على عبد الله الأحمد من دمشق:ظهر فن الإنشاد الديني في دمشق منذ نحو ثلاثمئة عام على يد مؤسسه الشيخ عبد الغني النابلسي الذي أخرج الإنشاد من الزوايا وجعله فنا مستقلا.

وسار على هذا النهج المنشدون الدينيون فى دمشق وحافظوا عليه لتترسخ تقاليد ويصبح أحد ملامح دمشق وتواترت على حفظه ونقله مجموعة من المنشدين ذوي الاصوات الجميلة القوية والمعرفة الموسيقية الواسعة.

ويتناول الإنشاد الديني موضوعات ذات خصوصية دينية مثل الدعوة إلى عبادة الله عز وجل والتمسك بالقيم الاسلامية ومدح خصال وقيم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والحض على عمل الخير.

ويعتبر الشيخ النابلسي واضع تقاليد الإنشاد الديني في الجامع الأموي في دمشق ومنه انتشرت إلى بقية المناطق السورية مثل الأذان الجماعي والتذكير والصمدية و التسابيح والتراحيم والتواشيح الدينية والتي تنوعت ما بين الابتهال لله تعالى والمناسبات الدينية مثل مولد النبي صلى الله عليه وسلم وليلة القدر والنصف من شعبان ورمضان ومناسبات أخرى.

وقال حامد داوود أحد أبرز المنشدين فى رابطة المنشدين الدينية في تصريح لوكالة سانا إن الإنشاد الديني أحد أشكال فن الغناء لتعلقه بعذوبة صوت المنشد الذي يغني الأناشيد الدينية والموشحات والقدود لافتا إلى أن وجود الآلات الموسيقية التي تضبط النغمات والطبقات هي سبب ظهور الموشحات والأناشيد الدينية.


وأضاف داوود أن تاريخ الإنشاد يعود إلى العصر الجاهلي اذ كان المديح في الشعر العربي يعد من الأغراض الرئيسة التي تشغل مكانا بارزا في إنتاج شعراء ذلك العصر حيث كانت تدور معاني المدح في الشعر حول تمجيد القبيلة والحي موضحا أن المديح النبوي بدأ في حياة النبي عندما مدحه الشعراء ومجدوا دعوته وأخلاقه ويأتي في مقدمة هؤلاء شاعر الدعوة حسان بن ثابت.

وأوضح داوود أن بداية الانشاد كانت مع بداية الاذان الذي كان بلال بن رباح يؤديه بصوته الجميل ومنه انتقلت فكرة التغني بالأشعار الاسلامية غير أن بعض المؤرخين يعتبرون أن البداية كانت بإنشاد أهل المدينة المنورة عند استقبالهم الرسول صلى الله عليه وسلم مرحبين به بالقول:

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ما دعا لله داع

مضيفا أن الكثير من الشعراء نذروا أنفسهم للمدائح النبوية ولم يتجاوزوها إلى أغراض الشعر الأخرى وكان من أشهر أولئك في المشرق أبو زكريا الصرصري توفى 656هجري واليمني عبد الرحيم البرعى توفي803 هجري .

وكذلك في العصرين المملوكي والعثماني بل وحتى في العصر الحديث كأمير الشعراء أحمد شوقي. ونوه داوود بالدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه الدولة لرابطة المنشدين من خلال إذاعة وبث الابتهالات والاناشيد الدينية التي تقدمها الرابطة عبر الاذاعة والتلفزيون السوري.

وتشارك رابطة المنشدين في الاحتفالات الدينية المتنوعة في ليلة النصف من شعبان وليلة الإسراء والمعراج واحياء حفلات في عيد الفطر والأضحى وعيد المولد النبوي الشريف إضافة إلى ليالي السحور في شهر رمضان المبارك.

ويرى داوود أن كلمات وأشعار الانشاد الديني المعبرة والالحان الجميلة أدت إلى اتجاه جيل الشباب اليه في ظل تراجع وهبوط في الغناء لافتا إلى أن النفس البشرية تتوق دائما إلى الشيء الجميل والأسمى الذي يغذي القلب ويثلج الصدر بالدرجة الأولى.

وعن تاريخ الرابطة قال داوود تأسست عام 1954 عندما اندمجت فرقة توفيق المنجد وفرقة الشبان الحديثة في فرقة واحدة إذ حملت اسم رابطة المنشدين وتولى الإشراف عليها في ذلك الوقت توفيق المنجد وضمت نعيم أبو حرب ووجيه الحلاق و محمود الشيخ وعبد الوهاب أبو حرب وعارف الصباغ وعادل الشوا ورشيد شيخ أوغلي وتوسعت في مطلع السبعينات من القرن العشرين بانضمام حمزة شكور وفرقته وسليمان داوود وفرقته.

وفي عام 1974صدر مرسوم رئاسي نظم عمل الرابطة باعتبارها الفرقة الوحيدة التي تحيي وتقدم الانشاد الديني الدمشقي في الجامع الأموي وتحيي المناسبات الدينية ويعتبر البعض ان هذا العام هو عام تأسيس الرابطة.

وأشار داوود إلى انه بعد وفاة حمزة شكور اخذ المنشدون حامد داوود وعماد رامي وإيهاب أكرم على عاتقهم مسؤولية ادارة الرابطة التي تضم نحو 33 منشدا ومحاولة تطوير أدائها من خلال المحافظة على المكانة التي أوصلها إليها المؤسسون الأوائل والعمل على الوصول بالرابطة إلى مستوى راق.

ولفت داوود إلى أن هناك رقصات فنية ترافق بعض انواع الغناء الأندلسي ومع الموشحات والإنشاد الديني وخص بالذكر رقصة المولوية التي تعتبر احد اساليب الطرق الصوفية في التقرب إلى الله.

وقال إن رابطة المنشدين لاقت نجاحا وتجاوبا كبيرين في الزيارات التي قامت بها إلى بعض الدول الاجنبية والعربية عازيا ذلك إلى تعطش الناس إلى الإنشاد الأصيل.