كامل الشيرازي من الجزائر:تشهد مدن جزائرية عديدة منذ أيام، بدء الاحتفالات الخاصة بـquot;عيد الربيعquot; أحد أهم الأعياد التقليدية المحلية في البلاد، وتعتبر هذه المناسبة عيدا كبيرا للفرح والابتهاج بمقدم ما يُعرف بموعد يصطلح عليه باللفظ الأمازيغي quot;ثافسوثquot; في أجواء من المرح والانشراح، ويعدّ إحياء عيد الربيع من بين التمظهرات القديمة الخاصة بالمجتمع الأمازيغي العريق، ويتم الاحتفاء به سنويا تماما مثل quot;عيد الشتاءquot; الذي يتم إحياؤه في بداية فصل الشتاء تيمنا بربيع ناضج واستبشارا بمحاصيل زراعية في المستوى، لما لهذا الفصل من رمزية للخصوبة.

وتشهد ولاية باتنة (425 كلم شرقي العاصمة) إضافة إلى منطقة الهضاب العليا ومدائن أخرى بمنطقة القبائل الكبرى قبلة المحتفلين بعيد الربيع كعادتهم كل عام، ويُعتبر quot;عيد الربيعquot; من أهم العادات التقليدية الشعبية في المجتمع الأمازيغي العريق، ويحظى باهتمام الصغار والكبار، وتحوّل هذا العيد إلى مضمار للمباهاة والتفاخر بين السكان المحليين.

ويتسم التحضير لاستقبال عيد الربيع بطابع خاص لا يكتسبه فقط من بهجة هذا الفصل وبطبيعة المساحات الخضراء والزهور والنباتات التي تعانق جدران كل منزل، بل ينفرد أيضا بتطبيقات العادات والتقاليد المتوارثة منذ أجيال، والمعبّرة عن ثقافة الجزائر التقليدية الواسعة والغنية عبر مدنها وبلداتها وقراها ومداشرها.

وتعيش مناطق عديدة على إيقاع عديد الأنشطة الثقافية والفنية والتجارية المتنوعة تنشطها فرق فولكلورية وجماهير غفيرة تفد على الميادين العامة، وتكون أدوات quot;القصبةquot; وquot;البنديرquot; وطلقات البارود حاضرة بقوة طيلة أيام التظاهرة، ويستغل المزارعون المناسبة، لعرض مختلف محاصيلهم الزراعية من حبوب وخضر وفواكه وتوابل، كما يستغلها الحرفيون لإبراز أفاريز الصناعات التقليدية من أواني ومنسوجات وزرابي، ما يحوّل المحفل إلى كرنفال بهيج يشارك فيه آلاف الأشخاص، ويؤكد الكثير من سكان المنطقة إن التظاهرة كانت في عز عهدها عيدا حقيقيا ينتظره الكبير والصغير، ما يضفي جوا احتفاليا تندمج فيه المرأة الجزائرية بأزيائها التقليدية وأغلى ما تملك من حلي.

ووسط أجواء دافئة، تحيي مختلف العوائل طقوس quot;عيد الربيعquot; من خلال الإقبال على اقتناء نوع خاص من السلع بينها القفف الصغيرة المصنوعة من البلاستيك أو الحلفاء المزينة بالرسومات المخصصة للمناسبة، وبشأن التحضيرات (الأكلية) تجد الكل يتسابق هذه الأيام لشراء الدقيق والسمن والغرس، حيث تحضر الأمهات و الجدات مأكولات خاصة بهذه المناسبة، على غرار quot;المبرجةquot; أو كما يطلق عليها في مناطق أخرى quot;الأبراجquot; وهي عبارة عن دقيق محمص مع غرس وزبده ثم تمزج مع بعضهما، ويتم تقطيعها إلى أبراج، ثم يطهى الطبق جيدا في quot;الطواجنquot; أو quot;الكانونquot;، كما تشتهر أكلات أخرى في عيد الربيع مثل الرفيس التونسي وهو خليط من الدقيق المحمّص والغرس والزبدة الممزوجة ويتخذ هذا (الرفيس) عدة أشكال.


كما يسيل لعاب الأطفال في هذا العيد، ويشتهي البراعم طبق quot;القرصةquot; وهو عبارة عن quot;كسرةquot; يضاف إليها صفار البيض وتنقش بأشكال مختلفة ثم تضاف إلى المأكولات الأخرى داخل قفف صغيرة من البلاستيك أو الحلفاء، يُضاف إليها التمر والفواكه والحلويات.


ولا يتوقف الاحتفال بعيد الربيع عند حدود المجالس العائلية المغلقة، بل يأخذ نمط الخرجات الأسرية، حيث تقوم كثير من العوائل بنزهات ترفيهية في أمكنة تسمىquot;المرجاتquot; وتتميز الأخيرة بكونها بقع مخضرّة خلابة، يهوى الأطفال اللهو داخل مشاتلها البديعة، ودحرجة القرصات وتقاسم المأكولات واللعب في أجواء مشمسة وربيعية تستمر حتى غروب الشمس.


وعلى منوال أعياد quot;الخريفquot; وquot;الشتاءquot; وquot;السبيبةquot;، يولي المحتفلون بعيد الربيع اهتماما خاص بالأقوال المأثورة والأمثلة الشعبية، فيقول الشعراء باللهجة المحلية: quot;إذا روات في مغرس هيئ الخيل على ماه تدرسquot; وquot;وإذا روات في أبرير هيئ المطامر فاه وهي تديرquot; و quot;وإذا روات في مايو هزوا المناجل وهياواquot;.