المآسي والدراما التراجيدية كانت واقع الحياة في كرة القدم البرازيلية خلال الأشهر القليلة الماضية، خصوصاً قصة برونو، حارس مرمى فلامنغو الذي تم سجنه لإتهامه بأنه كان العقل المدبر لخطف صديقته السابقة إليزا ساموديو (25 عاماً) وقتلها.

_________________________________________________________________________

إقتياد برونو إلى السجن

إليزا ساموديو التي قتلت على يد صديقها الحارس برونو

لندن: وجدت جماهير فلامنغو وسيلة لإطلاق نكات متشحة بالسواد بعد التطورات التي حصلت في نادي مدينة ريو العملاق منذ اعتقال الكابتن برونو فرناندوز في تموز الماضي، إذ قاد حارس المرمى السابق فريقه إلى الفوز باللقب البرازيلي في الموسم الماضي.

أما في هذا الموسم فقد تراجع النادي بشكل خطر إلى المراكز القريبة من منطقة الهبوط، حيث يبدو أن الجماهير بدأت تفقد ثقتها بمارسيلو لومبا الذي حل محل برونو في حراسة المرمى.

ففي المباراة الحاسمة السبت الماضي ضد غواراي، كان أداء لومبا سيئاً للغاية مرة أخرى.

وبدأت الجماهير المحتشدة إطلاق صيحات الإستهجان: quot;أطلقوا سراح برونو واقبضوا على لومباquot;.

وهي الوسيلة التي لم تساعد الحارس الشاب الذي قرر أن يلعب بطريقة آمنة، فبدأ إبعاد الكرة بأي وسيلة كانت سعياً للتقليل من فرص حدوث أخطاء أخرى.

ولحسن حظه فاز فلامنغو 2-1، النتيجة التي ينبغي معها ضمان بقاء النادي في دوري الدرجة الأولى، إلا أن المشجعين أبدوا اهتماماً أكثر بالهرولة لمواجهة حارس مرمى فريقهم من الإحتفال بالبقاء في الدرجة الأولى.

وحدثت صيحات الإستهجان ضد اللاعبين أيضاً عندما استضاف بوتافوغو نادي انترناسيونال في اليوم التالي. فالأول كان بأمس الحاجة للفوز في سعيه للتأهل لكأس ليبرتادوريس (النسخة المعادلة لدوري أبطال أوروبا)، ولكنه خسر 2-1، وعندما كان بحاجة شديدة إلى دفعة قوية من مشجعيه، إلا انهم جعلوا مهمته أكثر صعوبة بعدما أطلقوا صيحات الإستهجان ضد بعض لاعبيهم، خصوصاً صانع الألعاب لوسيو فلافيو وزميله ليساندرو غيريرو المدافع الذي لا تشوبه شائبة وله التزام قوي مع ناديه.

ومع افتتاح quot;سوكرايكسquot;، المؤتمر والمعرض التجاري الكروي العالمي، الذي مازالت أبوابه مفتوحة للجماهير في ريو، فإنه كان من المستحيل مشاهدة مباريات يشارك فيها فلامنغو وبوتافوغو من دون التفكير في نهائيات كأس العالم 2014. فهل ستكون هناك ضغوط كبيرة على أندية أكثر من الفرق البرازيلية عندما تبدأ البطولة بعد حوالى ثلاث سنوات ونصف سنة؟


في الماضي، وبالضبط في عام 1950، عندما عانت البرازيل صدمة الهزيمة 1-2 أمام أوروغواي في ماراكانا الذي أعيد تشييده حديثاً، لم يتمكن أعضاء فريق البرازيل من التخلص من الشعور بمرارة الهزيمة لفترة طويلة جداً، حيث لم يكونوا منزعجين من أوروغواي، فالدقائق التسعون للمباراة كانت قد شدت أعضاء الفريق إلى بعضهم البعض، إلا أن انزعاجهم كان نتيجة تعامل جمهورهم معهم، الذي أشاد بهم كأبطال للعالم قبل المباراة، ثم انقلب عليهم بعد ذلك.

في ذلك الوقت كان عدد سكان البرازيل حوالى 50 مليون نسمة. بحلول عام 2014 سيكون هناك 200 مليون نسمة .

والاحصاء الدقيق لوسائل الإعلام أصبح أكثر كثافة في العقود اللاحقة. وبالعودة إلى 1950 فإن البرازيل لم تكن قد فازت بكأس العالم بعد، ولكن الآن وقد فازت خمس مرات باللقب العالمي، فإن فكرة الهزيمة على أرضها غير واردة تقريباً.

وواحدة من أكثر الجوانب الرائعة في كرة القدم هي أنه لا يفوز أفضل فريق دائماً. وعندما يحل عام 2014 فقد تكون لدى عشرة منتخبات على الأقل في الميدان، مع القليل من الحظ، فرصة لإطاحة البرازيل. وسيتم تحسين فرصها في الفوز على الفريق المضيف إذا انقلب المشجعون المحليون على منتخبهم.

وبالتأكيد إن الخصم الذي يراوغ بصورة جيدة سيحاول التخفيف من وتيرة اللعبة، على أمل أن يحول تشجيع الحشود الحاضرة إلى جانبه. إذا لا عجب أن مدرب البرازيل الجديد مانو مينيزيس أخذ في الإعتبار ضم طبيب نفساني إلى طاقم التدريب.

ورغم الهزيمة 1- صفر أمام الأرجنتين مؤخراً، إلا أن البرازيل بدأت برنامج إعادة الإعمار ما بعد نهائيات كأس العالم وأصبح أفضل مما هو متوقع، حيث حقق مينيزيس بالفعل تقدماً كبيراً عندما أشرك اربعة لاعبين فقط ممن ذهبوا إلى جنوب أفريقيا في مباراته الودية ضد الأرجنتين.

ويأتي هذا جنباً إلى جنب مع تجديد وتغيير في الفلسفة، مع فكرة الإعتماد أكثر على التمريرات القصيرة وبوجود لاعبين مميزين في خط الوسط وتشكيلة 4-2-3-1.

والواقع أن مشكلة مباراة الأربعاء قبل الماضي كانت عدم وجود لاعب في مركز قلب الهجوم، لابتعاد الكسندر باتو بسبب إصابته في أوتار الركبة، لإعطاء خط الهجوم نقطة محورية. إلا أن فريق كأس العالم سيحتوي حتماً على المزيد من الخيارات.

فالمباريات الودية هي لتعلم الدروس استعداداً لأشياء خطرة. فعلى سبيل المثال، فقد استوعب نيلمار وروبينيو الدرس من تسجيل ليونيل ميسي هدف الفوز في الوقت بدل الضائع. فالعبقري الأرجنتيني لم يتلكأ، بل جاهد حتى اللحظات الأخيرة من المباراة، فيما كان المهاجمون البرازيليون يقعون أرضاً بحثاً عن ركلة حرة على حافة منطقة الجزاء.

ويمكن دراسة هذه المسائل التكتيكية والتقنية وتحسينها. ومن الصعب بالتأكيد التعامل مع الجوانب النفسية للمنتخب البرازيلي الذي سيلعب على أرضه في نهائيات كأس العالم المقبلة، وأنه سيحتاج حتماً وبكل وضوح إلى لعب مباريات ودية أمام مشجعيه، إذ قد لا يشكل الأداء الشاذ والمخيب للآمال معضلة، ولكن قد توقظه صيحات الإستهجان الشديدة عندما يهم الأمر فعلاً.