أصبح شهر يناير/كانون الثاني من كل عام موسماً تحج فيه الأندية الأوروبيّة والمنتخبات الأفريقيّة إلى منطقة الخليج العربي وخاصة الإمارات وقطر لاستكمال استعداداتها للإستحقاقات الرسميّة المقبلة. ويأتي في مقدمة هذه الأندية ميلان الإيطالي وبايرن ميونيخ الألماني وباريس سان جيرمان الفرنسي.

_________________________________________________________________________________

ميلان إعتاد الحضور إلى دبي مع توقفات أعياد الميلاد

أصبح فصل الشتاء خاصة شهر يناير/ كانون الثاني منه موسما تحج فيه الأندية الأوروبية إلى منطقة الخليج العربي وخاصة الإمارات وقطر لاستكمال استعداداتها لخوض مرحلة الإياب من الموسم حفاظاً على جاهزية اللاعبين ، تماما مثلما تفعل صيفا عندما تحج إلى بلدان آسيا ، مستغلة فترة التوقف الاضطراري لمسابقة الدوريات المحلية باستثناء الأندية الانكليزية حيث الدوري هناك يستمر.

ولم يقتصر شتاء السنوات الأخيرة على الأندية الأوروبية بل تعدّاه ليشمل العديد من المنتخبات العربية والأفريقية التي تستعد هي الأخرى للاستحقاقات الرسمية ومنهاالمتأهلة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا التي تقام في الشهر نفسه كل عامين.

وتستفيد هذه الأندية والمنتخبات من مزايا كثيرة تساعدها على إجراء معسكراتها في ظروف جيدة ، فالأجواء المناخية التي تسود الخليج العربي في فصل الشتاء عادة ما تكون معتدلة وتساعد اللاعبين على القيام بالتمارين البدنية دون تعرضهم للإرهاق الذي قد ينعكس عليهم سلبا عند انطلاق المنافسة الرسمية ، عكس الأجواء السائدة في أوروبا في الفترة ذاتها والتي يميزها البرودة الشديدة ، ما يفرض على اللاعبين بذل مجهودات بدنية مضاعفة قد تعرضهم للتعب والإرهاق ، بل وتعيق في بعض الأحيان إجراء الحصص التدريبية أو المباريات التطبيقية ما دام أن العديد من الدوريات الرسمية تتوقف في هذه الفترة وتؤجل الكثير من المباريات الرسمية للسبب نفسه.

وفضلا عن العامل المناخي يستفيد ضيوف الخليج من البنية التحتية القوية والحديثة التي تتوفر عليها البلدان الخليجية من ملاعب وملاحقها على أعلى طراز ، وفنادق فخمة للإقامة مجهزة بكل الوسائل المادية الترفيهية.

ونظرا لتواجد عدد كبير من الأندية و المنتخبات في التوقيت نفسه تقريبا فانه يسهل على المدربين إيجاد منافسين لإقامة اكبر عدد من المباريات الحبية ، ولا تقتصر الايجابيات على الجوانب الفنية فحسب والتي تعني الجميع ، ذلك أن الأندية الأوروبية لا تأتي إلى الخليج أو إلى أي منطقة أخرى مجانا بل بمقابل ، حيث تدعم خزائنها بمبالغ مالية محترمة من عقود الرعاية والإشهار وغيرها تساعدها على التنفس من أزماتها المادية الخانقة التي تعاني ويلاتها بل يمكن القول إن الجانب المالي أصبح الدافع الرئيس لقدومها في هذه السنوات ، فتكاليف إقامة الوفود وإيوائها تتحملها في الغالب البلدان الخليجية .

وبالمقابل يستفيد المضيفون الخليجيون سواء الأندية أو الاتحادات من منافع أخرى فنية و غير فنية أيضا إذ يستغل وجود هذه الأندية القوية بنجومها لاستقطاب الجماهير إلى الملاعب التي لا تزال تعاني قلة الإقبال ، وتساهم المباريات ضدها في احتكاك اللاعب الخليجي بنظيره الأوروبي للاستفادة من احترافيته ونضجه التكتيكي العالي بطريقة مباشرة.

ويرى الخليجيون أن تواجد أندية أوروبية مثل ميلان أو بايرن ميونيخ في بلادهم وعلى مقربة من جماهيرهم يزيد من ولعهم بكرة القدم و يجلبهم إلى المدرجات بشكل تدريجي.

وتشترط الجهات المنظمة لمثل هذه المباريات حضور الأندية الأوروبية بكامل نجومها اللامعين ، كما أن التدريبات تكون مفتوحة للسماح للجمهور بمتابعتها ومشاهدة النجوم عن قرب.

ولحد الآن أعلنت تسعة فرق ما بين منتخب و ناد عن برمجة معسكرات ولقاءات حبية في الخليج ، فنادي بايرن ميونيخ الألماني الذي توج بطلا لمرحلة الذهاب سيعسكر في العاصمة القطرية الدوحة في العشر الأوائل من يناير وتتخلل معسكره مباراة ودية ضد النادي الأهلي المصري في إستاد الدوحة ، تدخل في إطار الترويج لتنظيم قطر لنهائيات كأس العالم العام 2022 ، إذ يضم النادي البافاري ترسانة من النجوم الألمان والأجانب على غرار الفرنسي بلال ربيري والهولندي أريان روبن و ماريو غوميز و آخرين ، في حين يلعب للأهلي ابرز نجوم الكرة المصرية مثل محمد بركات ومحمد أبو تريكة.

أما مواطنه نادي شالكة احد ابرز منافسيه على عرش الكرة الألمانية ، والذي يلعب معه أسطورة ريال مدريد الأسبق راؤول غونزاليس ، فسيقيم هو الآخر تجمعا تحضيريا في الفترة ما بين الرابع والثاني عشر من يناير في أكاديمية اسباير في الدوحة ، وأعلنت إدارة شالكة أن الفريق سيخوض مواجهتين وديتين على أن يتم تحديد المنافسين لاحقا.

من جانبه قرر مواطنهما نادي هامبورغ العريق إقامة تربص إعدادي في مدينة الدمام السعودية في الفترة ذاتها تقريبا يجري خلالها لقاء ودياً ضد نادي الاتفاق السعودي.

أما نادي ميلان الايطالي- بطل الكالتشيو - المتخم بالنجوم فسيقيم كعادته في مدينة دبي الإماراتية ، حيث دأب على إقامة معسكره الشتوي هناك منذ يناير من السنة 2008 ، وسيقيمه هذا العام بين الـ29 الجاري لغاية السابع من يناير تتخلله مباراة شبه رسمية ضد نادي باريس سان جيرمان الفرنسي في الرابع من يناير على كأس التحدي التي ترعاها شركة طيران الإمارات التي ترعى أيضا الناديين ، و بالتأكيد فان زملاء النجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش لن يكتفوا بمباراة واحدة وقد يلعبون أيضا ضد أهلي دبي المستضيف تماما مثلما فعلها نادي النصر قبل عامين، أما نادي العاصمة الفرنسية فسينتقل بعدها إلى الدوحة لخوض مواجهة ودية ضد نادي لخويا بطل الدوري القطري الموسم المنصرم و الذي يشرف على تدريبه الجزائري جمال بلماضي ويلعب له مواطنه مدافع الخضر مجيد بوقرة الذي تحدثت أنباء غير رسمية عن احتمال انتقاله إلى البي اس جي في الميركاتو الشتوي ، ومعلوم أن النادي الفرنسي ترعاه إحدى الشركات القطرية ،ومجيئه إلى قطر يدخل أيضا في إطار الترويج لمونديال 2022.

وبالتأكيد فان أندية أوروبية أخرى يرتقب أن تزور الخليج نظرا لارتباطها المالي مع شركات قطرية أو إماراتية على غرار مانشستر سيتي الانكليزي و ملقا الاسباني.

وهناك منتخبات افريقية آثرت إقامة المعسكر الذي يسبق نهائيات كأس أمم إفريقيا في الخليج بدلاً من اسبانيا ، فالمنتخب السوداني سيتربص في الدوحة على نفقة الاتحاد القطري بعد الاتفاق الرسمي مع نظيره السوداني في ظل التقارب السياسي بين البلدين.

وقد يحذو حذو صقور الجديان منتخب ليبيا الذي لن يجد أفضل من الدوحة للتحضير في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها ليبيا منذ مدة وقلة إمكانياته المادية بسبب تجميد الأرصدة المالية.

أما المنتخب التونسي فقد برمج مدربه سامي الطرابلسي تجمعا إعداديا أخيرا في الإمارات قبل التوجه إلى عاصمة الغابون ليبروفيل ، وذلك في الفترة ما بين الثالث والخامس عشر من كانون الثاني .

وينتظر أن يلعب نسور قرطاج مباراتين وديتين الأولى ضد نظيره السوداني والثانية ضد منتخب ساحل العاج ، هذا الأخير الذي يعتبره الخبراء المرشح الأوفر حظا لخلافة مصر على عرش القارة السمراء ، سيتربص هو الآخر في إمارة أبو ظبي بداية من الخامس من الشهر المقبل وقد سطر مدربه فرانسوا زهوي عددا من اللقاءات الودية ضد أندية محلية و منتخبات تتواجد معه في الإمارة.

وأصبح الفيلة يتفاءلون بالإمارات حيث سبق لزملاء ديدييه دروغبا أن خاضوا آخر تحضيراتهم لنهائيات كاس إفريقيا 2006 في المكان نفسه وبلغوا على إثرها نهائي البطولة الذي خسروه من المنتخب المصري بركلات الترجيح.

وفي موضوع ذي صلة أصبح المغرب ينافس وبقوة بلدان الخليج على استضافة الأندية الأوروبية في معسكراتها الشتوية وربما الصيفية مستقبلا ، بعدما أصبح هو الآخر يتوفر على بنية تحتية تضاهي تلك الموجودة في الخليج أو أوروبا خاصة الملاعب الحديثة مثل ملعبي طنجة ومراكش وقريبا أغادير والدار البيضاء ، تترجمه إسناد المغرب تنظيم عدد من التظاهرات الرياضية القارية والدولية مثل تصفيات اولمبياد لندن مؤخرا وكأس العالم للأندية 2013 و 2014 كما احتضن مباراة السوبر الفرنسي بين اولمبيك مرسيليا الفرنسي و ليل في أغسطس المنصرم ، وسيستقبل هذا الشتاء ثلاثة فرق أوروبية هي مرسيليا و اندرلخت البلجيكي وانجي الروسي ، والتي أعلنت إقامتها في المغرب، و التي ستكون بمثابة إشهار لبقية الأندية للقدوم إلى المملكة الشريفية في قادم السنوات.

أما تونس فهي مطالبة باستعادة عافيتها الأمنية لإعادة استقدام الأندية العربية والأوروبية التي ظلت تفضلها عن بقية الوجهات.