أخطأ بلاتر في تلفـّظ الكلمة الوحيدة التي نطقها باللغة العربية وأراد بها تحية الشعوب الناطقة بالضاد في يوم افتتاح مونديال الشباب ، فكيف يمكن أن نتصور فكرة انه يتعاطى مع القضايا العربية بشفافية عالية ويتبنى المواقف المنصفة؟!
quot;شكرمquot; .. قالها سيب بلاتر زعيم المنظومة الكروية في العالم .. وكان يريد بها quot;الشكرquot; .. نطقها ملء الفم ، فكانت ملء السمع لدينا .. وأعجب ما في الأمر أن الرجل كرر الشكم ـ عفوا الشكر ـ على طريقته أربع مرات .. في المرة الأولى حاول احد المنظمين القريبين منه إسماعه النطق الصحيح ، فضحك بلاتر متوهما أن كلمته لقيت الصدى الايجابي والثناء الموصول ، فما كان منه إلا أن كررها في بلاهة شديدة ليسمعها كبار الحضور الذين تقدمهم الرئيس المصري حسني مبارك..
هذه الوقفة الطريفة لبلاتر عند بوابة المشهد الكروي العربي ممثلا في قلبه مصر ، وثيقة الصلة بمحاولته الإيحاء بأنه يجيد مخاطبة الناس بلغاتهم في كل مكان ولو بجملة قصيرة ، أينما وضع رحاله .. والرجل معروف بان نبرته في المجاملة والوعود وحتى النفاق تعلو حين يكون في حضرة الزعماء .. فكيف لذاكرتنا وللذاكرة المصرية أن تنسى رئيس الفيفا وعد مبارك قبل سنوات بان أم الدنيا ستنظم كاس العالم للكبار وأنها مؤهلة تماما لأن تخوض السباق حتى نهاية المطاف .. النتيجة أن مصر لم تحصل في تصويت الاختيار إلا على درجة quot;صفرquot; أي أنها لم تحض ولو بصوت واحد فقط من بين جميع أعضاء اللجنة التي تولت الاختيار الأولي وقد كان الملف في بداياته .. وما زال المصريون يتندرون من تلك النتيجة الصادمة ، فهم يقولون ، على سبيل المثال ، إن صفر المونديال من بين اكبر الكوارث التي أحاطت بمصر في عصرنا هذا!
الوقائع الصفرية المدهشة تقول إن الرئيس مبارك حين سمع بنتيجة التصويت أطلق قسمه الغليظ بألا يقابل بلاتر .. وقد دارت الأيام لنجد الرجلين وقد تجاورا في مقصورة ملعب الإسكندرية المحاطة بالزجاج الواقي من الرصاص .. ربما من باب اللياقة البروتوكولية أو الدبلوماسية!
أما حكاية السيد بلاتر مع العقيد الليبي معمر القذافي ، فهي بالتأكيد أكثر إثارة .. ففي إحدى زياراته إلى طرابلس الغرب وضع بلاتر راحة يده على قفاه وقال quot; برقبتي يا سيادة العقيدquot; .. وكان رئيس الفيفا يقصد أنه سيدعم بكل ثقله فكرة أن تنظم الجماهيرية الليبية كأس العالم .. ولو كنا تسللنا يومها إلى عقله وقلبه لوقفنا على حقيقة أنه وعد بما لم يكن صادقا بالبر فيه!
حين حاول بلاتر في افتتاح مونديال الشباب ، الحديث بلساننا اخطأ ونطق كلمة مشوهة .. ربما يقدم هذا الخطأ صورة حقيقية لتلك المنظومة التي تحكم العالم وتتحدى الحكومات وتتغاضى عن الإرادات الشعبية.. فالفيفا ورئيسه لا يتعاطيان مع مصالح الشعوب المحبة لكرة القدم والتي تذوب هياما بها ، إنما هي منظمة ترتكز على جملة من العلاقات quot;المافياويةquot; التي ترفع شعار quot;اللعب النظيف لو سمحتquot; ، لكنها في واقع الأمر تتيح للكثير من للسرّاق والمتاجرين والسماسرة البقاء في كراسيهم!
التعليقات