مهدت سارة سمير، أول مصرية تفوز بميدالية في رفع الأثقال في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، الطريق أمام إقبال النساء في بلادها على مزاولة هذه الرياضة والنجاح فيها على رغم الصعوبات المختلفة.

وتوجت سمير (20 عاما) ببرونزية فئة 69 كلغ خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية الأخيرة التي أقيمت في المدينة البرازيلية، وكانت أول مصرية تحرز ميدالية أولمبية.

في قاعة تدريب بمنطقة المعادي جنوب القاهرة، تقف سمير البالغة من العمر 20 عاما والمتحدرة من القصاصين بالاسماعيلية، بحجابها وزي التدريب الطويل الكمين، تعلق الاوزان في عارضة الرفع وتنفذ تعليمات مدربها وتستمع له بهدوء، استعدادا لرفع وزن يفوق 90 كلغ.

وتقول الشابة التي تنافس باسم سارة أحمد، لوكالة فرانس برس "بعدما فزت بالميدالية في ريو، بدأت فتيات كثيرات في الاسماعيلية ممارسة رفع الأثقال ليصبحن مثل سارة سمير في حين انهن كن قبل ذلك يسخرن مني".

تضيف الرباعة التي بدأت بالتمرن في سن الحادية عشرة "عندما بدأت رفع الأثقال، لم تعترض عائلتي على الإطلاق بل وافقت، لكن الناس كانوا يستقبلونني بعبارات مثل +ماذا؟ انتي تلعبين رفع أثقال، هل تستطيعين حملي؟+".

انعكس تتويج سمير على المسرح العالمي، ايجابا في مصر، حيث ساهم في زيادة إقبال النساء على مزاولة رفع الأثقال.

ويقول المدير الفني للمنتخب المصري محمد الديب "عدد المشاركات في بطولات رفع الاثقال (المحلية) كان لا يزيد عن 30 أو 40 فتاة".

ويضيف "منذ أولمبياد 2016 (...) أصبحت هناك أكثر من 300 فتاة مسجلة في الاتحاد (المصري لرفع الاثقال)".

- "أمل" -

لا تخفي سارة سمير سعادتها بزيادة الاقبال على رفع الأثقال، معتبرة انه يدفعها الى ان "أكون أفضل لتتشجع مزيد من الفتيات" على مزاولة اللعبة.

ويرى المحلل الرياضي محمد سيف ان فوز سمير "له أثر إيجابي على الرياضات النسائية. يعطي أملا في امكانية النجاح مهما كانت الصعوبات".

ويشير سيف الى ان من بين هذه الصعوبات، تركز العائلات غالبا على الذكور بدلا من الاناث، وتشجعيهن على مزاولة رياضات أقل حدة، مثل السباحة أو الجمباز، بدلا من ألعاب القوى أو رفع الأثقال.

كانت الآية معكوسة في منزل سمير، اذ ساهم والداها بشكل أساسي في تشجيعها، ورافقها والدها بشكل مستمر الى قاعة التدريب.

وتوضح "كنت أذهب مع أمي وأبي لمشاهدة اخي وهو يمارس رفع الأثقال في بطولة الجمهورية ووجدت ان ثمة فتيات يمارسن هذه الرياضة، وقلت لأبي أريد ان ألعبها".

بعد أشهر من بداية تدريبها، فازت بميدالية ذهبية في بطولة الجمهورية للفئة العمرية دون 14 عاما، وانضمت إلى المنتخب الوطني عندما كانت في الثالثة عشر من عمرها.

وقبل ميدالية سمير في 2016، عرفت الرياضة المصرية حالة أقرب الى الجفاء مع الميداليات الأولمبية في رفع الأثقال منذ عام 1948. وفي اليوم نفسه الذي توجت خلاله، حققت مصر ميدالية ثانية في رفع الأثقال، وذلك ببرونزية لمحمد محمود. وقبل أربعة أعوام من تتويجها، حلت مواطنتها عبير عبد الرحمن خامسة في أولمبياد لندن 2012، الا انها عادت ونالت الفضية بعدما تم استبعاد منافساتها على خلفية قضايا منشطات.

وفي العام الماضي، نالت شيماء خلف (26 عاما) الميدالية الفضية في الخطف والبرونزية في المجموع خلال بطولة العالم بالولايات المتحدة لفئة 90 كيلوغراما، وهي تأمل في الفوز بميدالية أولمبية في طوكيو 2020.

- "عقلها كله رفع أثقال" -

وعلى رغم تحقيق الرباعين والرباعات المصريين نجاحات في رفع الأثقال، الا ان هذه الرياضة لا تزال تفتقر للاهتمام الرسمي المنصب بشكل أساسي على كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى في البلاد.

وبحسب سيف "الدولة عادة ما تتفاعل في لحظة الإنجاز... وبعد مرور الوقت ننسى ونركز على كرة القدم"، لاسيما في الفترة الراهنة مع استعداد المنتخب المصري ونجمه الأبرز محمد صلاح، للمشاركة في نهائيات مونديال روسيا 2018 بدءا من منتصف حزيران/يونيو المقبل، وذلك للمرة الأولى بعد غياب امتد 28 عاما.

أما سمير، فلا يبدو ان ثمة ما يشغل بالها عن رفع الأثقال.

وبحسب مدربها "لم أكن أشاهد سارة خلال فترة المعسكر (التدريبي) إلا في المطعم أو في غرفة التدريب.. عقلها كله رفع أثقال". أما سر نجاح المصريات في هذه الرياضة؟ "يتحملن التدريب أكثر من الرجال!".