باريس: قبل أيام قليلة من كشف النقاب عن سيارة ريد بول الجديدة لعام 2024، يجد العقل المدبّر للفريق مديره البريطاني كريستيان هورنر نفسه في خضم عاصفة مدمّرة قد تطيح مستقبله، على خلفية اتهامات بسلوك غير لائق تجاه أحد موظفيه.

وقع الخبر كالصاعقة على رؤوس عشاق الحظيرة الاثنين مع تأكيد ريد بول فتح تحقيق مع هورنر عرّاب انتصارات والنجاحات الهائلة للشركة النمسوية لمشروبات الطاقة.

ومذ قرّر هورنر التخلي عن المقود وحلمه بأن يصبح سائقاً محترفاً، وجد ضالته داخل أروقة الادارة.

عُيّن عام 2005 في سن الـ 31 عاماً كأصغر مدير في "بادوك" الفورمولا واحد بالتزامن مع دخول ريد بول معترك الجوائز الكبرى، ليحقق نجاحات باهرة بكل المقاييس بقيادته الفريق للفوز بستة ألقاب للصانعين وسبعة للسائقين.

وفي حين كان يستعد لاطلاق السيارة الجديدة للموسم الحالي في 15 شباط/فبراير طامحاً بمنح السائق الهولندي ماكس فيرستابن لقبه العالمي الرابع توالياً، وجد هورنر نفسه في قفص الاتهام حيث يستعد للدفاع عن نفسه الجمعة في جلسة استماع أمام محام مستقل.

يبدو أن التهمة جديّة.

أفادت شركة ريد بول في بيان الإثنين "بعد علمها ببعض المزاعم الأخيرة، أطلقت الشركة تحقيقاً مستقلاً".

وتابعت "هذه العملية، الجارية بالفعل، يتم تنفيذها من قبل أحد المحامين المتخصّصين خارج الفريق".

وأضافت "تأخذ الشركة هذه الأمور على محمل الجد وسيتم الانتهاء من التحقيق في أقرب وقت ممكن. لن يكون من المناسب الافصاح عن أكثر من هذا في الوقت الحالي".

ردّ البريطاني البالغ 50 عاما في حديث لصحيفة "دي تيليغراف" الهولندية بحزم على ما صيغ ضده، قائلاً "أرفض تماماً هذه الاتهامات".

وقعت هذه الفضيحة في أسوأ وقت لهورنر، بعدما بات أحد أبرز الوجوه الاساسية في الفئة الأولى على مدار ما يقرب من عقدين من الزمن.

بليغ، مشرق، قتالي، مشاحناته مع نظيره في مرسيدس النمسوي توتو وولف دفعت الجماهير إلى متابعة فصول هذه الدراما على الحلبات.

القوّة والنفوذ

أجمل فصول هذا الصراع تتلخص بلحظة حرمان فيرستابن نظيره سائق مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون بطريقة مثيرة للجدل من لقبه العالمي الثامن، في اللفة الأخيرة من ختام جولات البطولة على حلبة مرسى ياس في أبو ظبي عام 2021.

يتمتع هورنر، بصفته مديراً للفريق ورئيساً تنفيذياً لريد بول رايسينغ، بقدر هائل من القوّة والنفوذ على إمبراطورية شاسعة مقرّها الرئيسي في ميلتون كينز في إنكلترا.

وخلال الفترة التي قضاها في ادارة الفريق، ارتفعت القوى العاملة في الشركة من 450 إلى 1500، في حين صدمت الادعاءات الموجهة ضد هورنر عالم الفورمولا واحد.

كان مدير فريق وليامس جيمس فاولز (44 عاماً) أحد أقران هورنر القلائل الذين تحدّثوا علناً عن القضية هذا الأسبوع.

ومن دون الخوض في تفاصيل الادعاءات، قال فاولز لوكالة "بلومبرغ" الاثنين "كل ما يمكنني قوله هو أنه إذا حدث هذا بشأن ما يتعلق بنا، فسنكون داعمين بالكامل لناحية إصلاحه والتأكد من أن لدينا ثقافة تتقبل هذا الأمر".

وتابع "أعتقد أن هذا يعني أنه يتعيّن علينا جميعا أن ننظر إلى بعضنا البعض في المرآة ونتأكد من أننا نطرح الأسئلة الصحيحة داخلياً ونتصرّف بطريقة لا يمكننا إلاّ أن نفتخر بها، ليس في الوقت الحالي ولكن خلال السنوات العشر المقبلة".

تعود جذور علاقة هورنر والشركة النمسوية ريد بول إلى الفترة التي قضاها في بطولة سباقات فورمولا 3000 وإلى الملياردير ديتريش ماتيشيتس، الأب الروحي لريد بول، الذي توفي في عام 2022.

أقدم ماتيشيتس على شراء فريق جاغوار للفورمولا واحد عام 2004، ورأى ما يكفي في الشاب هورنر لتعيينه في منصب مدير الفريق الجديد باسم ريد بول الذي خطى خطواته الاولى على الحلبات في عام 2005.

ومن بين القرارات الصائبة الكثيرة التي اتخذها هورنر ضمّ البريطاني أدريان نيوي (65 عاماً)، المصنف كواحد من أكثر المهندسين والمصمّمين موهبة في جيله أو حتى في تاريخ الفئة الاولى.

صمّم نيوي، الذي انضم إلى ريد بول عام 2006، السيارات التي فازت بلقبي السائقين والصانعين بين عامي 2010 إلى 2013 (مع الألماني سيباستيان فيتل) والصانعين 6 مرات (بين 2010 و2013 وثم 2022 و2023) وبطولة السائقين في 2021، والبطولتين معا في 2022 و2023 (مع فيرستابن).

يُعدّ طراز "آر بي19" الذي صمّمه نيوي وهيمن على مقدرات البطولة العام الماضي، الأكثر نجاحاً في تاريخ الفورمولا واحد من ناحية الأرقام، حيث فاز بـ 21 جائزة كبرى من أصل 22.

ويضع ريد بول في الحسبان أن عقد نيوي مرتبط بعقد هورنر، وهو ما يعني أنه في حال رحيل أحدهما فإن الآخر سيكون لديه حرية اللحاق به.

على الرغم من كل الضغوط المصاحبة لكون هورنر على رأس قيادة هذا المشروع الضخم لصناعة تبلغ قيمتها مليارات الجنيهات الاسترلينية، إلا أنّ البريطاني يعكس اجواء فيها الكثير من المرح.

تزوّج من مغنية البوب الشهيرة لفرقة "سبايس غيرل" جيري هاليويل في عام 2015، ورزقا بولد، مونتيغيو. ولدى هورنر أيضا ابنة من علاقة سابقة.

هو أحد مشجعي نادي كوفنتري سيتي لكرة القدم، والمدير الأطول خدمة على الحلبات.