تجنّب قادة الاحتجاجات الاسرائيلية على خلفية ارتفاع تكاليف السكن، مناقشة النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، في محاولة لكسب اوساط واسعة من الاسرائيليين وتشديد الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو.

عامل في موقع بناء وحدات سكنية

لندن: اعلنت الحكومة الاسرائيلية التي تواجه احتجاجات لا سابق لها على تكاليف السكن، بناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في القدس الشرقية. ويسلط الاعلان الذي ادانه الفلسطينيون وانتقدته الأمم المتحدة والولايات المتحدة، الضوء على قضية تجاهلتها حركة الاحتجاج المستمرة منذ شهر ، وهي كلفة السياسات الاسرائيلية في الأراضي التي احتلتها في حرب 1967.

وقالت منظمة السلام الآن الاسرائيلية ان وزارة الاسكان ترصد سنويا 22 مليون دولار من اجل توفير الأمن لنحو 2000 اسرائيلي في احياء عربية تقليديا قرب المدينة القديمة ، أو 11 الف دولار لكل مستوطن اسرائيلي في هذه الأحياء.

كما اشارت المنظمة الى ان الحكومة الاسرائيلية استثمرت في حصة الفرد من البناء العام في الضفة الغربية اربعة امثال متوسط استثمارها في اسرائيل عموما سنة 2009 وضعف حصة الفرد الواحد من الانفاق في بلديات الضفة الغربية.

ولاحظ مراقبون ان قادة الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية التي بدأت في تموز/يوليو تفادوا من حيث الأساس مناقشة النزاع الاسرائيلي الفلسطيني في محاولة لكسب اوساط واسعة من الاسرائيليين وبذلك تشديد الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو. وكان العديد من الناشطين أكدوا ان للاستيطان وغياب السلام تأثيرا بالغا في الاقتصاد ويتعين ان يكون لهذه الحقيقة مكانها في المناظرة العامة حول الاقتصاد الحر ودور الدولة.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن الناشط هاغيت عوفران من منظمة السلام الآن ان المستوطنات قضية اساسية في الاقتصاد الاسرائيلي ولكن المحتجين لا يتطرقون اليها لأنهم يريدون ان تكون حركة الاحتجاج شاملة قدر الامكان. واعرب عوفران عن اعتقاده بأن quot;المستوطنات واستمرار الاحتلال يجعل الوضع اسوأ بكثيرquot;. ولفت الى ان الحكومة quot;تستثمر بلا حدود تقريبا في الاحتلال وتدفع ثمنا ضخماquot;.

ويؤكد مناضلو اليسار الاسرائيلي منذ سنوات ان الشرائح ذات الدخل المتوسط والمحدود هي الأشد تضررا بالانفاق في الأراضي الفلسطينية وعدم التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. ولكن كثيرا من الاسرائيليين يميزون بين البناء في الضفة الغربية والقدس الشرقية معتبرين الثانية جزء من العاصمة الاسرائيلية يجوز بناء المساكن فيها.

وكان تقرير اصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تموز/يوليو وجد ان اقتصاد المستوطنات يشكل عبئا على نصيب الفرد الاسرائيلي من الانتاج الاقتصادي. وان النشاط الاقتصادي في المستوطنات بالمقارنة مع اسرائيل عموما ، يركز على الادارة العامة والإنشاء وملكية السكن. كما ان الاقتصاد الاستيطاني يتسم بقدر اقل من الخدمات الصناعية والتجارية ونسبة اعلى من البطالة بالمقارنة مع المتوسط الاسرائيلي العام.

واظهر تقرير على موقع واي نت الاخباري الاسرائيلي بمناسبة مرور 40 عاما على حرب 1967 ان اجمالي الكلفة الاقتصادية للاحتلال بلغت حتى ذلك الوقت 50 مليار دولار أو نحو ربع اجمالي الناتج المحلي الاسرائيلي. ولكن التقديرات تتفاوت تفاوتا كبيرا لأسباب منها عدم شمول كل التكاليف المرتبطة بالاحتلال في التقارير الحكومية.

وبالنسبة للمستوطنين الاسرائيليين فان مستوطنات الضفة الغربية تعتبر صفقة مربحة لأن كلفة السكن فيها تبلغ نصف كلفتها في اسرائيل نفسها مستدرجة الكثير من الاسرائيليين الذين يعملون في اسرائيل ويعيشون في الضفة الغربية فضلا عن اعداد متزايد من المستوطنين لأسباب ايديولوجية. ويبين تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان عدد سكان مستوطنات الضفة الغربية تضاعف مرتين تقريبا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.

وتقول منظمات المستوطنين وحلفاؤها ان على الحكومة ان تزيد استثمارها في البناء في الضفة الغربية والقدس الشرقية لخفض اسعار السكن في عموم اسرائيل.

ويلاحظ غيدي غرينشتاين مدير معهد رويت في تل ابيب ان المستوطنين مجموعة مصالح أقلية حسنة التنظيم نفوذها تقليديا أكبر في السياسة الاسرائيلية من نفوذ الطبقة الوسطى. وان المستوطنين مجموعة مصالح من بين بضعة مجموعات أخرى استطاعت ان تنتزع مكاسب لا تتناسب مع حجمها من النظام السياسي الى جانب بارونات المال والأعمال ، واليهود المتطرفين والنقابات والقطاع الزراعي. ويرى غرينتشاين انه إذا تطورت موجة الاحتجاج الى قوة سياسية للطبقة الوسطى والطبقة العاملة فان من المؤكد ان يكون على جميع القطاعات ان تقدم تنازلات للتوصل الى حل وسط.