لا تقتصر مشاركة كوريا الشمالية في دورة الألعاب الآسيوية المقامة راهنا في أندونيسيا على التألق في إحراز الميداليات، بل وصل الأمر إلى سرقة قلوب المشجعين قبل عودتهم إلى ديارهم كأبطال يكافؤون بالسيارات والمنازل.

في منافسات رفع الأثقال التي اختتمت الأثنين، حسنت كوريا الشمالية رقمها القياسي برصيد أربع ذهبيات في 2014، وخطف ابطالها ثماني ذهبيات، لكن اللافت كان سلوك الفريق المختلف تماما عن النسخة الأخيرة.

هناك، قرأ كل متوج نصا متقنا لشكر الزعيم الملهم كيم جونغ أون قبل أن يتم نقله بعيدا. لكن على مدى ثمانية أيام في جاكرتا، تحدث الرياضيون بأريحية عن أعصابهم، مخاوفهم، عواطفهم والحياة في ديارهم واختلطوا بحرية مع المتفرجين والصحافيين.

حتى أنهم انضموا إلى الفريق الكوري الجنوبي في رفع الأثقال للاحتفال بنهاية المسابقة مع صورة جماعية غير مسبوقة.

قالت كيم كوك-هيانغ المتوجة بوزن فوق 75 كلغ بعد التقاط الصور مع جيرانها الجنوبيين "أعتقد أننا أظهرنا للعالم أن شعب كوريا الموحد هو الأعظم"، في تصريح مذهل لرياضية كورية شمالية، نظرا لحالة الحرب المعلنة دوما بين البلدين منذ 65 عاما.

وحملت بعدها النحيلة ري سونغ-غوم (1,40 م) المتوجة بوزن 48 كلغ، ودارت بها على المنصة وهما تضحكان، تمزحان وترفعان قبضاتهن في الهواء.

- سلفي وابتسامات -

ولم يرفض أي طلب واحد للحصول على صورة "سلفي" من مشجع أو متطوع في الألعاب، بل تم استيعابها بابتسامات كبيرة. في دورة الالعاب الآسيوية 2014 لم يحصل شيء من هذا.

أزيلت الأغلال، وعبر الرياضيون عن سرورهم للكشف عن قصصهم الشخصية للمرة الأولى.

حتى أن البطل الأولمبي في 2012 ووصيف بطل أولمبياد ريو 2016، أوم يون-تشول شكر الكوريين الجنوبيين لمساعدته على الفوز بوزن 56 كلغ "الدعم الحماسي من الرياضيين الكوريين الجنوبيين هو مصدر قوتي العظمى".

هل كان الشخص نفسه الذي شكر قبل أربع سنوات الزعيم كيم لتعليمه كيفية "كسر الصخرة ببيضة"؟

وبكى أو كانغ تشول كثيرا على رحيل والدته بعد تتويجه بذهبيته الأولى في وزن 69 كلغ. كانت لحظة مؤثرة عندما ندب والدته التي رحلت مطلع العام الحالي وكانت تطمح لرؤيته يحرز لقبه الأول.

قال وهو لا يزال يبكي ولا يخجل من الحزن الذي يشعر به "سأزور قبر والدتي وأمنحها ميداليتي الذهبية"، في تناقض كبير مع الرجال والسيدات "الآليين" المشاركين في البطولات السابقة.

تغيير مفتوح يبدو أنه يواكب ذوبان الجليد في العلاقات الدبلوماسية والتي بلغت ذروتها في قمة تاريخية بين كيم والرئيس الأميركي دونالد ترامب في سنغافورة في حزيران/يونيو الماضي.

فوجىء المراقبون من كوريا الجنوبية بهذا السلوك. قال مراسل وكالة يونهاب الإخبارية جو كيونغ-دون لوكالة فرانس برس "لم نر أبدا الكوريين الشماليين بهذه الحالة".

تغيير في السلوك يبدو أن التشجيع على ممارسته هابط من الأعلى. كان وزير الرياضة كيم إيل غوك، أحد المقربين من كيم جونغ أون، حاضرا الأحد وبارك كشف أعضاء الفريق عن مواضيع محظورة من قبل.

- "ليسوا مخيفين" -

"سيكافأ أبطال رفع الأثقال الذين يشرفون البلاد بمنزل جديد وسيارة جديدة"، بحسب ما قال كيم كوانغ دوك مدرب الفريق لفرانس برس، مؤكدا للمرة الأولى ما كان مشكوكا فيه في الدولة السرية، بأن المجد الرياضي طريقة للخروج من الفقر المدقع.

وأضاف "سيحصل رياضيونا على مرتبة بطل قومي لدى عودتهم وعلى اهتمام كبير من شعبنا. الجميع سيكونوا فخورين".

لم تنفتح العلاقات فقط في قاعة رفع الأثقال، إذ مشت الكوريتان سويا في حفل الافتتاح، شاركتا بفريق موحد في مسابقة كرة السلة للسيدات وأحرزتا ذهبية تاريخية وبرونزيتين في مسابقة قارب التنين.

قال لاعب كرة السلة الكوري الجنوبي كيم هان-بيول "ليسوا مخيفين أو كما يتم تصويرهم على الانترنت".

بكت الشقيقتان ريم أون سيم وريم جونغ سيم فرحا بعد تتويجهما في رفع الأثقال، وعبرتا عن توقهما للعودة إلى الديار كي تشاهد العائلة ميداليتهما.

تذكرت ريم جونغ سيم، ولو باختصار، أن تشكر الزعيم كيم جونغ أون "هذه الذهبية ليست لي، بل لبلدي وزعيمنا الأعلى".

لكن هذه التعابير كانت قليلة وسرعان ما غيرت شقيقتها الموضوع "لا يمكنني وصف شعوري. نافسنا سويا وأحرزنا الميداليات في بطولة الجامعات العام الماضي، لكن هنا الألعاب الآسيوية".