راقص الصربي نوفاك ديوكوفيتش الاميركية سيرينا وليامس في الحفلة الساهرة التقليدية التي اعقبت نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب كما فعل مدربه النجم السابق الالماني بوريس بيكر والاميركية مارتينا نافراتيلوفا عامي 1985 و1986، فبدا في حلة "خير مروج" للعبة التي يتابع تألقه فيها مكدسا الالقاب والانتصارات، ومحتلا صدارة تصنيفها العالمي.
&
ويبدو ان ديوكوفيتش الفائز في 9 القاب في دورات الغراند سلام، يتفنن في لفت الانظار وكسب الاعجاب مقدما نموذجا "متجددا" للبطل المحترم الذي يعتني بالتفاصيل التي تضمن تميزه. فها هو يتفوه بالصينية في شنغهاي ويتحدث بالفرنسية في رولان غاروس ويصرح بالانكليزية في ويمبلدون، ويعلن في الامسية الساهرة عقب ويمبلدون انه مشتاق الى ملعب "ارثر آش" الملعب الرئيس في فلاشينغ ميدو حيث ستقام بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، ويتطلع لتتويج جديد، وتكرار إنجاز "السلام الصغير" الذي حققه عام 2011، اي الفوز بدورات استراليا وويمبلدون والولايات المتحدة في عام واحد، على غرار الاسترالي رود ليفر & والسويدي بيورن بورغ.
&
صحيح ان النجم الصربي، الفائز حتى تاريخه بـ54 لقبا، لم يكسر بعد هالة السويسري روجيه فيدرر او الاسباني رافايل نادال، لكنه في نظر كثر الابرز على الساحة ويمتلك "ملكة" التطور الدائم، ما يضاعف من حظوظه ويوفر له افضلية على الآخرين.
&
ويعترف "نولي" ان "اي انتصار يحتم عليك ان تتخطى منافسات كاملة وان تظهر في الصورة المثالية لتضمن النجاح"، وبالتالي فان اثمانا كبيرة تدفع في مقابل ذلك، وقد ارتضاها ليبقى اطول فترة ممكنه محلقا فوق سحاب القمة بتوازن دقيق، على غرار راكب الموج.
&
حقق ديوكوفيتش 48 انتصارا في 51 مباراة منذ مستهل الموسم، اذ خسر فقط امام الكرواتي ايفو كارلوفيتش في الدوحة (كانون الثاني/يناير) وفيدرر في دبي (شباط/فبراير) والسويسري الآخر ستانيسلاف فافرينكا في نهائي رولان غاروس (ايار/ مايو)، محققا معدلا مقداره 1ر94 في المئة. وهو يجمع مزايا استثنائية تعزز اوراقه التنافسية، منها نوعية الارسال حيث فاز بـ65 في المئة من كرات الارسال الثاني في البطولة البريطانية، وحصد 95 في المئة من النقاط في الكرات الحاسمة، كما انقذ 80 في المئة منها، وحقق ما نسبته 95 في المئة عموما من النقاط من ارسالاته (6 من 7 كرات في النهائي من ارسالات ساحقة).
&
لعل ديوكوفيتش يعيش افضل ايامه المضربية، ويجني ثمار الاعداد الذي يشرف عليه بيكر ومدرب اللياقة مريان فايدا.
&
ويلفت السويدي ماتس فيلاندر، الفائز بـ7 دورات غران شيليم بين العامين 1982 و1988، الى ان ديوكوفيتش يسجل تطورا مذهلا، ويبدو ماهرا في ادارته مجهوده وتخطيطه الميداني، ومصمما دائما على بذل قصاراه وهذا مزعج لمنافسيه، اذ لا يترك خصمه يرتكب اخطاء فقط، بل ينقض عليه مبادرا لارباكه.
&
وتصرفات ديوكوفيتش داخل الملعب وخارجه تؤثر بالمقربين منه فكيف بمنافسيه. ويعرف عنه "تطيره" و"دقته"، فهو يحسب طعامه ومكوناته بالغرامات، حتى انه يوم كان يحتفل بعيد ميلاده الـ28، حمل معه ملحه الخاص ليضيفه على ما يقدم له.
&
"نولي" محترف مئة في المئة ولا تهاون البتة، يستغل كل ما يمكن ان يطوره، يتبع عادات مكرسة منذ كان في السادسة من عمره، منها اتقانه ترتيب اغراضه في الحقيبة كي لا ينسى شيئا، وهو مهووس بذلك. كذلك الامر بالنسبة لطريقة الاحماء الدقيق وحركات التليين. فباتت مرونة عضلاته ترشحه لدور "بهلوان"، كل ذلك معطوف على مرونة ذهنية وتركيز فائق.
&
ويصف خبراء ديوكوفيتش باللاعب المتكامل، لا يترك شيئا للصدفة، ويوظف "طقوسا" في سبيل الا يقهر. فحين خطف صدارة التصنيف العالمي للمرة الاولى في تموز (يوليو) 2011، اي بعد اكثر من 7 سنوات من هيمنة &الثنائي فيدرر – نادال، تأكد ان ما حققه ليس مفاجئا، بل خطوة راسخة على طريق تجاوز هذه العتبة المعنوية.
&
ويتفق محللون على ان ديوكوفيتش ماهر في ما يسمى "نسيج العنكبوت"، وبالتالي لا تعطل الانفعالات التقنيات، فتبقى احداثياته دقيقة مع خطوات مركزة، ما يسهم في تلقائية متقنة في التسديد والصد الامامي والخلفي على انواعهما، وكأنه يملك اجابة لكل سؤال، وجاهز دائما لذلك.
&
ويعترف متابعون، وعلى رغم خبرتهم، انهم لم يتوقعوا قبل 10 سنوات ان يفرض ديوكوفيتش هيمنته عالميا، اذ كانت ضرباته باليد اليمنى ضعيفة، ويهبط اداؤه وسط الحرارة المرتفعة. لكنه بذل مجهودا خاصا، وكان من اول اللاعبين الذين استعانوا بنجوم سابقين لتحسين ارسالهم (تود مارتن) والتعامل مع الكرات العالية (مارك وودفورد)، واجتهد للارتقاء فترجمت جهوده بتحقيق نتائج ايجابية تدريجا. هكذا، تجرأ في الاشهر الاخيرة واستخدم الارسال العالي الساقط مع كبح مسافته، او الساحق من دون "ارتجاف"، واحسن التحكم بالتسديد والصد.
&
ويبدو ديوكوفيتش اللاعب الاكثر تكاملا على الساحة، وبشهادة دوزان فيمتش، شريكه في التدريب لمدة سنتين، الذي يفصح ان النجم الصربي لا يتناول غير مأكولات طبيعية، ومسكون بفكرة تقديم الافضل لتوازنه النفسي والجسدي. ويصفه بـ"الرياضي الاقصى"، مضيفا انه في العام 2011 لم يستطع "توليف" امكاناته وطاقاته ربما، وها هو يبرهن اهمية ما يختزنه، لا سيما انه اصبح اكثر حرية في طريقة ادائه لانه تآلف اكثر مع وضعه لاعبا وشخصا عاديا. & &&
&
&