محمد الأمين من باريس: لشهر رمضان في باريس نكهة أخرى هذا العام، فقرار مساجد فرنسا فتح أبوابها لاستقبال المشردين والفقراء من جميع الديانات لمشاركة المسلمين في طعام الافطار، يعد خطوة ايجابية في مجال التعايش والانفتاح على الآخر.
وكان من المعتاد في السنوات السابقة تقديم الوجبات الساخنة للمشردين والفقراء خارج المساجد، فيما صار متاحا للفقراء والمشردين في هذا العام الدخول الى المساجد والجلوس جنبا الى جنب المسلمين لتناول وجبة الافطار.
ويرى مجيد وهو عراقي يقيم في باريس منذ عشرين عاما ان هذه الخطوة تسمح لنا أن نتبادل الحوار حول المعتقد الديني مع الآخر غير المسلم، لا أنظر الى الفقراء والمحتاجين من المسلمين وغير المسلمين نظرة متعالية بسبب تواجدهم هنا من أجل وجبة غذاء فقد عشت تجربة التشرد في باريس وذقت مرارتها لأكثر من سنتين quot;.
أما quot;برنار، 46 سنة quot; وهو من فاقدي المأوى فقال لايلاف quot; منذ سنوات وأنا أدأب على الحصول على وجبة طعام في شهر رمضان، أستمتع ليس بالطعام اللذيذ والصحي وانما بأجواء انسانية تخفف عني العزلة التي أعيشها، بعض المسلمين المتواجدين هنا حدثوني عن تواجدهم للتخلص من العزلة التي يعيشونها، فالعبادات وان كانت توفر طقوسا للفرد ولكنها لاتغني عن التواصل الاجتماعي quot;.
ومع أن حضور الافطار بمعية أفراد العائلة يعد من الطقوس التي اعتاد عليها الكثير من مسلمي فرنسا الا أن ظاهرة الافطار في المساجد لم تقتصر على الفقراء اذ رأى فيها بعض المسلمين فرصة للتضامن مع الفقراء والمعوزين، حبيب مراد علي ذكر لايلاف quot; جئت من افغانستان الى فرنسا في العام 1987، أملك متجرا لبيع الملابس، ولا أواجه مشاكل أو صعوبات من الناحية الاقتصادية، لكنني فضّلت أن أحضر في هذه الموائد مع أبنائي عمر12 سنة وبيمان 16 سنة كي تكون لهم فكرة عن حياة الفقراء والتضامن معهم واعتقد ان احدى الحكم من الصيام هو ان نفكر بالفقراء ونساعدهم قدر المستطاع، ولابد من التبرع بالأموال لدعم المشاريع التي تقدم العون للفقراء وايضا المشاريع التي تكسر عزلة الجالية المسلمة في باريس ومدن فرنسية أخرى، علينا أن لانعيش في العادات والطقوس التي ورثناها من موطننا الأصلي، فهي ليست من صميم الشريعة الاسلامية ومادمنا نعيش في المهجر الاوربي فعلينا ان نخلق الاجواء التي تضمن لنا شعائرنا من جهة وتجعلنا منفتحين على الآخرين من غير المسلمين quot;.
ولايخفي محمد 55 سنة حنينه الى التواجد في شهر رمضان في بلده الأصلي الجزائر quot; من الطبيعي أن أتذكر شهر رمضان في بلدي وأحن لتلك الأيام، مع ذلك لا أعتقد أنني سوف أعيش نفس اجواء الأعوام السالفة، فالجانب الروحي في هذا الشهر قد تقلص الى حد كبير حتى هناك بسبب هيمنة الجانب الاستهلاكي، التحدي الأساسي بالنسبة لي هو أن أخلق مناخا روحيا في هذا الشهر بغض النظر عن مكان تواجدي، أنا متأكد أنني سوف أتذكر لحظات الافطار في المساجد بصحبة غير المسلمين في الأشهر القادمة بحنين لايقل عن حنيني للايام الرمضانية في بلادي quot;.
وقد تبدو وجهة نظر مصطفى بخصوص موائد الافطار التي تجمع المسلمين بغيرهم مختلفة فهو يعتقد ان انفتاح المسلمين على غيرهم لايجب ان يتم عن طريق المساجد فقط وانما ان تكون هناك مبادرات شخصية كأن يستضيف المسلم جاره أو زميله ويضيف مصطفى وهو من اصول مغربية ويعيش في باريس منذ عامين:quot;لست ضد هذه المبادرة والتي حصلت على دعم مادي من بلدية باريس ولكنها تدور في اطار ضيق فهي مقتصرة على المساجد من ناحية المكان والضيوف غير المسلمين هم من الفقراء في غالبتهم، ولو أن الظاهرة اتسعت على صعيد الأفراد بحيث تستضيف العوائل والأفراد جيرانهم واصدقائهم فاننا سنكون ازاء ظاهرة أكثر فاعلية وتأثيرا في مجال الاندماج quot;.
واذا كانت ظاهرة اطعام الفقراء والمشردين في المساجد من الظواهر الايجابية في مجال الاندماج الاجتماعي والمشاريع الخيرية، فان ظاهرة مئات المسلمين الذين يتسولون امام المساجد والأماكن العامة من باريس في الأشهر الأخرى، تطرح هذا السؤال:quot;ترى ماهي حلول المؤسسات الاسلامية للقضاء على هذه الظاهرة التي تشوه صور المسلمين في باريس ومدن فرنسية اخرى ؟
التعليقات