تحتضن قاعة ابن ياسين فيالعاصمة المغربية الرباط في الفترة ما بين العاشر و حتى الـ21 من الشهر الجاري بطولة أمم إفريقيا لكرة اليد رجال في نسختها العشرين ، بمشاركة 12 منتخباً تم توزيعهم على مجموعتين.

وضمت المجموعةالأولى منتخبات المغرب وتونس والكونغو الديمقراطية والكونغووالغابون والسنغال بينما ضمت الثانية كل من الجزائر ومصر وساحل العاج والكاميرون وانغولا وبوركينافاسو.

وتكتسيالبطولة العشرين أهمية كبيرة فالبطل سينال شرف تمثيل القارة السمراء في اولمبياد لندن 2012 أما الثلاثة الأوائل فسيتأهلون مباشرة لنهائيات بطولة العالم التي ستقام العام 2013 باسبانيا.

وعلى غرار الدورات الماضية الأخيرة يرشح خبراء اليد الإفريقية المنتخبات العربية الثلاثة تونس ومصر والجزائر وبدرجة اقل المغرب للظفر بالتاج الإفريقي وتحويل المسابقة من افريقية إلى عربية بداية من مربعها الأخير بالنظر إلى الإمكانيات الفنية والبدنية العالية التي يتمتع بها لاعبيها إضافة إلى عامل التجربة التي يصب في صالحها لقلب الموازين أمام بقية المنتخبات الإفريقية التي لن تكون لقمة سهلة و ستعمل للإطاحة بالرباعي العربي خاصة منتخبي الكونغو و الكمرون. و نظرا للفوارق الفنية ينتظر ألا تجد منتخبات تونس و مصر و الجزائر صعوبات كبيرة في بلوغ المربع الذهبي عكس المغرب المطالب ببذل أقصى جهوده لتفادي الإقصاء المبكر .

نسور قرطاج في مهمة الحفاظ على التاج

يشارك المنتخب التونسي في هذه البطولة و هدفه الأول ر هو الحفاظ على اللقب الذي حصل عليه في القاهرة قبل عامين من اجل إثراء سجله ببطولة تاسعة و خطف تأشيرة المشاركة في نهائيات اولمبياد لندن القادمة. و يمتلك المنتخب التونسي على حظوظ وفيرة جدا للتتويج بالبطولة بل يمكن القول انه المرشح الأول على الأقل لتنشيط المباراة النهائية ، بالنظر إلى جملة من العوامل بداية بعنصر الخبرة التي يتوفر عليها اللاعبون في مثل هذه المنافسات العالية و عدم تأثرهم بالضغط النفسي للمباريات مما منحهم امتياز العودة في النتيجة في أي وقت من المباراة ، كما يتمتع المنتخب بتركيبة بشرية ثرية تجمع بين عنصري التجربة و الشباب من جهة و من جهة أخرى العناصر المحترفة و المحلية التي تلعب لأندية عملاقة مثل الترجي و النجم و الإفريقي على غرار الحارس مروان مقايز من نادي نانت الفرنسي و عصام تاج و وسام حمام اللذان يلعبان في نادي مونبوليي الفرنسي و وسام بوسنينة من تولوز الفرنسي و القائد هيكل مقدم من سان رافائيل الفرنسي ،هذا الرباعي الذي قد يعتزل بعد انتهاء الدورة لذلك يريدها أن تكون مسك الختام كل ذلك تحت القيادة الفنية لمدرب خبير ممثلا في الفرنسي ألان بورت الذي قاد تونس للتتويج باللقب القاري الأخير في مصر و الذي أكد بان الهدف المرسوم هو الحفاظ على هذا التاج و خاض المنتخب التونسي عدة معسكرات تحضيرا للاستحقاق القاري ، آخرها في مدينة الحمامات بين ال26 و ال30 من كانون الأول المنصرم واجه خلاله كل من النجم الساحلي و نادي الحمامات ثم تربص في العاصمة بين الثاني و الخامس يناير خصص فقط للحصص التدريبية قبل أن يطير إلى اسبانيا حيث خاض دورة دولية ودية تبارى خلالها مع كل من روسيا البيضاء و الأرجنتين و اسبانيا و قبلها كان زملاء بوسنينة قد عسكروا في اليونان في شهر تشرين الثاني و خاضوا مبارتين وديتين ضد اليونان.

و رغم تراجع نتائج تونس في الألعاب العربية الأخيرة بالدوحة إلا أن مدربه الفرنسي جد متفاءل بقدرة لاعبيه على تحقيق طموحه رغم اعترافه بصعوبة المهمة التي تنتظره حيث يرفض بورت حصر المنافسة بين المنتخبات العربية الثلاثة بل يؤكد بان المباريات كلها ستكون غاية في الصعوبة نظرا لتطور كرة اليد في إفريقيا باستمرار كما أن المنتخب التونسي أصبح كتابا مفتوحا للجميع عكس بقية المنتخبات التي قد تخلق عراقيل لنا.

و يدشن المنتخب التونسي البطولة بمواجهة الغابون يوم الأربعاء ثم الكونغو ثم السنغال ثم المغرب و أخيرا ساحل العاج بمعدل مباراة كل يوم.

الفراعنة في مهمة استعادة العرش

توج المنتخب المصري بطلا لإفريقيا في خمس مناسبات أعوام 1991 وبمصر و 1992 بساحل العاج و 2000 بالجزائر و 2004 بمصر وآخرها كانت في انغولا عام 2008 و يهدف إلى إنهاء مشاركته في الطبعة العشرين بتتويج سادس يكفر به عن إخفاقه الأخير .لا تقل حظوظ مصر عن تونس بل يمكن القول أن المنتخب المصري أفضل حالا عما كان عليه قبل سنتين عندما خسر أمم إفريقيا التي استضافتها القاهرة أمام تونس ، حيث أعقبه قرار هاما اتخذه الاتحاد يقضي بإقالة المدرب شمس و إسناد المهمة اوفي لوميل الذي حقق نتائج جيدة ، إذ توج بالذهب في الألعاب الإفريقية التي جرت العام الماضي في موزنبيق و بذهبية العاب الدوحة العربية مؤخرا. و تكمن نقطة قوة المنتخب المصري في صلابته الجماعية خاصة في حالة الدفاع فضلا عن لياقة لاعبيه العالية.

و عن استعداداته للبطولة استغل لوميل جيدا الألعاب الإفريقية و العربية و شارك بالمنتخب الأول ، لتحقيق هدفين الأول هو تجهيز أشباله من خلال اختبارات رسمية و الثاني هو رفع معنوياتهم من خلال تحقيق سلسلة من الانتصارات بل انه فاز بنتائج عريضة جدا تؤكد أن المدرب زرع في نفوس لاعبيه روح الانتصار جعلته يفوز في كل مباريته في الألعاب الإفريقية و يتعادل في واحدة في الدوحة أمام قطر.

كما خاض تجمعات تدريبية داخلية و خارجية و لعب 12 لقاء وديا في العام 2011 أبرزها كانت في كل من مقدونيا قبل العاب الدوحة فاز في مبارتين و خسر واحدة و في نهاية كانون الأول في روسيا حيث واجه منتخبها مرتين و خسر أمامه ثم في النرويج التي واجه منتخبها الرديف و فاز عليه قبل أن ينهي تحضيراته بتربص في مصر.

وعلى عكس بقية المنتخبات فان المنتخب المصري يعتمد بشكل رئيسي على لاعبي الدوري المحلي خاصة من أندية الأهلي و الزمالك و الشرطة و الطيران على غرار إسلام حسن و مصطفى كريم و محمود كرم ، و سهل ذلك على المدرب في خلق الانسجام المطلوب بين اللاعبين و تبقى نقطة ضعف المنتخب المصري الوحيدة هي تقدم سن العديد من نجومه حيث تجاوز معدل أعمار لاعبيه ال28 سنة حيث ينعت بالمنتخب العجوز .

الخضر في رحلة البحث عن المجد الضائع

يشارك المنتخب الجزائري في البطولة العشرين على أمل تجاوز مرحلة الفراغ التي يمر بها و إنهاء صيامه عن الألقاب منذ آخر تتويج له ببطولة إفريقيا عام 1996 في البنين و استعادة المجد الضائع لليد الجزائرية التي سيطرت بالطول و العرض على أمم إفريقيا في عشرية الثمانينات من القرن الماضي تحت قيادة المدرب الخبير العالمي عزيز درواز الذي ابتكر خطة جديدة في اللعب تقوم مراقبة المنافس رجل لرجل حيرت حتى المنتخبات العالمية ، و مع نجوم مثل بن جميل و بوشكريو و دوبالة و عازب حققت الجزائر خمس ألقاب متتالية بين 1981 و 1989 و يتفاءل اللاعبون الجزائريون بوجود المدرب صالح بوشكريو بصفته صاحب آخر انجاز عام 1996 ، الذي وضع التتويج بالذهب للمرة السابعة هدفا لتكون ختام مسيرته كمدرب للخضر بعدما قرار تقديم استقالته مباشرة بعد نهاية دورة المغرب بغض النظر عن النتيجة النهائية التي سيسجلها.

و قال بوشكريو في آخر تصريحاته قبل التوجه إلى الرباط انه يراهن على عناصر شابة شاركت في مونديال اليونان الأخير لأقل من 21 سنة ، مؤكدا بأنه خاض ما يكفي من المعسكرات و المباريات الحبية استعدادا للبطولة و الكل جاهز لرفع التحدي غير أن المنافسة الرسمية ستظهر الفريق الأكثر جاهزية ، كما اقر بقوة تونس و مصر اللتان تشكلان العقبة الأصعب في مسيرة الخضر نحو لندن ، إذ قال بان الدورة الحالية أصعب عدة مرات من دورة مصر2010- التي بلغ فيها المربع الذهبي - نظرا للتطور الملحوظ على المنافسين.

و رغم أن الخضر تحت إشراف بوشكريو عرفوا تحسنا كبيرا في الأداء إلا أن ذلك لم ترافقه نتائج ايجابية و هو ما تترجمه نتائجهم في العاب موبوتو و الدوحة إذ خرجوا بخفي حنين. لكن المدرب يقلل من أهمية تلك المشاركة المخيبة و يرى بان بطولة إفريقيا لها أهمية خاصة عند اللاعبين لذلك فان مردودهم سيكون أفضل بكثير.

ويناشد بوشكريو جميع اللاعبين التحلي بالروح الجماعية كعامل جد مهم في التأثير على أداء اللاعبين. و يتمنى بوشكريو أن يتم اختيار حكام من أوروبا لإدارة مبارياته بعد الظلم الذي عانى منه جراء انحياز الحكام الأفارقة.

وسيفتقد المنتخب الجزائري إلى عدة أسماء وازنة و مؤثرة حيث سيغيب كل من الحارس الأساسي عبد الرزاق سلاحجي و المهاجم المخضرم عبد الرحمن حماد و عبد الرحيم برياح و عمر شهبور للإصابة و عدم الجاهزية. كما واجه الخضر عدة متاعب منها غياب الوسائل الضرورية للتحضير مثل القاعات الخاصة و توقف الدوري المحلي.

واستعدادا للبطولة أقام زملاء زواوي تجمعات تدريبية في الخارج آخرها في فرنسا و لعبوا عدة مباريات ودية إذ تغلبوا على الغابون و بلجيكا و لوكسمبورغ و انهزموا من فرنسا.

وتضم لائحة الخضر تسعة لاعبين محترفين في الخارج أبرزهم لاعب نادي نيم الفرنسي ماليك بوبايو الذي يبلغ طوله أكثر من مترين.
و تستهل الجزائر مشوارها في البطولة بلقاء بوركينافاسو ثم الكمرون و ساحل العاج قبل ان يواجه المنافس العنيد المنتخب المصري في آخر جولات الدور الأول يوم 16 يناير.

المغرب و الرهان على المفاجأة

تبدو حظوظ المغرب الأقل مقارنة ببقية المنتخبات العربية ، غير انه يراهن على عاملي الأرض و الجمهور لتحقيق مفاجأة تفوق الهدف المسطر من قبل مدربه الجديد الفرنسي فليب كارارا و الاتحاد اللذان يطمحان إلى بلوغ المربع الذهبي خاصة بعد المشاركة الضعيفة في النسخة الأخيرة، و لما تكرار انجاز عام 2006 بتونس عندما حل ثالثا و هي أفضل نتيجة تسجلها اليد المغربية طوال مشاركاتها و هي المرتبة التي ستمنحه تأشيرة غالية للمونديال و هو الحلم الذي يراود الجميع في المغرب، لكن ذلك يبقى صعب المنال في ظل المرحلة الانتقالية التي تمر بها في الآونة الأخيرة في ظل السياسة التي تبناها الاتحاد و القائمة على تشبيب المنتخب و ضخ دماء جديدة في صفوفه قادرة على تشريف المغرب في المحافل الدولية على المدى المتوسط . و استدعى المدرب كارارا تسعة لاعبين محترفين ينشطون في فرنسا يراهن عليهم لتحقيق آمال الجمهور المغربي أبرزهم حارس نادي نيم الفرنسي ياسين الإدريسي و يوسف قصي بنادي جيون .

و بسبب تأخر التعاقد مع الفني الفرنسي تأخرت تحضيرات المنتخب المغربي الذي لم يخض أي منافسة قرابة العامين قبل أن يعاود الظهور في الدوحة بمناسبة الألعاب العربية و أقام زملاء هشام حمادي عدد من المعسكرات احدهم بتونس أين واجهوا فرق الإفريقي و الترجي و الحمامات و آخر بالمغرب انهوا به فترة الإعداد . و يخشى المدرب كارارا على لاعبيه من الضغط الجماهيري الذي يعد سلاح ذو حدين خاصة عند مواجهة المنتخبات العملاقة ذلك أن أداء اللاعب المغربي مرهون بتخلصه من الضغط.