في ظل تحول العراق الى مجتمع استهلاكي ، وانشغال الناس بكسب لقمة العيش من جانب ، وقضاء اوقات طويلة خلف النت ، يقل الوقت الذي يخصصه المواطن للرياضة ، مما ساهم في انتشار ظاهرة الاجسام البدينة و(الكروش) المتدلية حتى بين فئة الشباب .

وفي دراسة له يكشف طالب الماجستير في جامعة بغداد عماد راضي ان ممارسة الرياضة تنحصر بين نحو خمسة بالمائة من السكان ، وبمدد زمنية لا تتجاوز الساعة في الاسبوع .

وبحسب راضي يُستثنى من ذلك الاشخاص الذين يمارسون الرياضة في شكل تمارين مفروضة عليهم لاشتراكهم في نوادي رياضية او سباقات ،وحتى الذين يمارسون نشاطا بدنيا ، فانهم ndash; بحسب راضي ndash; لايمارسونه بشكل منتظم .

كما لا تولي حتى المدارس في العراق اهتماما بالرياضة المدرسية التي اصبحت درسا يمنح وقته لمواد دراسية اخرى في اغلب الاحيان ، وكان من نتائج ذلك ايضا غياب العراق عن المشاركة حتى في بطولات الرياضة المدرسية لفترة زمنية طويلة .وبحسب راضي فانه حتى الرياضيين يمتنعون عن ممارسة الرياضة خارج حصص التمارين ومباريات الكرة والسباقات .

ويعزي الطبيب الرياضي احمد المفلح نقص معدل اعمار العراقيين الى غياب برامج الرياضة البدنية عن حياتهم اليومية ، لاسيما وان دراسات تشير الى ان ّ الركض لمدة ساعة في الأسبوع قد يطيل عمر المرء لمدة حوالي 6 سنوات.ويعزو المفلح زيادة نسبة الاصابة بمرض السكري والسمنة الى قلة الحركة لدى المواطن العراقي .

ويعترف سعيد حميد ( 27 سنة ) الذي يعاني من سمنة مفرطة بعدما بلغ وزنه تسعين كيلو غراما ، انه ادمن الكسل والجلوس خلف الحاسوب لساعات طويلة ، حيث لم يعد يمارس الرياضة منذ نحو خمس سنوات .

لكن احمد نادر الخفاجي ( 30 سنة ) ، بين قلائل في مدينة الحلة (100 كم جنوب بغداد) ممن يمارسون الركض بطريقة معتدلة .ويركض احمد بوتيرة ساعة في اليوم ، مما يجعله يحافظ على لياقة بدنية جيد وجسم رشيق .

لكن احمد يشير الى ظاهرة ايجابية بدأت تنتشر في مدن العراق وهي صالات اللياقة البدنية التي يقبل عليها الشباب على وجه الخصوص .لكن مهما كان عدد المرتادين لهذه الصالات ، فان نسبتهم تبقى متواضعة جدا قياسا الى عدد سكان العراق . وحتى الصالات نفسها فان اعدادها تعد ضئيلة مقارنة بسكان كل مدينة .

ويشير رياضي كمال الاجسام احمد مطشر الى ان اغلب العراقيين يتوقف عن ممارسة الرياضة حين يبلغ عمره الثامنة والعشرين ، وقبل هذا العمر فان العراقي يمارس الرياضة بطريقة غير منتظمة كما انه يمارسها على شكل تسلية في العاب مثل كرة القدم وأنواع اخرى من الرياضات الشعبية ، وليس كرياضة بدنية صرفة .
تجربة الطبيب حبيب حسن تبرهن على ان الكثير من الوفيات ناتجة عن امراض كان يمكن تجنبها بممارسة الرياضة .ولا يمارس الاكثرية من كبار السن العراقيين الرياضة ، مما يجعلهم فريسة الامراض بشكل اكبر .

ويعترف احمد راضي ( 60 سنة ) انه لم يمارس ابسط انواع الرياضات منذ حوالي ثلاثين سنة .

وينطبق الامر ذاته على نساء العراق ، فان ممارسة الرياضة بينهن تكاد تكون معدومة .وتلقي هيفاء الجابري ( 90 كغم ) بأسباب عدم ممارستها الرياضة الى الخجل ، والتقاليد المحافظة التي تمنع المرأة من ممارسة الرياضة .

وفي ظل صعوبة الاختلاط في مراكز اللياقة البدنية يصبح ممارسة المرأة للرياضة فيها صعبا ،اضافة الى استحالة ممارسة الرياضة في الهواء الطلق في اغلب مدن العراق بسبب الطبيعة المحافظة وغياب البنى التحتية التي تسهل للمرء الركض على سبيل المثال .

ويصف الباحث الاجتماعي ماجد شاكر المجتمع العراقي بالمجتمع الكسول عن الرياضة لغياب انواع الرياضات اليومية بين سكانه .

الطبيب حسن يشجع على ممارسة الرياضة اليومية لانها تساهم في زيادة معدل اعمار العراقيين ، بسبب الارتباط الوثيق بين النشاط البدني والأمراض المزمنة ، حيث ان هذا النشاط يقلل امراض السكر وضغط الدم كما يساهم في انحسار البدانة ويحسن وظائف القلب ويدعم الصحة النفسية التي تشكل عبئا لدى الكثير من العراقيين الذي يعانون من اعرض لأمراض معينة .

وتفيد دراسات ان المشي لمدة ساعة يوميا يحرق حوالى 350 سعرة حرارية .ويفيد حبيب ان الكثير من العراقيين يموتون بسبب الامراض المزمنة الناتجة عن عدم ممارسة الرياضة ، وفي ظل غياب الاحصاءات يقدر حبيب نسبة الامراض الناجمة عن عدم ممارسة الرياضة بين العراقيين بانها من اكثر النسب ارتفاعا في العالم .