حذر مهندس اتفاق أوسلو للسلام، رون بونداق، في حوار خاص مع إيلاف من أن المنطقة برمتها على حافة الهاوية ومعرضة للانفجار والتدهور إذا لم يتم إحياء العملية السلمية، وإذا لم يكن هناك تدخل من طرف ثالث خارجي (الرباعية أو مجلس الأمن الدولي أو الولايات المتحدة)، لتحديد الخطوط العريضة لاتفاق دائم ، تحدد بصورة عامة نقاط الاتفاق وتشمل كافة الملفات والقضايا العالقة .

تل أبيب:يرى رون بونداق، أحد مهندسي اتفاقية المبادئ في أوسلو، وأحد واضعي معادلة بيلين أبو مازن، ومن ثم وثيقة جنيف، أن الواقعية السياسية ستضطر في نهاية المطاف كلا من الفلسطينيين والإسرائيليين إلى التوصل لاتفاقية سلام يعتقد بأنها ستكون قريبة جدا من خطوط المبادرة العربية. وبونداق لا يعلق آمالا على حكومة نتنياهو وإن كان لا يستبعد في الوقت ذاته أن يجنح نتنياهو في مرحلة ما نحو السلام، لكن السلام لن يتحقق من دون تقسيم القدس ولو وفق مبادئ كلينتون( الأحياء العربية تحت سيادة فلسطينية، والأحياء اليهودية تحت سيادة إسرائيل). وهو يقول بصراحة إنه من دون إعادة كامل الأرض في الضفة الغربية (طبعا مع تبادل أراض يعوض الفلسطينيين عن كل شبر يبقى تحت السيادة الإسرائيلية) لن يتم التوصل إلى اتفاق سلام.

ولا يستبعد بونداق أن يفر نتنياهو من المسار الفلسطيني إلى المسار السوري، حيث يرى أن المسار السوري لا يحمل في طياته أي عقبات quot;أيديلوجيةquot; خلافا للمسار الفلسطيني.

ومقابل عدم الثقة والتشاؤم الذي يبديه تجاه نتنياهو فإنه يثني بشكل لافت للنظر على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويرى أنه إذا ما قال عباس إن الطرق سدت أمامه فهو يصدقه، لكنه يبقي على فسحة أمل يرى من خلالها أبو مازن يبذل كل ما في وسعه لتحقيق الحلم الفلسطيني بالاستقلال، وفي الأفق البعيد يعتقد بونداق أن صيغة تحالف كونفدرالي ستحكم العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين والأردن، وعندما قلنا له إنه يبيع الأوهام اعتبر أن السؤال استفزازي. وفي ما يلي نص الحوار:

إيلاف: لنبدأ بالقول إن الوضع اليوم على حافة الانفجار، في إسرائيل ، في الأراضي الفلسطينية وفي الشرق الأوسط عموما، هل أنت اليوم، كمدير لمركز بيرس للسلام متفائل، هل هناك ما يدعو أصلا للتفاؤل؟
بونداق: لا أنظر عادة إلى الوضع بمعزل عن سياقه، وأعتقد أنه لا يمكن أن نكتفي بلقطة، وصورة راهنة وأقول إن هذه الصورة تعكس الشعور العام، أو الواقع أو الإمكانيات. فأنا أرى نفسي داخل سياق له ماضٍ وحاضر ومستقبل، وإذا نظرنا الآن لصورة الوضع، أستطيع أن أقول لك إن الصورة الحالية سيئة، بل أزيد بأنها تقلقني بصورة عميقة للغاية وهي نقطة خطرة، ولكن إذا نظرت إلى الصورة بصورة أوسع، مع نظرة للمستقبل أجد عندي تفاؤلا أكثر وأجد أملا لأنه في نهاية المطاف لن يكون أمام الطرفين؛ الإسرائيلي والفلسطيني، إلا أن يقبلا بتسوية ما، تعتمد في جوهرها على المبادرة العربية، فأنا أرى بأم عيني أن المبادرة العربية ستتحقق في نهاية المطاف، أي دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل على أساس حدود العام 67 مع تبادل أراض بين الدولتين للمساحة نفسها، والقدس عاصمة للدولتين، على أساس معادلة كلينتون: والتي تقول إن ما هو يهودي يبقى لإسرائيل وما هو عربي للفلسطينيين، مع دولة منزوعة السلاح، ومن ثم في نهاية المطاف علاقات اقتصادية ما سيقود على صورة أوسع تشمل حوارا مع سوريا ولبنان ولذلك فإن مهمتنا في مركز بيرس للسلام قائمة على هذه الفرضية بأنه في مرحلة ما سيتحقق ذلك.


إيلاف: ألا تقوم هنا ببيع الأوهام لتبرير وجود المركز؟
بونداق: سأعود لهذا السؤال، ولكن أؤكد أن فرضيتنا الأساسية تقول إن هذا ما سيتم في مرحلة ما، وليس ذلك بفعل محبة الإسرائيليين للفلسطينيين أو العكس وإنما لأن الدول والمجتمعات تلتزم في نهاية المطاف وتعمل بموجب الواقعية السياسية، لأن الخيار الآخر أو البديل هو ليس لعبة يكون فيها طرف واحد هو الخاسر وإنما وضع يخسر فيه الطرفان، ولا أعتقد أن الطرفين سيقبلان بالخسارة عندما يدركان أنهما سيخسران معا.
بالنسبة إلى سؤالك حول بيع الوهم، فإنني أرغب في أن أعود معك على الخلف، إلى الماضي، لذلك أقول إن السياق التاريخي مهم: ففي الأعوام 91-92 -93 ، إذا نظرنا إلى مواقف الطرفين يومها، نرى أننا قطعنا مشوارا طويلا باتجاه الوصول للحل ، فعندما دخلنا عملية أوسلو في الثاني والعشرين من كانون الثاني عام 93 عندما التقينا مع طاقم ابو علاء الذي أرسل من قبل أبو مازن وأبو عمار ، كان التيار المركزي في إسرائيل ضد الحوار مع منظمة التحرير ، ضد مبدأ الدولة الفلسطينية وضد تفكيك المستوطنات وضد الانسحاب على حدود العام 67، أما اليوم، ومع أنه مرت 16 سنة ، نازفة، لم نصل فيها إلى التسوية التي رغبنا فيها، ولكن من حيث الموقف العام للتيار المركزي السياسي المقبول على الإسرائيليين اليوم فإن الصورة معكوسة تماما، أصبحت منظمة التحرير شرعية للغاية، والدولة الفلسطينية شرعية للغاية ، وتقسيم القدس وحدود العام 67 أصبحت شرعية والسؤال بشأنها هو أين ستمر الحدود وليس العودة إلى هذه الحدود، وقد أصبحت هذه الأمور التي كان مجرد الحديث عنها محظورا، أصبحت ضمن الإجماع والموافقة في إسرائيل، هذا لا يعني أننا اليوم على مشارف الحل لذلك أقول إنه وفقا لهذه اللحظة التاريخية نحن في وضع خطر للغاية لأنه يوجد لدينا، عمليا أمام مفرق طرق قد يمضي بنا إلى نهاية الصراع وتحقيق السلام وفق المبادرة العربية، أو أن نسير من جديد باتجاه تدهور خطر وباتجاه عملية قتل جديد، لا أعرف ما إذا سيكون ذلك على هيئة انتفاضة جديدة أو حرب ، لنصل في نهايتها إلى النقطة نفسها التي نقف فيها اليوم ولكن في وضع أسوأ إلا أننا سنصل مع ذلك في النهاية إلى تسوية بين الأطراف.
خوفي الأساس اليوم هو أن يؤدي عدم فهمنا ويقينا للاتجاه الذي نسير إليه، أن ينشأ وضع وبالأساس بسبب مواقف الحكومة الإسرائيلية الحالية لا يقودنا إلى تسوية قريبا وإنما التدهور نحو مواجهة جديدة تعيدنا إلى مفاوضات في سياق إطار سياسي آخر قد يكون تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل أو اتفاق سياسي يأتي من الخارج لا أقول إنه سيفرض علينا من دول العالم ولكن هناك درجات متفاوتة، ولكن الحل هو اقتراح يطرح من الخارج، ولربما يجب أن يحدث هذا الآن لمنع هذا التدهور . فأنا دائما آمنت في كافة التحركات التي كنت مشاركا فيها، سواء كان ذلك تفاهم أبومازن بيلين، أو وثيقة جنيف أن الحل سيكون بالتفاوض الثنائي، بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن هذا غير ممكن تحت الحكومة الإسرائيلية الحالية.

إيلاف: هل تدعو لفرض حل على إسرائيل؟
بونداق: أنا أؤمن بأنه يجب تشجيع الأطراف الدولية على طرح اقتراح حل وأنا لا اسمي ذلك ضغطا دوليا وإنما عملية يكون فيها للدور الثالث دور أكبر مما كان في الماضي، تماما مثلما كان عندما حدد كلينتون مقاييسه للتسوية ، ولم يكن ذلك ضغطا أميركيا على إسرائيل، بل عرض ذلك على الطرفين. أنا أفضل جدا أن تأتي جهة دولية ، وقد تكون هذه الجهة الرباعية الدولية أو مجلس الأمن أو الولايات المتحدة، وتحدد مقاييس للحل.
إيلاف: تقول إن الصورة تغيرت وأن ما كان غير مقبول غير شرعي أصبح شرعيا ومقبولا، مع أن الواقع يقول إن عدد المستوطنين ارتفع منذ أوسلو من نحو 70 ألف إلى 300 الف، والمستوطنات أصبحت أكثر انتشارا، ولم تعد القدس كما كانت عليه بحيث لم يعد ممكنا ترسيم الخط الفاصل الذي تحدثت عليه، بفعل نشاط جمعيات يهودية استيطانية مثل جمعيات إيرفين مسكوفيتش وغيرا التي تقوم بإدخال المستوطنين للسكن في بيوت العرب في القدس الشرقية، فالصورة اليوم لا تزال سوداء؟
بونداق: ما تقوله هو فعلا ما حدث على الأرض، لكننا لم نصل بعد إلى نقطة اللا عودة، أي أنني كمن قام بترسيم خرائط تقسيم القدس في جنيف وفي وثيقة بيلين أبو مازن، فإنني أعتقد أننا لا نزال في نقطة تمكننا من رسم خط الحدود، وإن كان ذلك أصبح اليوم أكثر تعقيدا مما كان عليه في السابق وسيكون الثمن أن تضطر إسرائيل إلى إخلاء الجيوب الاستيطانية مثل تلك الموجودة في راس العامود ، في مشاريع ميسكوفيتش، وفي الشيخ جراح، فنحن لم نصل بعد إلى وضع إقامة حي يهودي جديد في أبو ديس قرب مبنى الجامعة حيث يتم الآن التخطيط لذلك، لأن ذلك سيكون مشكلة عصية، ولكن أقول إنه لا يزال بالإمكان الآن رسم خط الحدود في الضفة الغربية والقدس ، لكن العملية التي تحدثت عنها، هي عملية خطرة حقا وإذا استمرت، لا سمح الله، سيكون بتر عضو من الجسد الإسرائيلي أكثر صعوبة وأشد ألما، ولكن بنظري فإن ذلك يبقى أمرا ممكنا وقابلا للتنفيذ.
صحيح أنه خلال العملية السلمية، وتحديدا في فترة حكم براك، كان هناك ازدياد ونمو غير طبيعي وغير متزن وغير منطقي وغير مبرر في ازدياد عدد المستوطنين في الضفة الغربية، لكن إسرائيل أثبتت أنها قادرة على تفكيك المستوطنات، وقد أثبتت ذلك في قطاع غزة، وهذا يشكل نموذجا على الرغم من أن العدد هو نحو 7000-8000 مستوطن وليس مئة ألف مستوطن.


إيلاف ولكن غزة من وجهة نظر الإسرائيليين ليست الخليل ولا كتل غوش عتصيون، ولا أهمية دينية أو أيديولوجية لها، بل حتى في اتفاق أوسلو، فقد سبق لأوري سافير أن كشف أمام حزب العمل عام 95 عشية اتفاق الخليل أنه عندما اقتضت الحاجة (الإسرائيلية) الإبقاء على نصوص مبهمة وغير واضحة فقد أوكلت المهمة ليوئيل زينغر المستشار القانوني للوفد الإسرائيلي وهو ما أوجد عند الفلسطينيين شعورا بأن اتفاق أوسلو انطوى في نصوصه على مناورة إسرائيلية؟

بونداق: أنا أميز بين أوسلو 1 وأوسلو 2 ، وأنا أقول إن ما كان في الاتفاقية الانتقالية لأوسلو 95 هو العالم الوضع السابق، عمليا مدخل الولوج على المفاوضات وبناء القالب العام للمفاوضات والمباحثات بين الطرفين، ويكمن الفرق بأنه عند الحديث عن اتفاق الحل الدائم، فيجب أن يكون هذا الاتفاق صريحا وواضحا وقاطعا لحد السيف، دون أي مكان لتفسيرات وتحليلات أو ما أسماه كيسنجر الازدواجية البناءة لذلك أعتقد أن أي اتفاق سيتم التوصل إليه يجب أن يكون شاملا وليس مرحليا لأن اتفاقية مرحلية جديدة ستكون وصفة للمشاكل والمصاعب وعمليا هذا ما دعا الطرفين إلى البحث كل بدوره عن نقاط قوة في الاتفاقيات وتفسيرها بما يناسب رغباتهم ومواقفهم لتسجيل نصر على الآخر. لذلك يجب أن تكون المفاوضات الآن شاملة وعلى كافة الملفات، والوحيد الذي أدرك ذلك هو إيهود أولمرت خلال مفاوضاته مع أبو مازن حول الحل الدائم. لذلك فإن أولمرت لم يسر على نهج ليفني ولا على نهج براك من الأسفل إلى الأعلى وإنما فضل أسلوب من الأعلى إلى الأسفل أي من الكل العام إلى التفاصيل وليس السير باتجاه حل تدريجي خطوة وراء خطوة، أي على غرار ما طرحناه في معادلة أبو مازن- بيلين أو وثيقة جنيف بمعنى تحديد الإطار العام الذي يشمل كل قضايا الحل الدائم ، بما في ذلك القدس واللاجئين والترتيبات الأمنية والحدود.

إيلاف: أريد أن أنتقل على المسار السوري، فبعد الضجة التي ثارت في إسرائيل وتصريحات نتنياهو بأن سوريا تنازلت عن شرطها المسبق، وأن هناك أملا لاستئناف المفاوضات مع سوريا قام نتنياهو بإدراج قريتين سوريتين في قائمة مناطق الأولوية وأيضا مستوطنة إسرائيلية في الجولان، كيف ترى هذا الأمر وتداعياته على المسار السوي؟
بونداق: أعتقد أن خارطة مناطق الأولويات التي أقرها نتنياهو لا تتعلق بسياسته الخارجية بل هي خارطة وضعها مدفوعا باعتبارات السياسة الحزبية الداخلية وهي قد تؤثر في سياسته الخارجية والمفاوضات، قد يكون السوريون ينظرون إلى هذا الأمر ليروا ما رأيته أنت، لكن نتنياهو عندما حدد مناطق الأفضلية فكر وأخذ بالحسبان الدلائل الحزبية الداخلية وتبعاتها عند إقرار هذه الخريطة في الليكود واليمين كجزء من الموازنات السياسية الداخلية.
أعتقد أن اتفاق السلام الوحيد الذي يمكن لنتنياهو تحقيقه هو مع سوريا، لأن الملف السوري وهضبة الجولان ليس لها مدلولات دينية أو أيديولوجية وإنما يمكن اختزالها في الجانب الرمزي وفي قضايا الأمن.

إيلاف: كيف ترى تهديد أبو مازن وإعلانه أنه في ظل انسداد الأفق فإنه لا يرى سببا للبقاء في منصبه، هل ترى أنه كان هناك تأثير لتهديده بعدم ترشيح نفسه مرة ثانية، وعندها قد لا تبقى سلطة فلسطينية فماذا ينتظرنا عندها؟
بونداق: دعني في البداية أن أقول إنني أعرف أبو مازن جيدا، وأنا أقدره كثيرا ، فقد عملت معه وجمعتنا ساعات كثيرة من اللقاءات معه، وأنا أعتقد بالفعل أنه زعيم يتمتع بمصداقية عالية، وهو شخص مستقيم للغاية وشجاع للغاية، وهو جاد للغاية، وما وجهه على مر السنوات هو عنصران أساسيان الأول: الأول هو رغبته بقيادة وتوجيه العمليات الداخلية في المجتمع الفلسطيني لتصب في طريق إقامة دولة فلسطينية مستقبلية، وبموازاة ذلك دفع السلام مع إسرائيل قدما لإيمانه بأن ذلك يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني والشرق الأوسط ككل. وأنا أصدق أبو مازن عندما يقول إنه لا يرى أي أمل في الأفق، وأنه إذا لم ينجح في تحقيق هذين الهدفين، فليس هناك ما يبرر بقاءه في المنصب. مع ذلك أعتقد أنه لم يصل بعد الى النقطة التي قد يعلن فيها أنه سيكسر كل الأدوات ويترك منصبه، لأنه باعتقادي يرى أن هناك فرصة ما لتحقيق السلام.
باعتقادي أن اعتزال ابو مازن في حال قرر ذلك، لن يكون في صالح العملية السلمية، ولا في صالح الاستقرار في الشرق الأوسط، أيضا بسبب تميزه وأيضا لأنه لا يوجد الآن داخل حركة فتح بديل قادر على الحفاظ على ما هو موجود الآن وتطوير هذا الوضع قدما. كما اعتزاله سيؤدي، إلى فوضى عارمة وانحلال السلطة الفلسطينية وذلك سيضر بالقدرة على بناء مجتمع ودولة على المدى البعيد، وأيضا سيضر بعملية السلام، فلن يكون هناك طرف للعمل معه، والخطر الرئيس قد يكون باضطرار إسرائيل إلى إعادة الحكم العسكري إلى المناطق الفلسطينية وهو باعتقادي أمر مأسوي، فالدمج بين سيطرة حماس في غزة، وفرض الحكم العسكري في الضفة الغربية يشكل بنظري تدهورا وما يقلقني هنا ليس فقط ماذا سيحل بالعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وإنما اثر ذلكفي علاقات إسرائيل مع الأردن ومصر وطبعا مع سوريا ولبنان.


إيلاف : تحدثت عن بناء السلام والعلاقات الاقتصادية والتعاون الاقتصادي، عمليا فإنكم في مركز بيرس تقومون بتطبيق السلام الاقتصادي؟
بونداق: هذا سؤال استفزازي، طبعا، فمركز بيرس للسلام هو مركز مستقل كليا وغير حكومي وله أجندته الخاصة به، وهو محاولة العمل والمساعدة بكل الطرق الممكنة العمليات التي نسميها بناء السلام، وبناء السلام بالنسبة لنا هو أمر مرتبط بعدة عناصر وفي مقدمة هذه العناصر بناء السلام بين المجتمعات في الطرفين دون أي علاقة لا بالحكومات ولا بالدول، نحن نتحدث عن الأجهزة الاجتماعية والشبكات المجتمعية يجب بناء أكبر قدر ممكن من الروابط وأكبر قدر ممكن من العمليات التي تساعد على تمكين الطرف الآخر وبناء قدراته وطاقاته ، أي أن نقدم المساعدة للطرف الفلسطيني في كل ما يتعلق مثلا ببناء مجتمعه، وتعزيز وتمكين بناه التحتية على طريق بناء الدولة القادمة وهذا يشمل قطاعات ومجالات واسعة بدءا من تكنولوجيا المعلومات، وبناء القيادات السياسية، والحوار بين الصحافيين ومجالات الصحة والطب والزراعة، وبطبيعة الحال في المجال الاقتصادي وقطاع الأعمال.
ونحن نعتقد في هذا السياق أنه لا مجال للحديث عن سلام اقتصادي من دون عملية سياسية ومن دون سلام سياسي، كما أن السلام الاقتصادي هو من وجهة نظرنا جزء لا يتجزأ من شبكة التعاون بين مجتمعين في دولتين مستقلتين. فهناك مشاريع تطوير في مجال الزراعة مثلا في قلقيلية، عدا عن تبني مركز بيرس وتغطيته لتكاليف العلاج لعدد كبير من الأطفال الفلسطينيين من قطاع غزة و الضفة الغربية، نحن أيضا مثلا نقوم حاليا بتأهيل 45 طبيبا فلسطينيا للتخصص في مجالات مختلفة ضرورية للجهاز الصحي الفلسطيني، سواء في طب العيون والقلب والجراحة والعظام وغيرها.