فتحي الشيخ من القاهرة: قرارة احدي قري الصعيد في مصر اغلب سكانها من الاقباط، تكاد لا تذكر علي الخرائط مثل الكثير من قري الصعيد في مصر، يحيط بها الجبل من ثلاث جهات كالمارد يقوم علي حراستها، تتحدد علاقتها بالعالم من حولها من خلال معدية قديمة متهالكة تعبر باهلها للبر الغربي للنيل، و مساحة ارض محدودة بين الجبل والنيل جعلت فرص الزراعة قليلة للغاية عكس باقي القري في الصعيد ولكن ارادة الله ابت ان تترك اهل القرية دون ان تمتد يده لتساعدهم علي الحياة، وكان سبب الحياة هذه المرة هو الموت نفسه، كانت ارض القرية المرتفعة سبب لتتجه كل القري المحيطة لتقيم مقابرها في هذه البقعة من عشرات السنيين عندما كان فيضان النيل ياتي ليغرق كل الاراضي المنخفضة، المقابر الموجودة بالمكان هي مقابر كل القري المقابلة علي البر الغربي للنيل، وكانت اغلب المقابر للمسلمين وبمرور الوقت نشأت العلاقة بينهم،، اصبحت المقابر مصدر رزق أهل القرية الاقباط الاساسي الي جانب الصيد من النيل التي تطل عليه القرية، صباح كل جمعة يتحمم ابناء القرية و يذهبون إلى المقابر بجلبابيهم البيضاء،ويمارسون عملهم المتوارث منذ أجيال..قراءة القرآن.

فقط فى قرية quot;قرارةquot;، تجد أطفالاً وشيوخاً مسيحيين يحفظون القرآن ويقرأونه على مقابر المسلمين، ويتجاور في القرية الموتي المسلمين مع الاحياء الاقباط وفى المناسبات والأعياد الدينية يخرج أهالى القرية جميعا يحتفلون مع من يحتفل، ويزوروا المقابر جماعات، حيث يقرأ بطرس القرآن على قبر أحمد، وينتظر أطفال القرية جميعاً مسيحيين ومسلمين على الشاطئ الشرقى للنهر فى انتظار رواد المقابر منذ لحظات النهار الأولى.

صادق 8 سنوات ينتظر المعدية القادمة من البر الغربي يلبس جلباب ابيض ويضع شال حول رقبته، ينظر الي السيدات الغريبة عن القرية، المتشحات بالسواد يحملوا الاسبتة علي راسهم يتقدم من احدهن لتضع في يديه عملة فضية ليجلس امام القبر واضعا يديه بجوار اذنه مثلما شاهد شيخ يفعلها في التلفزيون ويبدا في تلاوة ما يحفظ من سور القران الذي قام ابوه بتحفيظها لها وقام باعادة حفظها عن طريق الراديو عندما استمع لها، له ثلاثة اخوة يحفظوا اجزاء من القران ولكنه اكثرهم تحصيل للعملات الفضية وهو مايفسره صادق بان صوته حلو الي جانب ان الناس تفضل ان يكون من يقراء من الاطفال وبالنسبة لعمل الكبار في الغالب اما يعملوا ببناء القبور او بالصيد وهي المهنة المنتشرة بصفة كبيرة بين شباب القرية.
سمير مرقص ( 35) يقول نحن نشأنا وجدنا اهلنا منهم من يحفر مقابر للمسلمين في حين الصغار يقراوء القران عليها هم والشيوخ فقد امتهنوا قراءة القران علي المقابر في المناسبات، خاصة ان هذه الجبانة منشاة منذ اكثر من مائة عام في باطن الجبل بعيدا عن زحف المياه، ويضيف سمير نحن كمسيحيين لانختر مكاننا ولكن الله هو الذي يسر لنا هذا العمل ولم يعترض عليه احد من المسلمين في القري المجاورة الا في الفترة الاخيرة وجدنا بعض الناس الذين ينتموا الي الجماعات الاسلامية يقولوا للناس ان هذا حرام ومن الناس من يسمع لهم ولكن اغلب الناس لا تستمع لكلامهم.

يكاد يكون كل اطفال القرية يحفظوا القران ويرتلوه علي المقابر سواء اقباط او مسلمين داخل القرية هذا شي عادي حسب ما يري شكري ملاك (22 )سنة طالب جامعي احد ابناء القرية قائلا في الصعيد كله من العادي ان تجد المسلمين والمسيحيين في المناسبات الدينية، في مولد السيدة العذراء فوق جبل الطير في دير السيدة العذراء بمركز سمالوط في محافظة المنيا تجد الاف المسحيين والمسلميين وهكذا في كل الموالد ونحن عندنا ليس هناك فرق في البلد بين مسيحي ومسلم بل ان عندنا شارع في القرية اسمه شارع محمد وموسي و ما يحدث الان هو موجود منذ اجدادنا ولا نري عيب في ذلك بل اننا عندما نسمع عن الاضطرابات التي تحدث بين المسلمين والمسيحيين نستغرب حدوثها.

عيسى سيد عيسى عضو مجلس محلى الشعبي عن قرى الشرق، والتى تقع فى باطنها قرية قرارة يقول إن الشرق به أكثر من 13 ألف نسمة منهم اكثر من 5 آلاف فى قرية قرارة وأن جميع مشاكل الشرق تنصب عليه بصفته عضو مجلس محلى، وهو له اكثر من دورة في هذا المنصب ويري ان قرية قرارة علي الرغم من عدم وجود عمدة لها لكن لم تحدث بها مشاكل كبيرة وهي بها اثنان شيوخ للبلد احدهم للمسلمين واخر للمسيحيين و دائما ما تحل اي مشكلة في القرية داخل حدودها وبدون تدخل اي طرف من الخارج ويمكن ان تكون المشكلة الوحيدة التي قابلته اثناء عمله خاصة بالقرية عندما اشتكي له بعض الاقباط في القرية من مدرس قبطي لانه عاقب تلميذ مسلم في المدرسة لانه لم يؤدي واجبه و هى الواقعة التي ادهشته واسعدته في نفس الوقت، حيث فوجئ هو بأن أهل القرية المشتكين من المسيحيين جاءوا بناء على رواية أحد أبنائهم صديق الطفل المسلم الذى رأى مدرسه القبطى يضرب الطفل المسلم بسبب تكاسله فى الدراسة، إلا أن الطفل القبطى أحس بألم صديقه وراح يشتكى لأهله الذين رفضوا تجاوز هذا المدرس وتقدموا بعدة طلبات لنقله من هذه المدرسة ليضربوا مثلاً للجميع أن الأقباط والمسلمين إذا ما عاشوا على الطبيعة والفطرة لم يفرقهم أى شىء..