كان جيفرسون فارفان يعزف على آلة "كاجون" البيروفية في صغره مقابل بضع قطع من النقود... وفي المونديال الروسي سيقوم صانع الالعاب بفرض أسلوب لعبه وعزفه المنفرد في المنتخب لخدمة المايسترو والقائد باولو غيريرو.

في صفوف المنتخب البيروفي، هناك قائد للاوركسترا هو باولو غيريرو (34 عاما، 89 مباراة دولية و35 هدفا منذ عام 2004)، الذي لم تتأكد مشاركته في العرس العالمي حتى اللحظة الأخيرة بسبب الايقاف على خلفية فحص منشطات أظهر وجود آثار كوكايين في جسمه.

الى جواره، في الظل قليلا ولكن دائما بالقرب من مهاجم فلامنغو البرازيلي، يتواجد مخضرم آخر يعتبر من الركائز الاساسية للمنتخب الاميركي الجنوبي: لاعب لوكوموتيف موسكو الروسي جيفرسون فارفان الذي يملك سجلا محيرا نوعا ما والذي ستكون مهمته في روسيا تموين صديقه غيريرو.

يتقن "جيفري" جيدا التأقلم مع الايقاعات. فصانع الالعاب جيفرسون أغوستين فارفان غوادلوب المولود في فيا ال سلفادور، أحد الاحياء الاكثر فقرا وغبارا في الضواحي الجنوبية للعاصمة ليما، عاش أولا بفضل آلة "كاجون"، وهي آله قرع (طبل) تقليدية في البيرو.

- "أمي كانت ترقص، وأنا أعزف" -

ويقول فارفان الطفل الوحيد في عائلته والذي نشأ مع والدته بعدما تخلى عنهما والده: "عندما كنت صغيرا، كنت أتجول بآلة كاجون، كانت أمي ترقص وأنا أعزف. كنت أحصل على بقشيش. أحب إيقاع الموسيقى".

وبعد ربع قرن، بات فارفان يرتدي أقراط مرصعة بالماس ويتجول مع أطفاله على متن سيارة فيراري قيمتها 250 ألف دولار في شوارع العاصمة ليما.

يقول أفضل هداف لفريق لوكوموتيف موسكو المتوج معه بلقب الدوري الروسي هذا الموسم: "عندما أفكر بأنني كنت أركض حافي القدمين على طرق فيا ال سلفادور، واليوم أنا في كأس العالم، اشعر ارتياح كبير".

بدأ فارفان مشواره مع فريق ديبورتيفو البلدي المتواضع في ليما في سن الرابعة عشرة قبل أن يتألق في دوري الدرجة الاولى مع اليانز ليما، حيث لعب الى جانب غيريرو لأول مرة.

 لكن مشواره مع المنتخب كان متذبذبا على الرغم من خوضه أكثر من 80 مباراة دولية سجل خلالها 25 هدفا.

بين الإصابات وتراجع المستوى، تم في بعض الاحيان استبعاد لاعب الوسط السابق لناديي ايندهوفن الهولندي (2004-2008) وشالكه الالماني (2008-2015)، فاسحا المجال أمام باولو غيريرو ليصبح النجم الاوحد للمنتخب البيروفي.

- "حلم" -

ويعود الفضل في عودة فارفان مجددا الى صفوف المنتخب البيروفي الى المدرب الحالي ريكاردو غاريكا. كان ذلك في أواخر عام 2017 من أجل قيادة البيرو الى نهائيات كأس العالم في روسيا.

كان مطالبا باستعادة أفضل مستوياته، وأن يضع خلفه علاقة حب إعلامية جدا مع مغنية سالسا، ويمتثل للقواعد.

قرر غاريكا أن يضع ثقته بالثنائي غيريرو-فارفان لأن "جيفرسون يملك مؤهلات تمكنه من الارتقاء في الهواء للتفوق على أي مدافع في العالم".

ونجح المدرب في رهانه. قاد غيريرو البيرو الى خوض الملحق العالمي بادراكه التعادل في مرمى كولومبيا خلال مباراتهما في الجولة الاخيرة من التصفيات، فانهاها منتخب بلاده في المركز الخامس.

وعندما أوقف غيريرو لثبوت تناوله الكوكايين، أخذ فارفان على عاتقه قيادة البيرو، فافتتح التسجيل في المباراة ضد نيوزيلندا (2-صفر) في ليما في اياب الملحق (صفر-صفر ذهابا)، وكان هدفا حاسما في قيادة البيرو الى النهائيات.

ويقول فارفان الملقب بـ "الفقمة الصغيرة" تيمنا بعمه روبرتو الذي كان مهاجما دوليا ايضا، "حدثت لي أشياء جيدة وأشياء سيئة. الآن، اللعب في كأس العالم حلم".

في سن الـ 34 والـ 33 عاما، سيخوض الصديقان غيريرو وفارفان نهائيات كأس العالم للمرة الاولى، وأمامهما فرصة غدا السبت ضد الدنمارك لتعزيز سجلهما الدولي بملحمة في المونديال الذي تخوضه البيرو للمرة الاولى منذ عام 1982.

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، بدا المدرب السابق بيرسي روخاس متأكدا من أنه "مع غيريرو وفارفان، نحن مسلحون بما فيه الكفاية في خط الهجوم لأنهما لاعبان من العيار الدولي. معهما، نملك قوة هجومية لا تملكها منتخبات أخرى".