سعر الاشتراك يصل لقيمة شبْكة الخطوبة!
ضحايا art في مصر: كيف سنشاهد كأس العالم ؟

محمد عبد الرحمن من القاهرة : يبقى مونديال كأس العالم الذي تستضيفه ألمانيا في التاسع من الشهر المقبل الحدث الأبرز في العالم أجمع، حيث بدأت التحضيرات من الجميع لإستقبال هذا الحدث الذي يطل على العالم كل 4 سنوات مرة ، يستمتع من خلاله عشاق وجماهير الكرة بمنتخباتهم المفضلة ولاعبيهم المميزين.

ومن لم يسعفه الحظ في مشاهدة مباريات المونديال من داخل ألمانيا، فإن ملاذه الوحيد هو شاشة التلفاز، لذلك فإن المصريين حالياً في صراع مرير من أجل متابعة ومشاهدة مباريات المونديال، في ظل الاحتكار الكبير الذي أقدمت عليه شبكة راديو وتلفزيون العرب، حيث يحاول الناس هناك معرفة مصير مشاهدتهم للمونديال، وهذا الشيء يعزيه الارتفاع المضطرد في أسعار الاشتراكات التي فاقت قيمتها شبكة الخطوبة في مصر.

و في أحد الأحياء الشعبية التابعة لمدينة الجيزة، نشب صراع حاد بين صاحب مقهي وجاره صاحب ورشة الميكانيكا، تطور الأمر إلى الاعتداء على نجل الميكانيكي بالضرب، وتكسير المقهى رداً على ذلك، والسبب أن صاحب المقهي كان يريد إجبار الميكانيكي على بيع ورشته ليضمها للمقهى الذي يجلس نصف زبائنه في الشارع، يحدث هذا رغم وجود مقهى آخر على بعد 20 متراً وثالث على بعد 30 متراً، دون مبالغة في المسافات، أما سبب العنف فهو اقتراب مونديال ألمانيا، الذي لن يراه المصريون في منازلهم للمرة الأولى بالتالي يريد كل صاحب مقهي التوسع قدر المستطاع للمزيد من الأرباح حتى ولو على حساب الجيران.

مشجعات مصريات يتابعن إحدى المباريات - أرشيف إيلاف
إنها باختصار تبعات احتكار شركة art لبث المباريات المهمة في السنوات الأخيرة وتقديم الخدمة بأسعار تفوق امكانات الأسرة المتوسطة، بجانب أننا في مصر لم نعتاد اصلا على مشاهدة كرة القدم بمقابل.

وأصبح السؤال الذي يردده الجميع الآن هو :quot; هتشوف فين كأس العالم؟quot; والكل يبحث عن وسائل، فحتى الآن لازالت الوصلات غير مضمونة والحملات الأمنية ضدها واردة جداً، لأن art لن تترك هؤلاء يعبثون بعقود الاحتكار التي حصلت عليها، كما أن الوصلات لن تقدم كل المباريات للناس ومتوسط ايجارها في الشهر سيزيد بالطبع، وهي قابلة للتعطيل بين الحين والآخر.

ورغم أن الداعية الشاب عمرو خالد يظهر على art يوميا لكن يقول أن الوصلات حرام وغير شرعية لكن لا يستمع إليه أحد، فالشبكة الشهيرة تحتكر الأفلام المصرية الجديدة والمباريات العربية والأفريقية المهمة، وهاهي تصل إلى كأس العالم، وينشر أصدقاء art في الصحف يوميا أخبار متكررة تحمل نفس المضمون، وهو أن محي الدين صالح كامل ndash; الرئيس التنفيذي- صرح وأكد أن مونديال 2010 ، و2014 تم الاتفاق عليهما من الآن، فاشتركوا أفضل لكم ، لا داعي للعناد .

أعلام الدول المشاركة ترفرف في سماء ألمانيا
ولأن الذين يمتلكون الأطباق الفضائية منذ سنوات وأحوالهم المادية ممتازة قد اشتركوا بالفعل في art ، ولأن كل البطولات السابقة سواء المونديال أو غيره، إما عُرضت على القنوات الأرضية ، أو لم تكن مهمة مثل كأس أبطال العرب التي لا يعتبرها الجمهور المصري بطولة من الأساس.

بسبب كل ما سبق أصبحت المانيا 2006 هي البطولة الأولى التي يشعر محبي الكرة من الطبقات الفقيرة والمتوسطة أنهم سيعانون من أجل رؤيتها، وبدأت الموقف يختلف وهناك من فكر بالفعل في الإشتراك، وبمجرد أن تتصل على أرقام art ستسمع كلمات الترحيب التي تؤكد لك أن المشترك سيدخل مسابقات جوائزها 10 ملايين جنيه، بعدها ترد عليك الموظفة المختصة لكي تخبرك إذا كنت لا تعلم أن نظام الاشتراك بالتقسيط قد نفذ، وأنت المسئول فلماذا لم تغير رأيك مبكراً.

أما الاشتراك السنوى المدفوع مقدماًُ، فينقسم إلى نوعين، الأول يتطلب دفع حوالى 800 جنيه إذا كان لديك quot;ريسفيرquot; يمكنه التعامل مع كروت art ، والثاني 1300 ، إذا كانت تشترك للمرة الأولى وجديد تماما على هذه التكنولوجيا ، وطبعا يشمل الاشتراك قنوات الأفلام والطرب والأبطال.

وهنا سأل صديق خفيف الدم، quot;طب أنا عاوز كأس العالم بس ولمدة شهرquot; لماذا ادفع كل هذا وأشاهد قنوات لم أفكر فيها أصلا، ولأنه كان يائس على ما يبدو من تدبير ال 1300 جنيه، فقد زاد من خفة دمه وقال quot;مينفعش أشوف فيما بعد الدور التمهيدي، لأنه مش معقول أدفع كل دة عشان أشوف انجولا وتوجو وكوستاريكاquot; ، علماً بأن الشاب متوسط الحال عندما يقرر شراء شبكة لخطيبته يدفع قرابة هذا المبلغ أو أكثر بعض الشئ.

من احدى مباريات المنتخب المصري
كما أن متوسط أسعار تلفونات المحمول التي يستعملها الناس هنا أقل من هذا المبلغ أيضاً، بل أن هناك من يدخل جمعية لمدة 12 شهر ليحصل على 1200 جنيه يشتري بها ما يلزمه، فهل يمكن أن يضحي بالجمعية من أجل كأس العالم، لكن على الناحية الأخرى من المنتظر أن لا ترفع المقاهي أسعار الخدمة، كما كانت تفعل في السابق، حيث كان ثمن مشاهدة المباراة الواحدة يصل إلى 10 جنيهات، وذلك لعدة أسباب، أولا عدم مشاركة مصر في البطولة، والثاني انتشار art في كل مقهى بعكس الحال قبل خمس سنوات مثلا، والثالث أن رفع السعر وقتها كان هدفه أيضا تقليل الإقبال من الشباب، كما أن زيادة عدد المباريات في المونديال يعني تواجد رواد في كل وقت وحين بشكل يضمن زيادة مبيعات المقهي من المشروبات وquot;الشيشةquot; وخلافه .

إذن فالمصريون الآن بين عدة خيارات، إما البقاء على المقهي بالساعات كل يوم، أو الانتظار في العمل إذا توفرت فيه art ، ويمكن أيضا الاشتراك مع الجيران ودفع المبلغ لكن أين سنشاهد المباريات، من سيتحمل وجود ضيوف في منزله كل هذا الوقت .

إقرأ المزيد

كأس العالم ينتشل المصريين من الأهلي والزمالك

على الناحية الأخرى لم تعد الحكومة تخاف من تلك القصة كما في السابق، حيث كانت هناك دواعي أمنية عديدة تحذر من هذه الظاهرة ، ثم كانت انتقادات عنيفة لوزارة الإعلام المصرية لأنها لم تحاول المنافسة بل قال البعض أنها أخلت الطريق طواعية للشركة المحتكرة، وكان السؤال المكرر لماذا لم يشتر التليفزيون الحق في البث الأرضي رغم أنه يضمن أن هناك 40 مليون مشاهد على الأقل سيتابعون المباريات المحتكرة أيا كانت، بشكل يعوض المبالغ المدفوعة بالاعلانات التي ستنهمر دون توقف ؟ لكن على آية حال ، نحن الآن أمام الأمر الواقع، ونتمنى أن لا تحدث أي مشكلات بسبب الزحام والتكدس، كما حدث من قبل، وسيكون المونديال المقبل بمثابة محك أساسي لتجربة art في مصر، إما أن يستسلم المشاهدون أو تضطر الشركة لتغيير سياستها وأسعارها حتى لا تجد صعوبة في جذب الزبائن، وعلى المشاهد الغلبان انتظار التحليلات والأهداف بعد 24 ساعة من انتهاء المباراة على التليفزيون المصري العريق .