يشهد الشارع العراقي هذه الأيام تحريضًا لدفع مجلس النواب إلى إقرار الموازنة العامة للبلاد، المعطلة حتى الآن، رغم انتهاء الفصل الأول من العام 2014، وإلا فإن الانتخابات البرلمانية المنتظرة في 30 من الشهر الحالي ستشهد مقاطعة شعبية.


عبد الجبار العتابي من بغداد: في محاولة للضغط على مجلس النواب العراقي لإقرار الموازنة، تتصاعد حاليًا تهديدات بعدم المشاركة في الانتخابات، في حال عدم إقرار مجلس النواب الموازنة العامة للبلاد، البالغة 135 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخ العراق، والتي ما زالت الكتل السياسية تتصارع على بنودها منذ نحو ثلاثة أشهر... ما بين انسحابات من قاعة البرلمان إلى عدم اكتمال النصاب ورفض إدراجها ضمن جدول مناقشات أعمال المجلس، وهو ما يراه الشعب تعطيلًا للأعمال والمشاريع ولرواتب الموظفين.

ويشهد الشارع العراقي حاليًا حملة، يوزّع فيها مواطنون أوراقًا، وينشرون تعليقات ورسومات على موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، تقول: quot;إذا لم تقرّوا الموازنة حتى تاريخ الخميس 10/ 4/ 2014 لن نذهب إلى الانتخابات، أنشرها للحفاظ على حقوقك، وليعلموا أن الشعب أقوى من أي سلطاتquot;.

الشعب ساكت
وأكد المواطن سلام نوري، مدير مدرسة متقاعد، على أنه من الضروري ألا يظل الشعب ساكتًا دائمًا، وقال: أعتقد أن بعض الأطراف تتمنى ألا تكون هناك انتخابات، لتبقى جاثمة على صدورنا، لكن أنا مع الضغط الجماهيري بهذا الخصوص، ليثبت الشعب، ولو لمرة واحدة، أنه أقوى من البرلمان والحكومة، وأعتقد أن الموازنة، إن لم تقرّ قبل الانتخابات، فإنها لن تقرّ إلا في السنة المقبلة، لأن مشاكل الانتخابات ستمتد، ولن يخلص العراق منها بسهولة.

أضاف: علمتنا الظروف أن السكوت يذلّ صاحبه، لذلك أنا أرى أنه من الضروري ألا يظل الشعب ساكتًا فيما حقوقه تهضم، بل يجب أن يطلق صرخاته، لكي يخيف الآخرين، ويثبت لهم أنه قادر فعلًا على التغيير.

الموازنة أهم من الانتخابات
أما جلال سوادي، عاطل عن العمل، فقد أشار إلى أن الموازنة عنده أهم من الانتخابات. وقال: شبعنا من قصص الانتخابات ومن كلمة التغيير.. وكل انتخابات ونحن في مشاكل وتفجيرات وخراب، لهذا أنا لا أرتجي خيرًا منها، وعندي الموازنة أهم منها بكثير.

أضاف: يجب على الجميع الضغط وعدم إعطاء المجال لمن يريد أن يتلاعب بمصير الفقراء. أنا لا أنتخب أحدًا، ولا أسمح لأهلي بالمشاركة في الانتخابات، إذا لم يقرّ السياسيون الموازنة، فالسادة النواب أشبعونا قهرًا، ولم يقدموا إلينا خيرًا.. وها أنا أمامك خريج جامعة وعاطل عن العمل، وأحيانًا أنتظر الموازنة، عسى أن نجد فيها فرصًا للعمل.

يأس ولا جدوى
من جهتها، قالت زينب صافي عباس، الناشطة في مجال المجتمع المدني: في وضعنا الحالي فإن مطالب المواطنين مهما كانت صفتهم الرسمية أو غير الرسمية، فهم لا يمكنهم أن يكونوا قوة ضاغطة وفاعلة، تؤثر في قرارات الحكومة، وتغير الكثير من المسارات السائدة، وتحقق المطالب الملحّة التي تهمّ المواطن وعيشه.

تتابع: quot;أما عن عزوفهم عن الانتخابات، وهو نوع من التهديد بإفشالها، فهو غير مجد، لأن الأمر محسوم مسبقًا، وأيضًا مقرر ضمن أجندات أعدّت منذ فترة.. وسواء تمت الانتخابات، وشارك فيها المواطن أم لا، فالدولة حاسمة لجميع الأمور، ولا يمكن التأثير فيها.

هل يفعلها الشعب؟
بدوره، الإعلامي محسن علي التميمي، أعرب عن تأييده لسلطة الشعب في التظاهر والامتناع عن المشاركة في الانتخابات، لكنه تساءل: quot;هل يفعلها الشعب؟quot;. وقال: أنا واحد من مؤيدي التهديد بعدم المشاركة في الانتخابات إن لم تقرّ الموازنة العامة للبلاد.
وشدد على أنه يجب على الناس أن يؤكدوا لمجلس النواب أن الناس لم يعودوا سذجًا، وإنما هم عارفون بخبايا الصراعات السياسية والخلافات بين الكتل، ولكنني أتساءل هل سيمتنع الناس فعلًا عن الذهاب إلى الانتخابات إن لم تقرّ الموازنة؟... هذا ما لم أجد له جوابًا.

وأضاف: أنا لن أصوّت إذا لم تقرّ الموازنة، فهذا البرلمان لم يقدم شيئًا مفيدًا إلى الشعب، فكل المشاكل سببها هذا البرلمان، ومع كل الأسف الشعب لم يصح من نومه بعد، ولذلك نقول لهم إن موازنة الدولة معناها حياتكم وشغلكم، وهي رزق أطفالكم، والجماعة في مجلس النواب يضحكون عليكم.

ربط رواتب النواب بالميزانية
في حين رأى الدكتور عبد الجليل حمد الفهداوي، أستاذ في جامعة الأنبار، أن جميع أعضاء مجلس النواب قلقون جدًا من الانتخابات، ويعتقد أنهم على يقين بأنهم سيكونون خارج المجلس في الدورة المقبلة، لذلك فإن عدم المشاركة هو أمر يتوافق مع رغبة النواب الحاليين، وعليه يرى أن يشارك الشعب وبقوة في الانتخابات لتفويت الفرصة عليهم، وإن كان واقع الحال لكل عراقي متابع لمنجزاتهم يؤكد فشل هذه الدورة البرلمانية والحكومية بامتياز.

وأضاف: المفروض أن ترتبط رواتب ومخصصات النواب أيضًا بإقرار الموازنة، وتتوقف، ولا تصرف بأثر رجعي لهم، في حال المماطلة غير المبررة بتصديق الموازنة، ولكنني أعتقد أن البرلمان سيقرّها خلال عشرة أيام، وإن كانت هذه مجرد تكهنات، وأنا مع الشعب إذا قرر مقاطعة الانتخابات، في حال لم تقرّ الموازنة خلال أسبوع، فأنا من الشعب، وضد كل قرار يمسّ الوطن والمواطن.