باريس : سيحاول مدرّب منتخب فرنسا ديدييه ديشان ترصيع سجله الذهبي وهو الأفضل في تاريخ كرة القدم الفرنسية في مونديال قطر، لكن النسخة المقبلة ستكون مصيرية بالنسبة الى المدرب الذي يطلق عليه لقب "أب الانتصارات".
كان ديشان قائداً لفرنسا عندما توّجت بباكورة القابها في كأس العالم التي استضافتها عام 1998، ومدربا للنجمة الثانية على قميص الديوك خلال مونديال روسيا قبل 4 سنوات ونيف، وبالتالي سيبقى تاريخ منتخب فرنسا ملتصقا به، لكن الى متى؟
واعترف ديشان في لقاء صحافي تواجدت فيها وكالة فرانس برس اواخر العام 2021 عن امكانية عدم تدريب المنتخب "ادرك جيداً بان الأمر قد يتوقف في اي لحظة"، لانه كان يعلم حينها بأنه لن يحصل على تمديد عقده قبل مونديال 2022. سيتم البحث في مستقبل ديشان على رأس الجهاز الفني بعد نهاية كأس العالم، علما بانه استلم مهامه عام 2021 خلفا للوران بلان، وهو المدرب الاكثر بقاء في منصبه في تاريخ كرة القدم الفرنسية.
ويقول ديشان (54 عاما) "عندما بدأت مهمة التدريب، قلت لزوجتي بأنني سأتوقف بعمر الاربعين، لكن انظروا اليوم، ما زلت هنا!".
واضاف "إذا كان بمقدوري ان اعيش 10 سنوات اضافية في هذه المهنة، سيكون الأمر مثالياً، لأنه المستوى الأعلى، وهو ما أحب".
كل ما يحبّه ديشان هو "الامتياز" بفضل جيل فرنسي استثنائي في متناوله، وايقاع اقل سرعة من تدريب احد الأندية وهو أقرّ بان السنوات الثلاث التي امضاها مدربا لمرسيليا "انهكته كثيرا" بين عامي 2009 و2012.
ويقول ديشان "لا احد يستطيع تعكير صفائي" معتمدا على خبرته للابتعاد، المحافظة على الثقة ومراجعة الذات.
ويقول قلب دفاع منتخب فرنسا ونادي مانشستر يونايتد الانكليزي رافايل فاران عن مدربه "الميزة التي يتمتع بها وتساعده على الاستمرار هي عدم التراخي، أن يكون دقيقاً ومنتبهاً الى كل تفصيل، ما يغيظه هو التراخي".
على الرغم من صلابته في المواقف، فإنه لا يخلو من العاطفة وابرز دليل على ذلك ان يستدعي مجدداً لاعب الوسط المشاكس أدريان رابيو، بعد استبعاده على مدى سنتين لانه رفض ان يكون على لائحة الانتظار في التشكيلة المشاركة في روسيا 2018. والأكثر من ذلك قراره بعودة مهاجم ريال مدريد كريم بنزيمة الى حضن المنتخب بعد غياب دام خمس سنوات ونصف بسبب فضيحة شريط جنسي. قال ديشان في هذا الصدد معللاً قراره "كل شخص يملك الحق في ان يرتكب غلطة".
لكن ديشان الذي يُعتبر مدرباً محافظاً، اشرك بعد التتويج في مونديال روسيا 29 لاعباً جديداً في صفوف المنتخب، كما انه تخطى اختلالاً دفاعياً عام 2021 ليتوج بطلا لدوري الامم الاوروبية في تشكيلة وُضعت في خدمة ثلاثي خط المقدمة المؤلف من انطوان غريزمان وكيليان مبابي وبنزيمة.
مسيرة ذهبية
لا ينسى ديشان أنه بنى نجاحه على صلابة دفاعية ثابتة وثقافة النتائج التي أصبحت أسطورية. فلاعب الوسط سابقا، فاز بكل شيء على أرض الملعب وفي أغلب الأحيان كان يحمل شارة القائد واللائحة طويلة: دوري أبطال أوروبا الوحيد لناد فرنسي مع مرسيليا عام 1993، وآخر مماثل مع يوفنتوس الايطالي عام 1996 وبطل العالم (1998) وأوروبا (2000) مع منتخب بلاده.
ساهم سجله في ابعاد بعض السحب الرمادية في مسيرته كالشكوك حول تناول المنشطات مع يوفنتوس، أو قضية الفساد التي شابت مباراة مرسيليا وفالنسيان عام 1993 والتي لم يتورط فيها ديشان أبدا.
وكمدرب، قاد ديشان موناكو إلى نهائي خالفا التوقعات وخسره أمام بورتو البرتغالي صفر 3 في دوري أبطال أوروبا عام 2004، ومرسيليا الى لقب بطل فرنسا 2010 وبطلا لكأس الرابطة الفرنسية ثلاث مرات تواليا وذلك بعد 17 عامًا دون اي لقب.
بعد حادثة كنيسنا وعصيان اللاعبين على المدرب ريمون دومينيك في كأس العالم عام 2010 في جنوب افريقيا وخروج المنتخب من الدور الاول، فرض ديشان الانضباط بعد استلامه منصب المدرب عام 2012، فهو يضع تماسك المجموعة أولوية ويؤسس لثقة متبادلة وتامة مع ابرز لاعبي المنتخب القائد هوغو لوريس، فاران، بول بوغبا (سيغيب بسبب الاصابة) أو أنطوان غريزمان.
ويقول مساعد غي سيتفان عنه "يمكن أن يكون صعباً ومتطلباً، لكنه عرف من خلال إدارته، من خلال تبادله الاحاديث مع اللاعبين، أن يجعل المتعة تدوم. إنه امر فريد من نوعه في فرنسا".
التعليقات