يوسف صادق من غزة: لم تستكن غزة بعد الحرب الأخيرة التي شهدتها أواخر ديسمبر/كانون الأولالماضي، حتى نشطت تجارة المخدرات وأغرقت غزة بمئات الكيلوات من أنواع مختلفة، فضلاً عن آلاف حبات الحبوب التي تذهب العقل، في محاولة لإختراق وإغراق المجتمع الفلسطيني لكل أنواع الإنحلال والتفكك. في المقابل، فإن الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس، نشطت هي الأخرى، وباتت عيونها تتسمع أكثر لكل وارد من الخارج، سواء عبر الأنفاق التي تصل الأراضي الفلسطينية بالمصرية، أو من خلال المعابر الخمسة التي تتحكم بهم إسرائيل لدخول تجارة إلى غزة.
إيلاف إقتحمت جلسة للمسؤولين في شرطة غزة، ورأت إحدى عمليات الغزو التي قام بها أفراد الأجهزة الأمنية لوكر تاجر مخدرات من قطاع غزة، يحاول بيع كمية من مخدر الحشيش والبانجو للشباب الفلسطيني(...) لكن محاولته ذهبت أدراج الرياح عندما تقمّص احد عيون المكافحة على انه أحد المتعاطين، وأنتهت مهمته بإلقاء القبض على التاجر الكبير وآخرين من صغائر التجار في غزة.
قال احمد القدرة، مدير شرطة محافظة خان يونس، ثاني أكبر مدينة فلسطينية في قطاع غزة، أن إسرائيل حاولت إغراق الأراضي الفلسطينية بالمخدرات منذ أكثر من 43 عامًا. وأضاف لإيلاف quot;نحاول بكل جهدنا الحد من تفشي الظاهرة التي ترعاها إسرائيل وتجار مخدرات لا يعنيهم معاناة شعبهم الفلسطينيquot;.
وبحسب القدرة، فإن عشرات التجار إعترفوا بتجنيد إسرائيل لهم. وقال لإيلاف quot;معظم تجار المخدرات مربوطين بالمخابرات الإسرائيلية، وهو ما كشفت عنه تحقيقات مع هؤلاء التجارquot;.
ولم يقتصر الأمر حد المخدرات. فغزة التي خرجت مؤخرًا بجرح لم يندمل بعد، نتيجة حرب مدمرة لمدة 22 يوما، قتلت خلالها أكثر من 1450 فلسطينيًا، ودمرت البنية التحتية لمدن قطاع غزة، باتت تعج بالحبوب المخدرة كالترامال وغيرها التي إشتهرت مؤخرًا بين الشباب الفلسطيني.
ودفع تناول آلاف الفلسطينيين لتلك الحبوب، لمطالبة المؤسسات الحقوقية والمعنية بالإنسان، للحد من تلك الظاهرة التي اعتبروها، quot;تشكل خطرًا مستقبليًا على الأسر الفلسطينية وإزدياد معدل الجريمة بأنواعها المختلفةquot;.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن إرتفاع نسبة متعاطين الحبوب والمخدرات في قطاع غزة، سيؤدي إلى إرتفاع الجريمة لاحقاً، خاصة وان سعرها مرتفع في وقت تزداد فيه البطالة والفقر، مما يؤدي إلى إرتفاع العنف والجرائم المختلفة.
وبيّن الدكتور ربحي عبد الله لإيلاف أن المخدرات بالإضافة لإتلاف العديد من اجهزة الإنسان الداخلية، فهي أيضًا تتلف خلايا المخ، الأمر الذي يؤدي إلى سلوك غريبة وتصرفات غير مسؤولة لمتعاطين المخدرات.
وكان مدير مكافحة المخدرات التابعة لشرطة غزة المقدم جميل الدهشان، كشف عن تمكن عناصره من ضبط كمية من المخدرات شمال غزة. وقال الدهشان أن رجاله quot;تمكنوا من إعتقال شخصين كانا يقومان بترويج كمية من الحشيش والكوك شمال غزة.
وكشف القدرة لإيلاف عن تمكن رجال الشرطة من ضبط حقيبة بها 91 فرش حشيش. ويقدر ثمن فرش الحشيش في غزة ما بين 2700 إلى 3000 شيقل (الدولار= 4 شواقل)، إضافة لضبط قوة مكافحة المخدرات في غزة لمشتل مزروع فيه أكثر من 1000 شتلة من البانجو جنوب المدينة.
وبحسب إختصاصيين فلسطينيين، فإن ظاهرة الاتجارِ بالمخدرات تدخل في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولم تعد تقتصر كونها ظاهرة اجتماعية أو اقتصادية فقط. وبات الصراع بينهما هو صراع إرادات تكرسها إسرائيل من جهة، وتمنعها الأجهزة الفلسطينية من جهة أخرى(..) لكنها تتعدى بكل المقاييس أخطر أنواع حدود النسيج والعادات التي تكافح ما يأتيها من الخارج.
التعليقات