسفون لأنهم تحدثوا عنهاquot;. واضاف الرئيس الإيراني quot;سيكون بإمكانهم مواصلة استغلال هذه القضية (ضد إيران) عبر وسائل الاعلام، لكنها شكلت ضربة قاسية للاستكبارquot;، في اشارة إلى الولايات المتحدة والدول الكبرى الغربية الأخرى.
وايد الرئيس الإيراني من جهة اخرى قيام الرئيس الاميركي باراك اوباما quot;بالاقرار بأخطاء ارتكبتها الادارات الاميركية السابقةquot; اثناء خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة. واضاف أحمدي نجاد ايضًا quot;ان اوباما عبر عن الانتقادات التي كانت قد وجهتها إيران منذ ثلاثين سنة ضد الإدارة الاميركية، وهذا حدث تاريخيquot;، لكنه لم يكشف عن فكرته.
يذكر ان مصادر كشفت أن المنشأة النووية الإيرانية الجديدة تقع داخل قاعدة للحرس الثوري الإيراني في مدينة قم وأن كبار المسؤولين الإيرانيين فقط يعلمون بأمر القاعدة التي تم إنشاؤها تحت الأرض. وقالت جاكلين شير، الباحثة في شؤون الانتشار النووي في quot;معهد العلوم والأمن الدوليquot; في واشنطن لـquot;الشرق الأوسطquot;، إن من المستبعد أن يكون الكشف عن المنشأة الإيرانية الجديدة تم فقط بالأقمار الصناعية، موضحة أن quot;صور الأقمار الصناعية لا توضح طبيعة ما يحدث تحت الأرض، وبالتالي لا بد أن يكون هناك عنصر استخبارات بشري قاد إلى الكشف عن هذه المنشأة الجديدةquot;.
وكان أحمدي نجاد قد أعلن من نيويورك ان الموقع الجديد quot;قانوني بالكاملquot; واكدت طهران انه يتطابق مع قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأدى الكشف الجمعة عن وجود هذا الموقع الواقع على بعد نحو 100 كلم عن طهران، الى ازدياد الضغوط الدولية على إيران وتهديدها بفرض عقوبات جديدة عليها قبل ايام من الاجتماع المقرر في الاول من تشرين الاول/اكتوبر في جنيف بين إيران من جهة والدول الست الكبرى من جهة ثانية.
ودعت الدول الغربية إيران الى تقديم توضيح كامل لنشاطاتها النووية خلال اجتماع جنيف المقبل تحت طائلة فرض عقوبات جديدة عليها. واتهمت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إيران باخفاء العمل على بناء الموقع الثاني طوال سنوات عدة، مع العلم ان هذا الموقع مخصص لتخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لصنع قنبلة ذرية.
واعتبرت روسيا ان العقوبات قد تصبح خيارًا في حال لم تتعاون إيران، ودعت طهران الى تقديم quot;ادلة مقنعةquot; لنواياها السلمية في المجال النووي. كما طلبت بكين من طهران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولا تكتفي الدول الغربية بالتشديد على انه كان من المفروض الكشف عن الموقع الجديد منذ بدء العمل به، بل تؤكد ان مواصفاته لا تتطابق مع المواصفات ذات الطابع المدني.
ورفض الرئيس الاميركي باراك اوباما استبعاد اللجوء الى القوة العسكرية ضد إيران ودعا طهران الى quot;اثبات نواياها السلميةquot;. وقال وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان السبت ان كشف وجود منشأة نووية ثانية لتخصيب اليورانيوم في إيران يستدعي quot;ردًا لا لبس فيهquot; من قبل القوى الكبرى لدى اجتماعها مع طهران في الاول من تشرين الاول/اكتوبر.
وأوضح ليبرمان للاذاعة الرسمية أن quot;كشف المنشأة الثانية لتخصيب اليورانيوم في إيران يبرهن بلا ادنى شك ان هذا البلد يريد حيازة السلاح النووي، ونأمل بالتالي أن يكون هناك رد لا لبس فيه في اجتماع الاول من تشرين الاول/اكتوبرquot;. واضاف ليبرمان quot;لم تفاجئنا الاكتشافات الاخيرة، فنحن نقول منذ زمن بعيد ان إيران تطور نشاطها النووي لاهداف عسكريةquot;.
وحسب قادة آخرين، فإن إسرائيل تدرس منذ مدة طويلة القيام بعمل عسكري حاسم حال استمرت إيران في تطوير برنامجها النووي. ووجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيرات من داخل مقر الأمم المتحدة خلال الأسبوع الحالي، قائلا: quot;التحدي الأكثر إلحاحية الذي يواجه هذه المنظمة هو منع طغاة في طهران من الحصول على أسلحة نوويةquot;. وتتحدث مصادر نقلاً عن مسؤولين وخبراء إسرائيليين كبار أن إسرائيل تدرس خيارات عسكرية، لكنها تدرك أيضًا مخاطر ومشاكل جدية.
وفي تصريح لوكالة فارس شبه الرسمية، أعلن محمد محمدي كلبايكاني مدير مكتب المرشد الاعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، ان الموقع الإيراني الثاني لتخصيب اليورانيوم، سيبدأ العمل quot;قريبًاquot;. ونقلت الوكالة عن كلبايكاني قوله quot;بعون الله سيبدأ هذا المصنع الجديد العمل قريبا وسيبهر الاعداءquot;، من دون توضيح ما يقصده بعبارة قريبًا على وجه الدقة. وقد صدرت خمسة قرارات من مجلس الامن الدولي بشأن ملف إيران النووي، يتضمن ثلاثة منها عقوبات على طهران.
وأكدت تقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومصادر أخرى قد حصلت على جميع العناصر الضرورية لصنع هذه الأسلحة النووية وتوجيهها. وحسب هذه المصادر، فقد حصلت إيران على بيانات خاصة بتصميم أسلحة نووية كورية شمالية، وبيانات أخرى عن طريق بعض المصادر، مثل شبكة بيع كان يتزعمها الرئيس السابق للبرنامج النووي الباكستاني، عبد القدير خان.
ولدى إيران التقنية وقدرات الإنتاج والتصنيع التي تحتاج إليها من أجل صنع أسلحة نووية انشطارية. وقد حصلت على التقنية اللازمة لصنع مواد التفجير التي تحتاج إلى صنع أداة انفجار داخلي وعناصر الاستثارة ومطلق النيترون والعواكس. وقد قامت إيران بتجربة معالجة اليورانيوم والبلوتونيوم آليا. ووضعت موارد كبرى في برنامج صواريخ متوسط المدى يمكنها حمل أسلحة نووية. وقد قامت إيران أيضًا بوضع تصاميم لأسلحة نووية لرؤوس حربية صاروخية. وهذه المقتدرات موزعة على الكثير من المنشآت داخل الكثير من المدن وفي مناطق نائية، وغالبًا ما تكون هناك الكثير من الأبنية داخل كل منشأة.
إشراف دولي
هذا وأكدت إيران انها ستضع موقعها النووي الجديد لتخصيب اليورانيوم تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وانها ستتفق معها لتحديد موعد لاجراء عملية التفتيش. وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي اكبر صالحي في تصريح الى التلفزيون السبت ان quot;الموقع الجديد سيوضع تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسنعمل على تخصيب اليورانيوم بنسبة خمسة بالمئة كحد اقصىquot;.
ونفى أي طابع quot;عسكريquot; لهذا الموقع الذي يضاف الى موقع نطنز في وسط البلاد واكد انه سيصبح quot;عملانيا بشكل كامل خلال نحو سنتينquot;. وكان صالحي اعلن في وقت سابق ان إيران ستحدد للوكالة الدولية للطاقة الذرية موعدًا لارسال مفتشيها الى الموقع. وقال صالحي للتلفزيون الرسمي quot;في شأن التفتيش، سيتم ذلك وفق القواعد. ان الرئيس (محمود أحمدي نجاد) اكد ان ليس لدينا اي مشاكل في اجراء تفتيش وفقًا للقواعد. سنتناقش مع الوكالة بخصوص هذه المسألة وسيعلن موعد التفتيش في وقت لاحق بعد الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذريةquot;.
واضاف صالحي ان quot;الموقع موجود على الطريق بين طهران وقم، على مسافة مئة كيلومتر من طهران وسيتم اعطاء مزيد من التفاصيل لاحقًا حول الموقعquot;. ويسمح تخصيب اليورانيوم بانتاج الوقود الضروري للمحطات المدنية، لكن يمكنه ايضا تزويد المادة لسلاح نووي.
وأعلن صالحي أن إنشاء بلاده منشآت نووية جديدة هو عمل quot;احترازيquot; هدفه تعزيز حماية الأجهزة النووية الحساسة والكوادر العاملين في هذه المنشآت من أي تهديدات تستهدفها. وأضاف quot;نظراً إلى حساسية عملية تخصيب اليورانيوم، فقد تقرر تحديد مكان لإيجاد منشآة حساسة وصيانة وحماية كوادرنا أمام أي هجوم محتمل، لكي يعلم العدو بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبإرادتها القوية لن تسمح بتوقف نشاطاتها النووية حتى للحظة واحدةquot;.
وقال quot;وفقاً لقوانين الوکالة، ليس هناك أي ضرورة لإعلان أي خبر عن هذه المنشآة، وکان بإمكاننا ألا نعلن عن ذلك، إلا أنه لأجل بناء الثقة واعتماد الشفافية، فقد أعلنا هذا الخبر قبل الموعد المقرر أکثر بكثيرquot;. وتابع quot;نحن کنا نظن بأن إبلاغ الوکالة الدولية للطاقة النووية حول بناء المنشآة، يحظى بالتشجيع والتأييد، إلا أن إجراءات الدول الغربية ووسائل إعلامها في هذا المجال كانت أمراً مستغرباً وعجيباًquot;.
من جانبها، رحّبت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون السبت في نيويورك بالقرار الإيراني القاضي بالسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش الموقع النووي الإيراني الجديد لتخصيب اليورانيوم. وقالت كلينتون للصحافيين quot;ان كل قرار تتخذه إيران ويتطابق مع القواعد والضوابط الدولية، ولا سيما تلك المتعلقة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، مرحب به على الدوام.
التعليقات