ترتدي المباراة المرتقبة السبت بين العملاقين الايطالي وصيف البطل والالماني بطل العالم في الدور ربع النهائي من كأس اوروبا 2016، نكهة مميزة تضاف الى اهميتها التقليدية وذلك لان تجمع بين افضل حارسين في العالم بشخص جانلويجي بوفون ومانويل نوير.

ورغم تقدمه في العمر واقترابه من حاجز الاربعين، لا يزال بوفون من افضل حراس المرمى وهو النجم الابرز في منتخب بلاده خلال البطولة القارية الحالية نظرا لقيمته الفنية والقيادية وعطاءاته.

"بالنسبة لي ان العب وامثل بلدي هو امر لا اعتبره تحصيل حاصل"، هذا ما قاله حارس يوفنتوس عام 2014 حين كان في الخامسة والثلاثين من عمره، مضيفا: "لا يحصل الكثير من اللاعبين على هذه الفرصة ولهذا السبب لا يمكنني ابدا ان اقول لقد اكتفيت، لان ذلك سيكون مماثلا للانشقاق".

والان وبعد ان اصبح في الثامنة والثلاثين من عمره، بقي بوفون على مبادئه السابقة وحافظ على موقعه كابرز ركيزة في "الاتزوري" ليس لان الاخير يفتقد في ايامنا هذه الى نجوم العيار الثقيل بل لان جيجي ما زال في كامل عطائه وابرز دليل على ذلك انه لعب في 2015 دورا حاسما في حصول فريقه يوفنتوس على ثنائية الدوري والكأس المحليين ووصوله الى نهائي دوري ابطال اوروبا، ثم نجح هذا الموسم بفضل قيادته الحكيمة بالمساهمة في الاحتفاظ بلقبي الدوري والكأس.

وما يميز بوفون ليس براعته وتفوقه على عامل العمر وحسب، بل قدرته القيادية التي تجلت بافضل حلاتها في اوائل الموسم الحالي حين خرج عن صمته وناشد رفاقه في يوفنتوس بتحمل مسؤولياتهم حين كان الفريق في وضع يرثى له.

وواصل بوفون قيادته الحكيمة هذا العام مع المنتخب الوطني الذي دخل الى البطولة وهو خارج حسابات المنافسة على اللقب لكنه قدم مباريات مميزة وتخطى بلجيكا (2-صفر) والسويد (1-صفر) في الدور الاول ثم جرد اسبانيا من اللقب بالفوز عليها في الدور الثاني (2-صفر).

والملفت ان شباك بوفون لم تهتز حتى الان في البطولة لان الهدف الذي تلقته ايطاليا في مباراتها الثالثة في دور المجموعات ضد ايرلندا (صفر-1) كان في مرمى بديله سلفاتوري سيريغو.

ويأمل بوفون السير على خطى الحارس الاسطوري دينو زوف الذي قاد ايطاليا للفوز بلقب مونديال 1982 حين كان في الاربعين من عمره (اكبر لاعب توج بطلا للعالم) وان يقود بلاده الى اللقب القاري الثاني في تاريخها بعد 1968.

ولا يبدو ان كأس اوروبا ستكون المغامرة الاخيرة لبوفون مع المنتخب الوطني اذ يرغب بان يخوض بطولة عاشرة (9 حاليا: 5 في كأس العالم و4 في كأس اوروبا) وان يصبح اول لاعب يشارك في كأس العالم ست مرات من خلال قيادة بلاده في نهائيات روسيا 2018.

لكن "جيجي" اعترف ان قرار مواصلة المشوار مع المنتخب في هذا العمر "لا يتعلق باللاعب المعني وحسب بل له علاقة بالاداء الذي يقدمه في الملعب وبخيارات المدرب"، مؤكدا انه ينوي مواصلة اللعب لعامين اضافيين "لكني امل ان اكون على اعلى المستويات مثل وضعي الحالي. واذا اعجب المدرب بما اقدمه، فسأكون سعيدا بمواصلة مشواري كجزء من المنتخب".

ما هو مؤكد، ان بوفون فرض نفسه من بين العملاقة الذين وقفوا بين الخشبات الثلاث مثل الانكليزي غوردون بانكس او الالماني سيب ماير او الروسي ليف ياشين حتى وان كان الاخير يتفوق عليه من ناحية الجوائز الشخصية لان حارس يوفنتوس لم يتمكن من احراز الكرة الذهبية بعد تتويج بلاده بلقب مونديال 2006.

ويمكن القول، ان زميله المدافع فابيو كانافارو "خطف" هذه الجائزة منه خلال المونديال الالماني لكن بوفون المتواضع يؤكد: "بصراحة، لا اعتقد اني ظلمت في ما يخص عدم فوزي بالجائزة. فاذا لم افز بها، فذلك يعني اني لم احاول بما فيه الكفاية. انه خطأي وحسب".

- نوير، الحارس "الهجومي" -

اما في ما يخص خصمه المقبل نوير، فحلوله قبل عامين في المركز الثالث في السباق على جائزة الكرة الذهبية لافضل لاعب في العالم خلف النجمين الكبيرين البرتغالي كريستيانو رونالدو والارجنتيني ليونيل، يؤكد موقعة هذا الحارس الذي يصغر بوفون بثمانية اعوام (30 عاما و3 اشهر).

صحيح ان الفارق كبير من حيث الخبرة بين نوير الشاب وبوفون "العجوز" ان كان من ناحية العمر او عدد المباريات الدولية (69 للاول و160 للثاني)، لكن حارس بايرن ميونيخ وصل الى المنتخب حين كان في الثالثة والعشرين من العمر في حين خاض حارس يوفنتوس مباراته الدولية الاولى حين كان في التاسعة عشرة من عمره.

"لا يفصل بينهما سوى تفاصيل"، هذا ما قاله الحارس الدولي الالماني السابق اندرياس كوبكه الذي يشرف حاليا على حراس المنتخب الالماني، عن بوفون ونوير مضيفا: "انهما الحارسان الوحيدان اللذان حافظا على نظافة شباكهما في هذه البطولة بما ان بوفون لم يشارك في المباراة التي خسرتها ايطاليا امام ايرلندا، بل سيريغو".

وواصل: "لم يهزما حتى الان، مانويل لاربع مباريات على التوالي ولا اعتقد بان هذا الامر يحصل كثيرا. انهما افضل حراس هذه البطولة وهما ليسا مهمين بسبب دورهما بين الخشبات الثلاث وحسب بل بطريقة ادارتهما لخط الدفاع انطلاقا من المرمى او بالدور الذي يلعبانه خارج الملعب ايضا".

واردف الحارس الذي قاد المانيا الى اخر لقب لها في كأس اوروبا عام 1996: "انهما شخصان مهمان جدا ويجب الاشادة بما يقوم به جيجي بوفون، بالمستوى الذي ما زال يلعب به ورباطة الجأش التي اظهرها في المباراة ضد اسبانيا (2-صفر في الدور الثاني)... اسلوب مانويل نوير الذي يصغره بثمانية او تسعة اعوام، مختلف لانه يميل اكثر الى اللعب الهجومي. لكن حقا من الصعب المقارنة بينهما وانا لست من محبذي تصنيف من هذا النوع".

وكان كوبكه محقا في ما يخص صعوبة المقارنة بين الحارسين اذ انهما متعادلان من حيث الالقاب الدولية فبوفون توج بطلا للعالم عام 2006 ونوير عام 2014، وخسر الاول نهائي كأس اوروبا 2012 الثاني نهائي 2008 والاثنان امام اسبانيا، وتوج الايطالي ببطولة اوروبا للناشئين عام 1996 والالماني بلقب عام 2009.

ومن المؤكد ان مواجهة السبت في بوردو ستكون قمة في الاثارة بين منتخبين غريمين وبين حارسين عملاقين سبق لهما ان تواجها هذا الموسم مع فريقيهما في الدور ثمن النهائي من مسابقة دوري ابطال اوروبا حين تعادلا ذهابا 2-2 قبل ان يخرج بايرن فائزا ايابا 4-2 بعد التمديد.

وستكون المواجهة بالتالي ثأرية على الصعيد الشخصي بالنسبة لبوفون الذي اعترف بانه كان السبب في هدف التعادل القاتل الذي سجله بايرن في الاياب عبر توماس مولر في الدقيقة الاولى من الوقت بدل الضائع، لكن الثأر الالماني سيكون اكبر لان "ناسيونال مانشافت" لم يفز باي من مواجهاته الرسمية السابقة مع ايطاليا واخرها في نصف نهائي نسخة 2012 (1-2).