قبل عامين من الآن وتحديداً في شهر يونيو من عام 2014، سجل المنتخب الأسباني واحدة من أسوأ مشاركاته في نهائيات كأس العالم، التي اقيمت في البرازيل، عندما ودع البطولة من الدور الأول بخسارتين كارثيتين، رغم انه شارك بصفته حامل اللقب. 

اليوم وفي بطولة لا تقل أهمية وقوة عن المونديال، سجل لاروخا أفضل بداية له أمام بقية المنتخبات الـ 24 المشاركة في نهائيات بطولة أمم أوروبا التي تجري أحداثها حالياً على الملاعب الفرنسية بعدما حقق انتصارين على التشيك وتركيا ليضمن بذلك تأهله للدور الثمن النهائي قبل خوضه الجولة الثالثة والأخيرة من دوري المجموعات.
 
واثارت البداية القوية للمنتخب الإسباني في البطولة القارية انتباه النقاد والخبراء ووسائل الاعلام في محاولات لمعرفة سر التحول والعودة القوية لكتيبة المدرب فيسنتي ديل بوسكي.
 
صحيفة "ماركا" الإسبانية، استعرضت في تقرير لها الأسباب الخمسة التي ساهمت بشكل أو بآخر في استعادة المتادور الإسباني توهجه الذي يرشحه للدفاع بقوة عن التاج الأوروبي الذي حصل عليه في آخر نسختين 2008 و 2012.
 
دماء جديدة:
عمد الناخب الوطني فيسنتي ديل بوسكي مباشرة بعد نكسة المونديال إلى إحداث غربلة في التعداد البشري للفريق، فيما حافظ على العناصر الرئيسية في صورة اندريس انييستا وسيسك فابريغاس وسيرجيو بوسكيتس وسيرجيو راموس وجيرارد بيكي وجوردي ألبا مع ضخ دماء جديدة سواء في التشكيلية الأساسية أو في التعداد العام على غرار الحارس دافيد دي خيا والمهاجمين نوليتو والفارو موراتا ولوكاس فاسكيز ، في مقابل التخلي عن خدمات العناصر المتراجعة سواء بإبعادها نهائياً أو بالإبقاء عليها في دكة الاحتياط مثلما حدث مع المهاجمين دييغو كوستا وفرناندو توريس والحارس إيكر كاسياس.
 
بداية دون مشاكل:
حضر المنتخب الإسباني نهائيات أمم أوروبا 2016 دون مشاكل، وباستثناء قضية الحارس دي خيا، التي طفت على السطح قبل إنطلاقة البطولة، إلا أن الفريق جاء الى فرنسا على اتم الجاهزية عكس ما كان عليه الحال في كأس العالم 2014 عندما اثيرت قضية اشراك المهاجم دييغو كوستا الذي حصل على الجنسية الإسبانية لتوه بعد الأداء الكبير، الذي قدمه عامها مع أتلتيكو مدريد، والزج به أساسياً ضد شيلي وهولندا رغم عدم جاهزيته بسبب الإصابة التي تعرض لها، ليفشل فشلاً ذريعًا في البطولة، وحتى فرناندو توريس لم يتمكن من قيادة خط هجوم الماتدور بمفرده، وعندما قرر دل بوسكي منح الفرصة امام دافيد فيا في المباراة الأخيرة امام استراليا كانت الأمور قد قضيت.
 
اما في أمم أوروبا الحالية، فإن المدرب الإسباني سعى الى إقحام اللاعب الأكثر جاهزية وتقييم اللاعبين الأساسيين، فموراتا الذي ظهر بشكل باهت أمام التشيك انتفض وسجل ثنائية ضد الاتراك، بعدما فهم رسالة النذار بأن صيامه عن التهديف في مباراتين معناه العودة إلى دكة الاحتياط وإعطاء الفرصة لأريتز أدوريز ليحل محله.
 
انتصار الثقة:
استعاد المنتخب الإسباني ثقته بنفسه عقب الانتصار العسير الذي حققه ضد المنتخب التشيكي في إفتتاح البطولة، فالانتصار جعل اللاعبين يؤمنون بقدرتهم على تحقيق الفوز مهما كان المنافس، و الاجتهاد أكثر لتحقيق ذلك، في وقت تأثرت معنويات اللاعبين سلباً من الهزيمة النكراء على يد هولندا بخماسية في مونديال البرازيل وجعلتهم غير قادرين على استيعاب أسباب الخسارة لتجاوزها في المباراة الثانية.
 
التيكي تاكا:
أجمع المراقبون على أن المنتخب الإسباني عاد لمستواه، بعدما عاد لينتهج أسلوب "التيكي تاكا" الذي كان وراء تتويجه بلقب أمم أوروبا عامي 2008 و 2012 و لقب مونديال 2010. 
 
وكشفت المباراتان الأخيرتان ان الاستحواذ على الكرة في اغلب مجريات المباراة هو سر التفوق الإسباني وسلاح المتادور الذي قهر به التشيك ثم الأتراك، حيث ساهم امتلاكه للكرة في الشعور بالتفوق وعدم استعجال التسجيل، طالما ان المباراة تحت هيمنته، بينما المنافس يشعر بالإرهاق واليأس من إمكانية التسجيل، وهو ما ساعد على الانتهاج الإيجابي لـ "التيكي تاكا" المردود الكبير الذي قدمه ثنائي البارسا سيرجيو بوسكيتس واندريس انييستا.
 
راحة الإقامة:
انتقدت الصحيفة الإسبانية مقر إقامة المنتخب الإسباني في نهائيات كأس العالم بالبرازيل، والذي كان يفتقد لأجواء الراحة النفسية، حيث كان يقيم في مدينة باردة ثم يلعب في مدينة حارة.
 
اما في فرنسا حالياً، فإن زملاء سيسك فابريغاس يقيمون في أفضل الظروف، مما ساعدهم على التركيز والاسترجاع بعدما وفر لهم منظمو البطولة مسبحاً وشاطئًا خاصاً بالبعثة الإسبانية يستجمون فيه بعد المجهود الذي يأدونه في التدريبات، وهو ما انعكس بالإيجاب على المردود البدني للاعبين.