منذ بدايته المتواضعة في ملعب صغير بوارسو، نادرا ما وجد نجم الدوري الالماني وبايرن ميونيخ روبرت ليفاندوفسكي صعوبة في هز الشباك.
النجم المطلق لمنتخب بولندا في نهائيات كأس العالم التي تحتضنها روسيا اعتبارا من 14 حزيران/يونيو، كان في الأيام القليلة الأخيرة من العناوين الرئيسية في وسائل الاعلام بعدما أعلن وكيله انه أبلغ ناديه بايرن ميونيخ الألماني المتوج بطلا للدوري المحلي للموسم السادس تواليا، رغبته بالرحيل.
- نحيل، ذكي وموهوب -
ولد ليفاندوفسكي في وارسو في 21 آب/أغسطس 1988 لأب كان يزاول كرة القدم مع النادي المغمور هوتنيك الى جانب مزاولته أيضا الجودو، ولأم لعبت كرة الطائرة على صعيد احترافي.
بدأ يشق طريقه نحو النجومية كمراهق نحيل البنية في فريق الشباب لنادي فارسوفيا وارسو في إشراف مدربه الأول كريستوف سيكورسكي الذي أشرف على النجم المستقبلي حتى السابعة عشرة من عمره.
ويتذكر سيكورسكي "عندما دخل لإجراء مرانه الأول، كان مجرد صبي صغير نحيل، الأصغر في الفريق لكنه كان يتمتع بقلب كبير، أكثرهم جرأة وموهبة. يمكنك أن ترى على الفور أنه موهوب بشكل غير عادي!".
ورغم أن والد روبرت كان مشجعا للفريق المنافس بولونيا، سلك نجله طريقا مختلفا لأن هذا النادي لم يكن لديه برامج تدريبية خاصة بالصغار، فانتهى به الأمر في فارسوفيا. الظروف في النادي الذي كان يعاني من ضائقة مالية، كانت بعيدة عن المثالية، اذ تدرب الصغار على ملعب تغطيه الرمال والطين، ما جعله يتحول الى مستنقع من الوحل في الخريف والشتاء.
ويتذكر سيكورسكي أرضية الملعب التي كانت "كارثية... كان يجب تسويتها طوال الوقت"، مضيفا "عندما كان الجو حارا، كان علينا أن نرش الملعب بالماء بسبب الغبار، لكن كل شيء يصعد في سحابة من الغبار مرة أخرى بمجرد أن تجففه الشمس. اللون الأسود كان يغطي الأولاد".
وتابع "في الشتاء، لم يكن لديهم أي خشية من الثلج".
لكن يبدو أن الظروف القاسية عززت الميزة التنافسية للفريق لأن "أداءهم كان قويا جدا، كانوا يفوزون دائما بالميداليات".
في إحدى المشاركات الخارجية عام 2002، تعرف ليفاندوفسكي الى مدينته المستقبلية ميونيخ حين لعب فريقه دورة هناك، من دون ان يدرك البولندي انها ستصبح "موطنه" اعتبارا من 2014 حين خطفه النادي البافاري من غريمه بوروسيا دورتموند.
المحطة التالية في مسيرة ليفاندوفسكي كانت في 2005، أي العام الذي خسر فيه والده، وذلك بالتوقيع مع دلتا وارسو أحد أندية الدرجة الخامسة.
كان ليفاندوفسكي في طليعة الهدافين حتى وصوله الى الدوري الممتاز عام 2008، حين وقع مع ليخ بوزنان وساعد الأخير للفوز بلقبه الأول منذ 17 عاما، قبل أن يبدأ بعدها مسيرته الألمانية حين تعاقد معه دورتموند عام 2010 لأربعة أعوام في صفقة قياسية لبولندي بلغت 4,5 ملايين يورو.
تألق ليفاندوفسكي مع دورتموند وقاده لاحراز لقب الدوري 2011 و2012 والكأس في 2012، ووصل معه الى نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2013 حين خسر أمام فريقه المستقبلي بايرن الذي ضمه الى صفوفه في 2014.
- "أحب الكرة، والكرة ستحبك" -
الطفل النحيل الذي بدأ مشواره الكروي بين الغبار، نما كرويا وبدنيا لدرجة أوصلته ليحمل اسم "الجسد" بسبب قوته العضلية، في حين أن مكانته كمهاجم في الـ"بوندسليغا" دفعت الجمهور الى تسميته "ليفانغولسكي" بسبب كثرة الأهداف التي يسجلها.
ويقدر موقع "ترانفسرماركت" المتخصص برصد الانتقالات والاحصاءات، قيمة البولندي حاليا بـ 90 مليون يورو.
لكن ما يهم "ليفا" الآن ليس سعره أو أين ستكون وجهته المقبلة، بل يريد أن يعيد بلاده التي لطالما حلم بتمثيل منتخبها الوطني منذ الصغر، الى استعادة أمجاد الماضي حين نالت المركز الثالث في مونديالي 1974 و1982.
يخوض "ليفا" مشاركته الثالثة على صعيد البطولات الكبرى مع منتخب بلاده، بعد كأس أوروبا حين افتتح سجله على صعيد البطولات الدولية بالتسجيل في مرمى اليونان (1-1)، وبعد خروج بلاده من الدور الأول وفشلها في التأهل الى مونديال 2014، انتظر حتى 2016 ليسجل هدفه الثاني وكان ضد البرتغال.
لكن هذه المرة كان الهدف في الدور ربع النهائي بعدما صام عن التسجيل في دور المجموعات وثمن النهائي، وسجله بعد ثوان على بداية المباراة لكن البرتغال ادركت التعادل قبل نهاية الشوط الاول ثم بقيت النتيجة على حالها حتى بعد التمديد، قبل ان يحسمها كريستيانو رونالدو ورفاقه بركلات الترجيح في طريقهم الى اللقب الأول في تاريخ بلادهم.
وينتظر ليفاندوفسكي بفارق الصبر الآن للتأكيد بأن وصول بلاده الى ربع نهائي كأس أوروبا لم يكن وليد الصدفة، وهي تبدو مرشحة لتخطي دور المجموعات في روسيا 2018 كونها تلعب مع السنغال وكولومبيا واليابان.
وبغض النظر عن نتيجة بلاده في كأس العالم، أو وجهته المقبلة إن كان سيبقى مع بايرن أو ينتقل الى فريق مثل ريال مدريد الاسباني أو باريس سان جرمان الفرنسي، الأكيد بالنسبة لليفاندوفسكي هو أنه يريد إنشاء مدرسة كروية في وارسو بحسب ما كشف لصحيفة "سوبر اكسبرس" المحلية.
وقال ليفاندوفسكي "لدي المعرفة والرؤية، وقد اختبرت اشياء لم يختبرها أحد في بولندا. انا البولندي الوحيد الذي عمل مع اشخاص معينين وأود ان اشاركهم هذه التجربة".
وللمدرب سيكورسكي نصيحة قيمة لأي شاب لديه طموحات بالسير على خطى ليفاندوفسكي "أحب الكرة مثل ليفاندوفسكي، والكرة ستحبك".
التعليقات