شنغهاي: عندما تبدأ الصين سعيها إلى توسيع هيمنتها الأولمبية في كرة الطاولة خلال ألعاب طوكيو، فإنها ستتبع مساراً صاغه رائد في اللعبة كانت نهايته مأساوية، يدعى رونغ غوتوان.

في العام 1959، أصبح رونغ أول بطل عالمي صيني في كل الرياضات عندما فاز بلقب كرة الطاولة للرجال، قبل أن ينتحر في أوائل الثلاثينات من عمره خلال ثورة ثقافية سادت خلالها في البلاد.

بعد أكثر من نصف قرن، لا يزال رونغ مصدر إلهام لملايين اللاعبين الهواة في الصين وللمنتخب الوطني القوي أثناء توجهه إلى أولمبياد طوكيو في تموز/يوليو الحالي.

يقول ما لونغ حائز ثلاث ذهبيات أولمبية إن "فوزه كان ضجّة كبيرة على المستوى الوطني ورفع الروح الوطنية إلى حدّ كبير"، بعد خطفه لقب بطولة العالم في كرة الطاولة عام 1959 في ألمانيا.

ويضيف "عندما كنت طفلاً، سمعت قصّة معركة رونغ غوتوان. كان قلبي ينبض بقوّة وقد ألهمني ذلك للمواجهة اللاعبين الأقوياء من دون خوف من أجل الانتصار".

كان ما البالغ من العمر 32 عاماً يتحدّث لوسائل الإعلام الصينية الرسمية قبيل أولمبياد طوكيو الذي سينطلق رسمياً في 23 تموز/يوليو الحالي، بعد عام من التأجيل جرّاء تفشي فيروس كورونا.

ما، هو قائد منتخب كرة الطاولة الصيني الذي فاز بكل الميداليات الذهبية الأربع في أولمبياد ريو 2016، ويسعى لاكتساح جديد في العاصمة اليابانية.

ومنذ أصبحت اللعبة رياضة أولمبية في العام 1988، فازت الصين بـ28 ميدالية من أصل 32 ميدالية ذهبية.

وقد مهّد نجاح رونغ الطريق للهيمنة الصينية، وكان له الفضل في إثارة حماسة الصين لهذه الرياضة.

في حديقة في العاصمة الصينية بكين، حيث يلعب المتقاعدون وغيرهم في الهواء الطلق على مدار العام، حتى في درجات حرارة متدنية في الشتاء القارس، لا يزال أولئك الذين شهدوا على انتصار رونغ التاريخي يتذكرون تلك اللحظات.

يقول رين تشيان وهو في السبعينات من عمره ويمارس كرة الطاولة مع زوجته في الحديقة لمدة ساعة يومياً "بدأ جميع الصينيين تقريباً بلعب كرة المضرب حينها".

بطل تعرّض للتعذيب

ربما يكون رونغ الذي ولد في هونغ كونغ عام 1937 بطلًا للعالم، لكن ذلك لم ينقذه من الاضطرابات والعنف في ثورة ماو تسي تونغ الثقافية بين عامي 1966 و1976.

رونغ الذي أشرف أيضاً على تدريب المنتخب الصيني للسيدات وقاده إلى النجاح، "تم تقديمه على أنه جاسوس مشتبه به" وتم اعتقاله، بحسب ما تقول وسائل إعلام الحكومة الصينية الحديثة.

تبقى الظروف الدقيقة لسقوطه لغزاً، كما هو الحال مع العديد من الضحايا في فترة تم فيها توجيه اتهامات كاذبة أو ملفقة ضد عدد لا يحصى من الناس.

وفقاً لكتب عدة حول هذا الموضوع، فقد تعرّض رونغ للتعذيب على على يد الحرس الأحمر لماو.

تبقى التقارير الإعلامية الصينية خجولة حيال وفاته في العام 1968، ولكن يُعتقد على نطاق واسع أن رونغ شنق نفسه من شجرة بعد أقل من عقد من وضع الصين على الخريطة الرياضية. لذا يظنّ البعض أنه ربما تعرّض للقتل.

ومهما كانت الحقيقة، كان باي غو شنغ طالباً في معهد رياضي في مدينة تيانجين الشمالية الشرقية في أوائل ثمانينات القرن الماضي، ويتذكر كيف أجلسهم المعلمون لمشاهدة مقاطع فيديو عن انتصار رونغ.

يقول باي الذي يبلغ الآن 59 عاماً ويعمل أميناً لمتحف تيانجين الرياضي إنه "بعد ذلك، شعرت أن الجميع قد تأثروا كثيراً". ويضيف "اندهش الجميع من أنه يستطيع اللعب بشكل جميل وعنيد".

يؤكد باي أن انتصار رونغ كان ذا أهمية كبيرة ليس فقط لأنه كان بداية ما سيصبح في نهاية المطاف هيمنة صينية على كرة الطاولة، ولكن بسبب الأوضاع التي كانت عليها البلاد في العام 1959.

فقد كانت الصين الشيوعية تأسّست في عهد الزعيم ماو قبل عقد من الزمن فقط، وستعاني في ما بعد من مجاعة وخيمة.