الدوحة: لم يُخيّب المهاجم عدي الدبّاغ آمال الطفل عبد الرحمن، ابن مدينة خان يونس في غزة، حين سجّل هدفين وقاد منتخب فلسطين إلى إنجاز غير مسبوق، بالتأهل للمرة الأولى في ثالث مشاركاته إلى الادوار الاقصائية من كأس آسيا لكرة القدم الثلاثاء.

طلب خاص
من مدرّجات استاد عبد الله بن خليفة في الدوحة، لم يتأخر الدبّاغ في تلبية نداء ابن الحادية عشرة الذي طالبه بتسجيل الأهداف أمام هونغ كونغ "حتى يفرح الشعب الفلسطيني وأهل غزة"، ببلوغ ثمن نهائي البطولة القارية.

باكراً، حضر عبد الرحمن رفقة والده محمد زعرب، الإداري في إحدى الوزارات في قطر، وحرص على الجلوس خلف مقاعد بدلاء "الفدائي" وارتداء قميص أبيض مرسوم عليه كوفية متدلية على كلمة فلسطين. كما بدا واثقاً منذ البداية بقدرة لاعب شارلروا البلجيكي، نجمه المفضل "سيسجّل عدي ويتأهل المنتخب... ثم نفوز بكأس آسيا".

بين شوطي المباراة، وفيما كان والده الذي لفّ نفسه بالعلم الفلسطيني يأكل اللب، كال عبد الرحمن، المولود في الدوحة، المديح على عدي، وقال لوكالة فرانس برس ".. والله إنه فنان، ما شاء الله عليه كيف وضع الكرة برأسه".

وأنهى المنتخب الفلسطيني، المشاركة للمرة الثالثة توالياً في كأس آسيا، الشوط الأول متقدماً بهدف مبكر للدباغ، قبل أن يضيف زيد قنبر والدباغ نفسه الهدفين الثاني والثالث توالياً.

انجازٌ عظيم
وفيما توجّه عبد الرحمن الذي قال إنه يتابع الأحداث في خان يونس التي أعلنت القوات الاسرائيلية تطويقها حيث تتركز المعارك منذ أسابيع، برسالة إلى الدباغ مفادها أن الفوز بكأس آسيا يعني أن "اللاعبين حققوا انجازاً عظيماً في حياتهم"، تأمّل عدي في كلام مشجعه، مؤكداً أن "المنتخب يُهدي الفوز بالمقام الأول لهذا الشعب الذي يستحق الفرح".

واندلعت حرب في قطاع غزة إثر شنّ حركة حماس الفلسطينية هجوماً غير مسبوق في إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أسفر عن مقتل 1140 شخصاً في الدولة العبرية، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسميّة. وردّاً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة، وهي تنفّذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة أتبعت بعمليات برية، ما أسفر عن سقوط 25700 قتيلاً معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس.

"الثنائية تعني لي الكثير"
قال عدي (12 هدفاً و32 مباراة دولية) "الثنائية تعني لي الكثير في مسيرتي، أوّل هدف في مسيرتي في كأس آسيا، والحمد لله إنني تمكنت من مساعدة فريقي بعدما عاندتني الكرة كثيرًا في المباراة السابقة" التي انتهت بالتعادل مع الإمارات 1 1.

لم يحظ الدباغ المحترف في بلجيكا منذ العام الماضي قادماً من أروكا البرتغالي، وحده باهتمام الجماهير الفلسطينية التي غصّت بها المدرجات وصدحت حناجرها بأغنية "بكتب اسمك يا بلادي"، إذ نال زميله محمد باسم رشيد (28 عاماً) نصيباً من الرسائل العاطفية، إعجاباً بمسيرته مع نادي بالي يونايتد الإندونيسي.

وبينما هتفت الجماهير المؤيدة لفلسطين بقوة، أشارت الصحافية كو جي، من هونغ كونغ "اتفهم مشاعر الجماهير العربية لفلسطين بسبب ما يجري في غزة".

قالت لفرانس برس قبل بداية المباراة "لن أكون حزينة بتأهل فلسطين، لكنني سأكون حزينة بخروج هونغ كونغ، كرة القدم تحظى بمتابعة كبيرة في بلدنا".

الجائزة لأطفال غزة
بدوره، ربط الطفل مسعود الحسن (10 سنوات) بين تألق رشيد وتمكن "الفدائي" من المضي قدماً في البطولة " أتمنى ان يلعبوا جيدًا حتى يتأهلوا، كي يحصلوا على المال ويتبرعوا به لأطفال غزة".

لم يتردّد مسعود، إبن مدينة حيفا والمولود أيضاً في الدوحة، من اختيار رشيد كلاعب مفضل، "يلعب بطريقة مميزة، وهو من أفضل اللاعبين".

من دون تردّد، أيّده صديقه زيد بصلات (12 عاماً) إبن مدينة نابلس "رشيد هو لاعبي المفضل أيضاً، أتمنى أن يفوز المنتخب بكأس آسيا، وأن ننتصر على اسرائيل في حرب غزة".

وفيما حال السياج الفاصل بين مسعود وزيد، وبين لاعبهما المفضل، لم يفوّت لاعب ارتكاز المنتخب الفلسطيني الفرصة للرد على معجبَيه لدى سماعه ما قالاه، "ليأخذوا الفلوس من هسة (الآن)، كلها فداء لفلسطين، أتمنى أن يستمر دعمهما للمنتخب، وأن يحضرا في المباراة المقبلة". وتلعب فلسطين في الدور المقبل مع أستراليا بطلة 2015 او قطر المضيفة وحاملة اللقب.

أكّد رشيد (28 عاماً)، إبن مدينة رام الله، أن المنتخب أنجز المهمة الأولى "نتطلع لمتابعة المشوار والفوز يجرّ فوزاً تالياً، وكذلك الفرحة".

ختم رشيد الذي فقد أحد أصدقائه في غزة أثناء الحرب إن الاحتراف في أندونيسيا ساهم كثيراً في تطور مستواه "ساعدني كثيراً، وغيّر من نظرتي لكرة القدم وللحياة أيضاً".