شكلتمسألة انتقال نجوم المنتخب الجزائري من أوروبا إلى الخليج مادة دسمة للنقاش فيأوساط الشارع الرياضي الجزائريمن فنيين و إعلاميين ومحبينوتباينت مواقفهم تجاه المسألة و لو أنأغلبهم عارضوا الخطوة التي أقدم عليها لحد الآن كل من عنتر يحيى الذي انضم لنادي النصر السعوديومراد مغني اللاعب الجديد لام صلال القطري و نذير بلحاج مدافع نادي السد القطري و كريم زياني الذي أمضى مؤخرا في صفوف نادي الجيش القطري.

فقد أكد الخبراء الرافضين أن انتقال نجوم المنتخب من أوروبا إلى الخليج مغامرة محفوفة المخاطر وحظوظ نجاحهم هناك ضئيلة لأسباب عديدة منها صعوبة تأقلمهم مع الأجواء الجديدة من جميع النواحي و التفاوت في المستوى الفني و في طرق العمل في التدريب فضلا النظام الاحترافي الذي يختلف مما يؤدي إلى تراجع أدائهم الفني و البدني و قد يفقدون مكانتهم في المنتخب.

و مما يزيد من خطورة المغامرة هو السياسة المتبعة من قبل جل الأندية العربية تجاه محترفيها الأجانب حيث تلجا إلى تغييرهم مع نهاية كل موسم بحثا عن آخرين ترى فيهم أفضل من أسلافهم.

و برأي هؤلاء الخبراء فان انتقال البعض على غرار مغني يبقى إلى حد ما مبرر على اعتبار أن اللاعب مر بفترة صعبة جراء الإصابة التي لحقت به على مستوى الركبة و أبعدته عن الميادين فترة طويلة و بالتالي كان من الصعب عليه البقاء في أوروبا و إيجاد ناد كبير يضمه لذلك كان لا بد عليه أن يتنازل أملا في العودة إلى مستواه خاصة أن سنه لا يزال يسمح له .

غير أن الأمر يختلف مع بقية اللاعبين سواء الذين انتقلوا رسميا أو الذين لا يزالوا يدرسون العروض التي وصلتهم من واحة الخليج فبالنسبة لأعمارهم فهم بإمكانهم اللعب في أوروبا لسنوات أخرى ما دام أنهم لم يصلوا حتى الثلاثين و بالتالي يفترض أن مشوارهم بلغ مرحلة النضج مما يساعدهم على تقديم أفضل مردود في أوروبا .

و حسب آراء بعض المتابعين لهذا الموضوع فان الدافع وراء قبول محترفي الخضر في أوروبا العروض الخليجية ليس المال وحده ما دام أنهم أيضا في أوروبا يتقاضون رواتب محترمة و بعضهم خيالية و يعزون ذلك إلى غياب العروض الأوروبية الرسمية و الجادة عكس ما يتم تداوله من قبل الصحافة خاصة الجزائرية التي تؤكد يوميا اهتمام أندية كبيرة بالتعاقد معهم دون أن يتحول ذلك إلى واقع ملموس بدليل أن أفضل لاعب جزائري في أوروبا حاليا المدافع مجيد بوقرة متردد بين البقاء مع ناديه غلاسغو رانجرز الاسكتلندي أو مغادرته لكنه لا يعلم إلى أين.

و في هذا السياق يقول كل من محمود قندوز و فضيل مغارية قائدا الخضر في الثمانينات و بداية التسعينات أن اللاعب الذي يختار الخليج لا مكانة له في أوروبا وفقدانهم اللعب بشكل منتظم في التشكيل الأساسي لأنديتهم و تجنبا للضغوط التي كانت مفروضة عليهم بسبب دكة البدلاء .

وحسب النقاد فان تراجع أداء هؤلاء سينعكس سلبا على نتائج المنتخب الجزائري الذي يعتمد بشكل كبير على اللاعبين المتواجدين في أوروبا و إذا كان المحاربون فشلوا في بلوغ نهائيات كاس أمم إفريقيا 2012 و هم يلعبون في أندية أوروبية فكيف سيكون الحال بعد مغادرتهم و يضربون المثل بنذير بلحاج الذي كان أساسيا عندما كان في لانس أو بورتسموث لكنه أصبح أسير دكة البدلاء بعد احترافه في السد القطري و يؤكدون بان الانتقال إلى الخليج هو بداية انفراط عقد المنتخب المونديالي.

و لذلك دعا نجم الكرة الجزائرية و العربية لخضر بلومي صاحب الكرة الذهبية الإفريقية للعام 1981 المدرب الجديد للخضر البوسني وحيد حاليلوزيتش إلى عدم الاعتماد على هؤلاء اللاعبين نظرا لصعوبة مسايرة إيقاع المباريات الكبيرة ضد المنتخبات القوية و دعا الفني البوسني إلى ضرورة اللجوء إلى الخيار المحلي.

من جانبه الشارع الرياضي على اختلاف أطيافه لم يقتنع بانضمام نجوم المنتخب إلى أندية عربية بعدما كانوا مرشحين للانتقال إلى أندية كبيرة أو على الأقل الاستمرار في الدوريات القوية مثل الدوري الاسباني أو الايطالي و لو في أندية تصارع على البقاء مثل باري أو ليتشي أو خيتافي خاصة بعد نهائيات كاس العالم الأخيرة بجنوب إفريقيا .

غير أن هناك قلة تساند اختيار بلحاج و يحيى و مغني و زياني بغض النظر عن دوافعهم الشخصية و يرون أن مسيرة اللاعب تبقى قصيرة و محدودة زمنيا مهما طالت و أي لاعب مطالب بحسن تسيرها لضمان مستقبله و مستقبل أسرته و بالتالي فقراره الأخير مرتبط بالعرض المالي المعروض عليه بغض النظر عن بقية الجوانب و بغض النظر عن مدى رضا الآخرين عنه من عدمه.

و يستشهدون بحالة المدافع رفيق حليش الذي قدم مباريات في القمة و تألق بشكل لافت مما جعله ينتقل بعد المونديال إلى فولهام الانجليزي لكنه لم يلعب أي مباراة لحد الآن بعدما كان أساسيا في ناسيونال امادورا البرتغالي المتواضع الذي جعله يتألق و حتى كريم زياني فشل عندما انتقل للعب مع بطل ألمانيا نادي فولسبورغ.

وبالتالي فان النجاح و الفشل حسب رأي أصحاب هذا الطرح يبقى مرتبط أكثر بصحة الاختيار و الفشل قد يطال اللاعب سواء كانت الوجهة أوروبية أو عربية و نفس الأمر بالنسبة للنجاح.

وفي هذا الصدد يقول وسط ميدان المنتخب الجزائر الأسبق حسين ياحي انه يجب احترام قرارات هؤلاء اللاعبين لكنهم مطالبون بتحمل كامل مسؤوليتهم في الحفاظ على مستواهم البدني و الفني لتقديم الإضافة لصالح المنتخب الجزائري و بالتالي لا يجب إصدار أحكام مسبقة و يجب انتظار ظهورهم هناك.

و حسب مؤيدي زياني و بلحاج و عنتر فان الجزائر ليست البرازيل التي تمتلك دوري قوي و اللاعب البرازيلي عندما يفشل في أوروبا فان أندية بلاده تحتضنه لاستعادة مستواه في وقت يعاني الدوري الجزائري.

و أكثر من ذلك فإنهم يرون بان سوق اللاعبين في أوروبا أصابها الكساد خاصة بعد الأزمة المالية و ارتفاع ديون الأندية و أصبح التركيز فقط على النجوم و المواهب الفذة الصاعدة أما لاعبي الدرجة الثانية و الثالثة فلا مكان لهم في سوق يسيطر عليها لاعبو أمريكا الجنوبية و بدرجة اقل الأفارقة .