فرانكفورت (ألمانيا) : لماذل كل هذا الهجوم على النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو؟ فقد تعرض نجم البرتغال والنصر أمس الإثنين لكافة أشكال السخرية، وارتفعت وتيرة التقليل من شأن النجم الأسطوري بطريقة "مستفزة"، فما سر هذه الحملة؟

ما حدث باختصار أن رونالدو أهدر ركلة جزاء لمنتخب البرتغال أمام سلوفينيا، وانخرط في نوبة بكاء، تعبيراً عن شعوره بالحزن لأنه كان يرغب في حسم المواجهة لمصلحة البرتغال قبل اللجوء لركلات الترجيح.

وإذا بالمعلق الجزائري "المثير للجدل" حفيظ دراجي يعلق على هذا المشهد بطريقة اعتبرها البعض مهينة ولا تتناسب مع تاريخ رونالدو، فقد قال دراجي أن رونالدو بكى في كل مكان منذ 20 عاماً، بكى في نهائي 2004 أمام اليونان، وبكى في مونديال قطر 2022، وبكى في السعودية مع فريق النصر، وبكى في ألمانيا، ليس هذا فحسب بل قال المعلق إن سلوفينيا سوف تفعلها وتتأهل، في تلميح إلى أن رونالدو سيكون سبب الخسارة.

وفي قنوات أخرى استمرت موجة التقليل من شأن رونالدو، سواء في مشهد البكاء أو الأداء بشكل عام، بل إن محللاً في قناة بي إن سبورت قال إن بكاء رونالدو مجرد مسرحية، وما هو إلا لاعب أناني لا يهمه إلا نفسه فقط.

وحتى على المستوى الأوروبي كانت هناك نبرة "تشفي" من جانب بعض الصحف ووسائل الإعلام الأوروبية في النجم البرتغالي، وهو الأمر الذي حدث عبر منصات السوسيال ميديا أيضاً، الأمر الذي يثير التساؤلات عن سر هذه الحملة ضد نجم أسطوري حقق كل الأرقام القياسية التهديفية الممكنة، وعانق المجد والتاريخ مع جميع الأندية التي لعب لها، وخاصة ريال مدريد.

إليكم أسرار الحملة على رونالدو:
(1): يملك رونالدو تاريخاً من النجاحات الساحقة والاستمرارية التي تثير غضب المنافسين، فهو يلعب كرة القدم في مستواهاى الاحترافي منذ 21 عاماً، وخاض خلال هذه السنوات 1266 مباراة، مع الأندية والمنتخب، وسجل 913 هدفاً، وفاز بـ 33 بطولة على المستويات كافة، وهو الآن يبلغ 39 عاماً، ويقدم مستويات جيدة، ويتمتع بلياقة بدنية مذهلة قياساً بمرحلته العمرية، ومن ثم تسببت هذه الاستمرارية في ترقب "أعداء" اللاعب لحظة سقوط له.

(2): وجود رونالدو في الدوري السعودي يثير غضب البعض ممن لا يرغبون في رؤية نجوم العالم في الدوري السعودي، وتحديداً رونالدو الذي كان اللاعب الأكثر تأثيراً في نجاح هذا المشروع، ومجرد وجوده فتح الأبواب أمام كثير من نجوم العالم للاحتراف في الأندية السعودية.

(3): الميديا الرياضية الأوروبية لا ترغب في انتقال مركز الاهتمام الكروي والاعلامي إلى منطقة أخرى، أو مجرد دخول مناطق أخرى بجدية إلى صناعة كرة القدم التي تستأثر بها أوروبا، وبالنظر إلى أن رونالدو هو النجم الذي بدأت معه موجة هجرة النجوم إلى السعودية، فكانت الفرصة في محاولة التقليل منه في مباراة البرتغال وسلوفينيا.

(4): بالطبع هناك حملة دائمة من جماهير البارسا وعشاق ميسي، وهذه الفئة تحديداً تتحدث عن "نهاية رونالدو" و "رونالدو المنتهي" منذ 10 سنوات بالتمام والكمال، على الرغم من أن معدلاته التهديفية في السنوات الأخيرة تقول إنه مستمر في طريق التوهج والتألق.

(5): الرغبة في امتطاء الترند، وهو مرض العصر دون أدنى شك، فهناك فئات وقطاعات كبيرة تتعمد الإساءة إلى النجوم والأساطير من أجل جذب الأنظار وإثارة التفاعل بطريقة ما، فمن البديهي أن الحديث بنوع من الاحترام عن تاريخ ومكانة رونالدو في عالم كرة القدم، لن يثير الكثير من اهتمام المتابعين، ولكن محاولة السخرية منه، والتقليل من شأنه هو الذي سيكون ملفتاً وجاذباً للاهتمام، وهي قاعدة يرسخها عالم السوشيال ميديا في كل يوم.

الظهور الأوروبي الأخير
من جانب آخر فسوف تكون المشاركة الأوروبية الحالية "يورو 2024" هي الأخيرة للنجم البرتغالي المخضرم، وهي المشاركة السادسة القياسية لرونالدو في النهائيات القارية، والتي كان من الممكن أن تنتهي بشكل قاس جداً لو لم يتألق الحارس ديوغو كوشتا في صد الركلات الترجيحية الثلاث التي نفذها السلوفينيون، لاسيما أن نجم النصر السعودي أهدر ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة من الشوط الإضافي الأول.

قوة الشخصية
لكن خبرة النجم السابق لمانشستر يونايتد الإنكليزي وريال مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي تجلّت في ركلات الترجيح حين انبرى لأولها ونجح في تسجيلها بثقة، ممهداً الطريق أمام بلاده لحسم بطاقتها إلى ربع النهائي حيث ستتواجه مع فرنسا في إعادة لنهائي 2016 حين فازت 1- 0 بعد التمديد بين جماهير "الديوك".

البطولة الأخيرة
وبعد المباراة، التي بكى فيها بعد اهداره ركلة الجزاء، قال رونالدو للتلفزيون البرتغالي "آر تي بي" إنها "من دون شك النهائيات الأوروبية الأخيرة بالنسبة لي بالتأكيد"، مضيفاً "الأهم في هذه المسيرة التي صنعتها، هو الحماس الذي ما زلت أتمتع به هنا".

ولم يتمكن رونالدو حتى الآن من تعزيز رقمه القياسي من حيث عدد الأهداف في النهائيات القارية (14 بفارق 9 عن الفرنسي ميشال بلاتيني) والأهداف الدولية بالمجمل (130)، ما جعله محبطاً في بعض الفترات لكن "سأقدّم دائماً أفضل ما لدي من أجل هذا القميص، إن نجحت (في التسجيل) أم لا. وسأفعل ذلك طيلة حياتي".

"سنقاتل حتى النهاية"
وتابع "أقوم بهذا الأمر خلال 20 عاماً. كما رأيتم، أهدرت ركلة الجزاء لكني أردت أن أكون أول المسجّلين (في الركلات الترجيحية). يجب أن تتحمل المسؤولية. لا يجب أن تشعر بالخوف. لم أشعر يوماً بالخوف في مواجهة هذه الأمور. أصيب في بعض الأحيان وفي الأحيان الأخرى أخطئ. لكن الاستسلام ليس بالشيء الذي يمكن سماعه بجانب اسمي".

ويمني رونالدو النفس بأن يودع النهائيات القارية برقم قياسي جديد في حال وصوله إلى الشباك، إذ سيصبح أكبر هداف في تاريخ البطولة أمام زميله السابق في ريال مدريد الكرواتي لوكا مودريتش الذي سجل في الجولة الثالثة من دور المجموعات هدف التقدم على إيطاليا (1- 1)، وبات عن 38 عاما و289 يوماً أكبر هداف أمام مهاجم النمسا إيفيتشا فاستيتش الذي سجل عام 2008 عن 38 عاما و257 يوماً.

لكن رونالدو يواجه في ألمانيا تهديداً من زميله المدافع بيبي البالغ من العمر 41 عاماً والذي بات أكبر لاعب يشارك في النهائيات، متفوقاً على الحارس المجري غابور كيرالي الذي كان يبلغ 40 عاماً و86 يوماً حين شارك ضد بلجيكا في ثمن نهائي نسخة 2016.

ويحتاج رونالدو إلى فك النحس الذي لازمه في المباريات الثماني الأخيرة التي خاضها في كأس أوروبا وكأس العالم من أجل أن تحطيم هذا الرقم القياسي، مع الأمل أن يتحقق ذلك الجمعة ضد فرنسا.