أثار تتويج المنتخب الجزائري بكأس العالم العسكريّة في البرازيل جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضيّة حول جدوى الإعتماد على اللاعبين المغتربين وأصحاب الجنسيّة المزدوجة مقابل تهميش وإهمال غير مبرر للاعبين المحلييّن الذين ينشطون في البطولة الجزائريّة.

____________________________________________________________________________

المنتخب الجزائري في حفل تكريمه بطلاً لكأس العالم العسكريّة في البرازيل

أحيا الإنجاز الكبير الذي حققته الكرة الجزائرية يوم الأحد الماضي في البرازيل بعد نيل المنتخب العسكري بطولة كأس العالم للمرة الأولى، جدلاً واسعاً في الأوساط الكروية في الجزائر حول السياسة التي يتبعها منذ سنوات عديدة المدربون الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب الأول بإيعاز من الإتحاد باعتمادهم إلى درجة الإفراط على اللاعبين المغتربين وأصحاب الجنسية المزدوجة مقابل تهميش وإهمال غير مبرر للاعبين المحليين بحجة أن مستواهم متواضع وغير مؤهلين لخوض مباريات قوية مقارنة بالمغتربين الذين ينشطون في أوروبا قبل أن يتحولوا إلى الخليج.

هذا الجدلأسكته في العامين المنصرمين الإنجاز الذيسجله المنتخب الأول ببلوغه نهائيات كأس العالم التي جرت في جنوب أفريقيا العام المنصرم وأخرس معه الأصوات المنادية برد الاعتبار للبضاعة المحلية لكن التاج العالمي العسكري أعاد إعلاء أصواتهم مجدداً خاصة أن ذلك يأتي بعد نكسة مراكش أمام المنتخب المغربي .

فإذا كان الإنجاز المدني قد تحقق بفضل منتخب عماده الأساسي كان يتشكل من اللاعبين المغتربين، فمن أصل 23 لاعباً ممن شاركوا في المونديال لم يكن ضمنهم سوى لاعبين اثنين من الدوري المحلي هما الحارسان فوزي شاوشي ووناس قواوي. وعلى العكس من ذلك فإن الانجاز العسكري تحقق بفضل سواعد جزائرية خالصة سواء اللاعبين الذين يلعب بعضهم في فرق من الدرجة الثانية أو الطاقم الفني بقيادة المدرب الوطني عبد الرحمن مهداوي.

ورغم الفارق في المستوى الفني بين المنافسات المدنية والمنافسات العسكرية إلا أن خبراء الكرة في الجزائر ثمنوا اللقب الذي حققته الجزائر في بلاد السامبا خاصة أنه جاء بعد تجاوز منتخبات عريقة على رأسها منتخب البرازيل مستضيف الدورة في الدور النصف النهائي ومنتخب مصر حامل اللقب في المباراة النهائية.

ويأتي على رأس هؤلاء المدرب الوطني نفسه عبد الرحمن مهداوي الذي سبق له أن درب الخضر في مناسبتين في عشرية التسعينات والذيقال بالحرف الواحد إن اللاعب المحلي إمكانياته الفنية والبدنية لا تقل عن نظيره المغترب وهو ما برهنهفي مونديال البرازيل وهناك نخبة من الأسماء بإمكانها تقديم الإضافة لمختلف المنتخبات الوطنية في شتى الفئات العمرية ولا ينقصهم سوى منحهم الفرصة والوقت الكافي وأكثر من ذلك الثقة بعد سنوات من التهميش لدرجة أصبح اللاعب المحلي يعاني من عقدة النقص تجاه اللاعب المغترب وأصبح هدفه لا يتعدى الانضمام الى صفوف المنتخب من أجل الجلوس على دكة الاحتياط وانتظار إصابة أو معاقبة المغترب ليحل محله، وبالتالي وبحسب رأي مهداوي الذي يعرف جيدا شخصية ونفسية اللاعب الجزائري فإن الأخير أصبح يصنف في المنتخب الوطني درجة ثانية.

وذهب مهداوي إلى أبعد من ذلك وأخطر عندما قال بالحرف الواحد إن نقطة قوة المنتخب العسكري هي الانضباط الذي يفتقده المنتخب الأول في إشارة واحدة إلى حالة التسيّب التي عاشها الخضر في الكثير من المناسبات في الأمزجة المتقلبة للاعبين.

من جهته قال نجم الكرة الجزائرية والأفريقية السابق الخضر بلومي الذي نال الكرة الذهبية الأفريقية عام 1981 وهو لاعب في صفوف غالي ري معسكر في الدوري الجزائري، إن أشبال مهداوي المتوجين في البرازيل بعثوا برسالة واضحة غير مشفرة لمدرب الخضر الجديد البوسني وحيد حاليلوزيتش مفادها أن اللاعب المحلي جاهز ولا ينتظر سوى الضوء الأخضر منه لإبراز المؤهلات العالية التي يختزنها لكنه ناشد الفني البوسني ضرورة اتخاذ القرار في الوقت المناسب ولا يجب الانتظارليتراجع أداؤهم حتى نجد المبرر جاهزا لإبعادهم .

فرحة لاعبي المنتخب الجزائري باللقب العالمي

أما صاحب الكعب الذهبية رابح ماجر الذي يعتبر من أكثر المدافعين عن الخيار المحلي فقال إن إنجاز البرازيل هو رد واقعي على كل المشككين في اللاعب الجزائري المحلي وقدراته المنبهرين باللاعب المحترف المغترب بغض النظر عن مستواه.

وأكد ماجر أن اللاعب المحليبرهن مراراً و تكراراً عن مكانته في الكرة الجزائرية سواء من خلال المنتخب العسكري أو منتخب المحليينحيث تألق في بطولة أمم أفريقيا في السودان أو المنتخب الأولمبي الذي بلغ الدور التصفوي الأخير من إقصائيات اولمبياد لندن 2012 مضيفاً بأن هذه المنتخبات يمكنها أن تكون خزان المنتخب الأول إذا لقيت الدعم المادي والمعنوي اللازم من قبل الجهات المعنية بداية بالاتحاد والوزارة الوصية .

وبرأي أصحاب هذا الطرح فإن اللاعب المحلي لم يتم تهميشه فقط من قبل المنتخب الأول بل أيضا من قبل الأندية بدليل أن الأخيرة انتدبت في المواسم الماضية الكثير من اللاعبين المغتربين القادمين خصوصا من المدارس الفرنسية فشلوا في التعاقد مع أندية أوروبية محترمة فاختاروا اللعب في الدوري الجزائري والكثير منهم أثبتوا أنهم لاعبون متواضعون، كل ذلك ساهم في تراجع اللاعب المحلي الذي أصبح ضيفاً ثقيلاً في عقر داره و يرون بأن الإشكال لا علاقة له بالقضية الوطنية كما يريد البعض أن يثيرها كلما أثيرت مسألة المحلي والمغترب للنقاش.

ويؤكدون أن المنتخب الجزائري بحاجة لتعداد عماده الأساسي اللاعبون المحليون مثلما كانت عليه الحال في بداية الثمانينات بل وحتى في بداية التسعينات مع الثنائي عبد الرحمن مهداوي ومزيان ايغيل ولا يمانعونفي دعمه بعناصر محترفة وهو ما أكدته التجارب السابقة حيث كان مدرب الخضر يشتكي دائمامن عدم قدرته على تجميع كل اللاعبين أثناء المعسكرات الإعدادية بسبب المحترفين وهو الإشكال الذي تعاني منه حتى بعض المنتخبات العالمية على غرار الأرجنتين والبرازيل اللتين فشلتا فشلاً ذريعاً رغم امتلاكهما ترسانة من النجوم في أوروبا ومع ذلكهناك مطالب بالتركيز على لاعبي الدوري المحلي الذين بفضلهم حقق البلدان بطولاتهما العالمية.

كما طالبوا بضرورة أخذ نتائج الفرق والمنتخبات الجزائرية التي أبرزت فشل إستراتيجية الاعتماد على المغتربين ولا يجب التركيز فقط على التأهل إلى المونديال كشجرة تستر خلفها غابة من الإخفاقات آخرها كان ضد المغرب وقبلها ضد غينيا واللاعب المحلي بريء من تلك النتائج ويتهمون الاتحاد بمساهمته في تجسيد تلك الإستراتيجية بالبحث عن انتداب لاعبين جاهزين في وقت كان عليه أن يسلك سياسة تكوينية تثمر جيشاً من المواهب تماماً كما كانت عليه الحال في زمن الإصلاح الرياضي قبل ثلاثين سنة.