شهد الطب منذ سنوات غير بعيدة تطورا كبيرا فيما يتعلق باتصال المريض بطبيبه في اي وقت كان او من اجل توفير الوقت وخاصة اذا كانت المسافة بين الاثنين كبيرة. فاجراء تحليل مخبري والحصول على نتائجه بسرعة لم يعد حسب الطرق التقليدية في بعض المستشفات في المانيا، بل عن طريق الكاميرات والمجهر المتصل بها وبجهاز كمبيوتر. اذ يرسل الاطباء عند مواجهتهم حالة غير واضحة او معقدة عن طريق الانترنت الى زملاء متخصصين اينما كانوا حتى في خارج المانيا، يرسلون صور الاشعة او الرسم السطحي او الطبقي ا( توموغراف ) لمرضاهم. واذا ما كانت هناك حاجة ملحة يعقدون اجتماعا عن ُبعد Tele conference)) للتشاور حول تشخيص المرض وعلاجه.
والعلاج عن بعد دفع بطبيب الماني الى البحث عن حل لوضع والدته التي تسكن في منطقة جبلية بعيدة وترفض مغادرتها، فهي مصابة بورم غير خبيث في الرأس. وبهدف عدم ارهاقها عند اجراء الفحوصات الروتينية لها كل عام في المدينة يرسل صور الاشعة ( الرنين المغناطيسي ) لرأسها بالبريد الالكتروني الى أربعة جراحين للاعصاب بعد ان يلحق بها كل التحاليل المخبرية وما تتناوله والدته من عقاقير. وبعد وصول الملف يتشاور الاختصاصيون فيما بينهم عن طريق الاجتماع عن بُعد، ويتم الاتفاق على وضع المريضة وهل هي بحاجة الى عملية جراحية ام لا. ثم ستخزن كل المعلومات لاستخدامها عند الضرورة.
ويستفيد المصابون بمرض السكري المزمن والمرتفع جدا من نظام التشخيص عن ُبعد فيرسلون عبر الانترنت ما دونوه يوميا عن ارتفاع نسبة السكر لديهم بواسطة جهاز قياس يدوي الى طبيبهم او مراكز لامراض السكري، فيتلقون الملاحظات اللازمة بسرعة، ونفس الشئ ينطبق على مرضى القلب اللذين يلجأوا الى هاتف نقال جديد مرتبط بمركز مراقبة تخطيط للقلب، وبدأ الناس يستخدمونه لسهولة استعماله.
ويعمل هذا الهاتف وأطلق عليه اسم quot; الهاتف النقال للقلب quot; عن طريق اربعة أقطاب كهربائية ( الكترود) يمررها المريض على صدره وقلبه فيخّزن المعلومات عن حالة القلب ثم يرسلها الى مركز خاص لمرضى القلب من اجل مراقبة وضعه. لكن هذا الفحص لا يفيد حالات خطيرة مثل الاصابة بنوبة قلبية.
ومع ان الاطباء يجمعون على فائدة بعض هذا الانظمة لكنهم يرفضون انظمة اخرى. وحسب قول اكسيل دوفيل الخبير في نظام quot; تلي مدسينquot; ان عملية تبادل المعلومات عن طريق الملفات الالكترونية وسيلة يلجأ اليها حتى الان فقط من عشرة الى 15 في المائة من اقسام الطوارئ في المستشفيات والاطباء، لان التبادل بين الاطباء يمنى في اغلب الاحيان بالفشل بسبب اختلاف الانظمة التي يستخدمونها. ففي مجال طب الطوارئ مثلا يستخدم الاطباء اكثر من 200 نوع من السوفت وير، مما يعطل غالبا عملية الاتصال فيما بينهم. عدا عن ذلك فان كل انظمة التلي مدسين تقريبا تفتقر الى النمط الواحد للعمل.
والمشكلة الاخرى ان التفكير بالمصلحة الذاتية واعتزاز كل طبيب بما توصل اليه يقلل من اندفاع رأس المال للاستثمار في هذا المجال لتطوير المعدات.كما يخشى العديد من الاطباء ان يطلع زميل لهم عن طريق التشاور معه على ملف مريضه، ولا اهتمام كبير بتبادل صور الاشعة عبر شبكة لانترنت، فكل طبيب يريد تأمين مورد رزقه.
لكن ذلك لم يمنع مؤسسة طبية اوروبية ان تجري مراقبة مستمرة لمائة وعشرين مريضا بالقلب عن طريق هاتف نقال خاص له نفس خصائص الهاتف النقال للقلب تقريبا، من بينهم مريض الماني اجريت له عملية لزرع شريان للقلب. فهو يشعر اليوم مع مواصلة مراقبته بالامان والارتياح لانه باتصال مع الطبيب بشكل دائم، والمعلومات التي تصل الى مركز القلب تنظم عمل قلبه اذا ما اصيبت نبضاته بعدم الانتظام. فهذا الجهاز يجمع معلومات دائمة عن عمل القلب ويرسلها الى مركز مراقبة في مدينة ارلنغن لتتحول الى تقرير عن القلب يتفحصه طبيب قلب اختصاصي لينبه بعد ذلك المريض عند الحاجة او يستدعيه للمعانية اذا ما تطلب الامر ذلك.
لكن خبير التل مدسين الالماني يرفض مراقبة مريض من هذا النوع عن بعد لانه يخشى قلة خبرة المريض من استخدام الجهاز، ما قد يعطي بالنهاية نتيجة سلبية قد تسبب مشاكل خطيرة له.
التعليقات