تحظى سوق الانتقالات الشتوية في الدوري الجزائري بأهمية بالغة سواء بالنسبة للأندية أو اللاعبين لأنها تعد فرصة من ذهب لتصحيح وضع سئ أو تحصين وضع جيد، فالأندية تراهن عليها لجلب قطع غيار تراها ضرورية لسد الثغرات التي وقف عليها مدربيها في مباريات مرحلة الذهاب من الموسم ولتعويض العناصر المصابة وإثراء تعدادها البشري تحسبا لما تبقى من الموسم خاصة بالنسبة لتلك التي تنافس على أكثر من جبهة أو تلك التي خانتها النتائج وتواجه خطر الهبوط.

أما اللاعبين فان الميركاتو الشتوي لا يعني في حقيقة الأمر سوى أولئك الذين سئموا دكة الاحتياط و يراهنون على تغيير الأجواء لانقاد موسمهم.

وبعد مرور ثماني جولات من مرحلة الإياب من البطولة بدا واضحا أن بعض الصفقات كانت ناجحة و الطرفين استفادا منها ، بينما كانت صفقات أخرى مضروبة لسبب أو لآخر في الغالب يرتبط باعطاب أو يبطئ تأقلم اللاعب مع ناديه الجديد و حاجته لمزيد من الوقت فضلا عن تغيير المدربين التي لم تخدم مثل هذه الصفقات ، و تأكد للجميع بان عدد من اللاعبين لم ينتقلوا من ناد لناد آخر و إنما من دكة لدكة أخرى ، و تأكدوا أيضا بان بعض الفرق توظف الميركاتو الشتوي لاحتواء غضب الأنصار و كسب ودهم بعد تراكم النتائج السلبية ، و هو ما كشفته المباريات حيث ظلت تلعب تقريبا بنفس التشكيلات التي خاضت بها لقاءات الذهاب.

فنادي مولودية الجزائر الذي كان الأنشط في انتقالات يناير بطلب من مدربه آنذاك الفرنسي فرانسوا براتشي الذي اقر بتواضع التركيبة البشرية التي كانت تحتاج إلى دعم في الخطوط الثلاثة ، فلبت الإدارة مطلبه و انتدبت ستة لاعبين رغم أن اللوائح لا تسمح سوى بخمسة غير أن الاتحاد منحه رخصة سادسة استثنائية تعوض لاعبه سالم المصاب، و لحد الآن فان اللاعب الوحيد الذي اثبت جدارته بحمل قميص عميد الأندية هو المهاجم مصطفى جاليت الذي قدم من شبيبة بجاية ، إذ استعاد المستوى الذي كان عليه عندما كان في تلمسان ولعب جميع المباريات الثمانية ضمن التشكيل الأساسي كما استرجع حسه التهديفي وسجل للفريق أهداف حاسمة وأجمع الكل على انه قدم فعلا الإضافة الفنية التي كان ينتظرها النادي.

وبدوره حافظ المدافع ياشير الذي جاء إلى المولودية من اتحاد الحراش حافظ على مستواه المعهود وبرهن انه يستحق الأموال التي دفعت لأجل إتمام انتقاله شانه شان بلقاسم حاجي متوسط الميدان القادم من تلمسان.

و بالمقابل لم يجد بعد يونس سفيان القادم من شبيبة القبائل و أمير سعيود المعار من الأهلي المصري ضالتهما لا في اللعب ضمن التوليفة الأساسية و لا في التسجيل و تعقدت وضعيتهما أكثر بعد تعرضهما للإصابة التي قد تؤجل عودتهما للميادين و خاصة سعيود الذي كان يراهن عليه الفريق كصانع العاب بينما كان هو يأمل أن تكلل عودته إلى الجزائر بالنجاح و تنسيه خيبته في الدوري المصري ، لكن الأمور لم تسر مثلما كان يتمنى خاصة بعد إهداره هدفا محققا ضد بجاية حيث خرج تحت صيحات استهجان الشناوة و لم يلعب منذ تلك المباراة ، و إذا استمر الحال هكذا فلا يستبعد أن يعود أدراجه إلى مصر بما انه لا يزال مرتبطا مع الأهلي .

أما اتحاد العاصمة و بعدما جلب ترسانة من النجوم في الصيف فلكم يكن بحاجة إلى دعم في الشتاء، و مع ذلك تعاقد مع اللاعب الكامبرونينغال ليكون الأجنبي الثاني على أمل إنعاش القاطرة الأمامية التي بقيت تعاني في الذهاب لكن نغال و رغم انه استفاد من فرص كثيرة إلا انه اثبت أن قدراته الفنية متواضعة ، الأمر نفسه ينطبق على المهاجم الماليماكان دامبيلي الذي استقدمه نادي شبيبة القبائل دون موافقة مدربه آنذاك مزيان ايغيل بعدما أصر رئيسه شريف حناشي على التعاقد معه لتتأكد بعدها صحة وجهة نظر ايغيل فاللاعب لم يلعب بعد و يتجه لقضاء موسم ابيض مع الكناري في ظل تواضع مستواه و عدم اقتناع المدرب مراد كاروف بمستواه و وجود عناصر محلية أفضل منه .

وأثبت وفاق سطيف أهليته في مسالة انتقاء اللاعبين القادرين على منح الفريق الإضافة بدقة فجاء استقدام الظهير الأيسر سفيان بن غورين من مولودية وهران ليعزز قوة الفريق الطامح للجمع بين بطولتي الدوري و الكأس ، حيث يقدم بن غورين أداء طيبا و يلعب بشكل أساسي.

كما استفاد وداد تلمسان من قدوم لاعب الوسط الكمروني فرانسيس أمباني من اولمبيك الشلف بخبرته الكبيرة مساهما في حصد نتائج باهرة و غدا قطعة أساسية في خطة المدرب عبد القادر عمراني رغم انه لم يكن على أتم الجاهزية عند قدومه كونه لم يلعب في مرحلة الذهاب إلا نادرا.

و من ابرز الصفقات الناجحة صفقة المهاجم الدولي الأسبق ياسين بزاز الذي فضل ترك اتحاد العاصمة و العودة إلى النادي الذي ترعرع فيه و هو شباب قسنيطنة رغم أن الفارق الكبير بين الامتيازات المادية التي حصل عليها في الاتحاد ، و نجح بزاز في استعادة مهاراته الفنية و أصبح مدربه رشيد بلحوث يعول عليه كثير و ساهم بقسط وافر في بلوغ الفريق المربع الذهبي للكأس و اقترابه من ضمان البقاء ، مما يؤكد أن المدرب الأسبق للاتحاد الفرنسي هيرفي رونار لم يمنحه الفرصة الكافية لتفجير طاقته و ظل يفضل عليه عناصر أخرى أثبتت فشلها ، و مقابل نجاح صفقة بزاز فان صفقة القائد الأسبق للخضر يزيد منصوري لا تزال غامضة و لم يقدم اللاعب العروض المنتظرة منه.

وما يلاحظ أن اغلب صفقات اللاعبين الأجانبفي ميركاتو يناير كانت مضروبة ، و لم تعرف الأندية المعنية كيف تستغل الإجازتين بالشكل الصحيح لتبقى اللاعب الأجنبي مجرد اسم يزين قائمة النادي.

و بدا واضحا أن أندية مثل مولودية وهران و نصر حسين داي و الخروب و سعيدة لم تستغل الميركاتو و لا تزال تخوض المباريات بنفس الوجوه مما جعلها تحصد تقريبا نفس النتائج ، ذلك أن السوق الشتوية لم تعد تقدم سلعة ذات جودة عالية بل تروج فقط لبضاعة مستهلكة فقدت صلاحيتها الفنية، و اصطدمت الفرق بالتشريعات التي اقرها الاتحاد و التي تفرض عليها استقدام عدد محدود من اللاعبين لا يزيد عن خمسة مع الحفاظ على قائمة من 25 لاعب فقط.