إعتبر نائب رئيس الوزراء الفلسطيني في الحكومة المقالة زياد الظاظا أن دخول حركة حماس الانتخابات جاء من باب خوفها على مصلحة الوطن والمواطن وتفشي الفساد الإداري والمالي، ومن باب وجوب الإصلاح والتغيير. وأشار الظاظا إلى أن حماس حققت ذلك من خلال أعمال الإعمار التي قامت بها، ونشر الأمن الاجتماعي الأمر الذي قلل من نسبة الطلاق وفي المقابل ارتفاع نسبة الزواج، وجاء ذلك في حوار خاص أجرته معه إيلاف في مكتبه بغزة وفي ما يلي نص الحوار:

إيلاف: ماذا قدمت حركة حماس عبر استلام الحكومة في أربعة أعوام؟

الظاظا: منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة في الضفة وغزة وفوز حركة حماس بالانتخابات قدمت حركة حماس مجموعة من النتائج التي كان يتطلع إليها الشعب الفلسطيني عبر السنين الماضية من خلال حسن الإدارة ونظافة الأيدي أي محاربة الفساد الإداري والمالي في العمل الحكومي وضرب وتقليل عمليات الواسطة والمحسوبية إلى أبعد حد ممكن. هذا إضافة إلى تحقيق استقرار أمني واجتماعي لدى المجتمع الفلسطيني، وتحقيق إصلاح إداري ومالي وفتح الباب واسعًا أمام المواطن الفلسطيني لكي يفكر ويبدع في كل المجالات ورفع كل القيود المفروضة على شعبنا الفلسطيني بالتالي العمل على رفع الحصار وتعزيز الصمود الفلسطيني وتشجيع المقاومة من أجل تحرير أرضه ومقدساته والحفاظ على حقوقه وثوابته.

إيلاف: هل تعتقد أن حماس كانت على صواب بقرار دخولها الانتخابات، بعد تجربة أربعة أعوام ؟

الظاظا: قرار الحكومة بدخولها الانتخابات كان صائبًا بدرجة عالية جدًا لسبب وحيد وهو أنه لابد من الإصلاح الإداري والمالي وإعادة شؤون الشعب الفلسطيني بصورة تكافئ تضحيات هذا الشعب ولابد من القضاء على عناصر الفساد وعدم السماح له بالتغلغل داخل المجتمع، وإعطاء الصورة المقاومة الصامدة للشعب الفلسطيني عبر العقود الماضية ولابد من خطوة متقدمة على طريق التحرير.

إيلاف: ما هي مبررات حركة حماس من تأجيل موعد الانتخابات من 25-1 إلى 28-6 ؟

الظاظا: موعد انتهاء الدورة الانتخابية للمجلس التشريعي في الخامس والعشرين من شهر يناير للعام 2010 م، و موعد انتهاء الفترة الرئاسية لمحمود عباس في الثامن من شهر يناير عام 2009 م، لذلك الآن الشعب الفلسطيني من غزة والضفة ليس له رئيس سلطة والرئيس الذي من المفترض أن يكون بديلاً بصورة موقتة هو رئيس المجلس التشريعي د. عزيز دويك قد تم اغتصاب السلطة منهم من طرف أفراد آخرين. أما المجلس التشريعي هو سيد نفسه ولا تنتهي ولايته إلا بتسليم مقاليد المجلس التشريعي لمجلس تشريعي جديد، والانتخابات الفلسطينية لا يمكن أن تعقد إلا بتوافق فلسطيني فلسطيني خاصًا بعد الانقلاب العسكري الذي قام به محمود عباس وأجهزته في غزة ثم هرب للضفة الغربية واغتصب السلطة بقوة جيش الاحتلال ومن يسيرون في فلك الولايات المتحدة الأميركية.

إيلاف: هل ستدفعكم تجربة الأربع سنوات للاستمرار بتجربة السلطة أم لإعادة النظر فيها ؟

الظاظا: التجربة التي خاضتها الحركة في عملية الإصلاح الإداري والمالي واستقرار الأمني والاجتماعي وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مجال المقاومة هذا يُلزم الحركة أن تستمر في العملية وأن تمارس الديمقراطية بأوسع صورها وأن تخوضها مرات ٍ ومرات من أجل أن تعزز ما يتم تحقيقه وإلا ستذهب الأمور هباء إذا استلم زمام الأمور من يعملون بقوة جيش الاحتلال وبقوة وسياسة الولايات المتحدة الأميركية وبالقوة التي تسير في فلكها خوفًا منها.

إيلاف: ما هي الإنجازات التي حققتها الحكومة وما هي ابرز الصعوبات التي واجهتها ؟

الظاظا: تُدار مؤسسات السلطة الوطنية في غزة بـ 30-50 % من الطواقم ولكن بكفاءة أضعاف ما كان به عشرات الآلاف من الموظفين، وفي المجال المالي بالطريقة نفسها ولكن إضافة لذلك سلامة اليدين أي لا يوجد لدينا سرقات ورشاوى ومحسوبية وتبذير أموال، لكل دولار قيمته الحقيقية وأحيانا نستفيد من الدولار مرتين وثلاثة، وتحقيق الاستقرار الأمني والاجتماعي أي أصبح المواطن آمن في بيته على نفسه وعائلته، وفي الحرب الأخيرة استطاعت الحكومة تعزيز صمود الشعب الفلسطيني 22 يومًا صمد أمام الحرب ولم يخرج من أرضه ولم يركع، بالنسبة إلى معدلات الطلاق فلوحظ أنها قلّت، وارتفعت نسبة الزواج أكثر من ذي قبل.

إيلاف: كيف تردون على من يقول أن حماس خسرت نسبة من مؤيديها، وأنها السبب في الحرب الأخيرة على قطاع غزة ؟

الظاظا: الحرب على شعبنا مستمرة من قِبل إسرائيل منذ زمن طويل، وكانت متصاعدة ضد الشعب الفلسطيني حتى وصلت إلى نقطة متقدمة جدًّا عبر مراحل الاحتلال المختلفة وكانت مراحل بائسة وسيئة على الشعب الفلسطيني حتى جاءت حرب الرصاص المصبوب quot;الفرقانquot; والتي كانت ذروة في المواجهة المباشرة، إذًا هذه المقولة لا أساس لها من الصحة ولا يطلقها إلا المرجفون بالأرض وهؤلاء هم الذين أخذوا الشعب الفلسطيني نحو الهاوية والآن الشعب استرد عافيته، أنا أقولها من موقع المسؤولية بأن هؤلاء لا موقع لهم على الأرض وانتهى وجودهم قانونيًّا ودستوريًّا وسياسيًّا.

إيلاف: هل ستبقى حماس حامية غزة بعز الدين القسّام أم أنها ستتركز في الحكومة والأجهزة الأمنية ؟

الظاظا: الحركة لن تقف عند غزة هاشم، عز الدين القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية على الأرض تتحرك من غزة إلى الضفة الغربية ثم الأراضي المحتلة، تطلعاتنا وآمالنا وطموحاتنا لا تقف عند 360 كيلومترًا في غزة، ولكن حيث كانت غزة مقبرة لكل الغزاة وكانت المكان الذي هزم فيه الصليبيون والمغول في الشرق الأوسط، ستكون غزة انطلاقة لتحرير المقدسات وغزة هي البداية وحماس تطالب الجميع بانتهاز الفرصة وكسب الوقت لقبول شروطهم لإتمام المصالحة الوطنية.

إيلاف: كيف يتم تدبير أمور الحكومة مالياً وما هي الجهات الداعمة والمانحة لكم ؟

الظاظا: نحن في الحكومة أصدقاؤنا من الشعوب العربية والإسلامية والدولية كثر وهؤلاء أصدقاء ومحبون يقدمون الدعم على قلته لكن فيه بركة كبيرة وتغطي احتياجاتنا بحدها الأدنى، نستذكر زيارة مساهمات قطر مشكورة، وتعهد سمو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بإنشاء مدينة رياضية ولم نستطع البدء في تنفيذها بسبب الحرب والحصار، وكذلك قيام سمو الأمير مشكورًا والشعب القطري الشقيق بتمويل برج داخل الدوحة يكون ريعه لصالح القدس والأقصى وهذا تحت التنفيذ، وإعطاء تنفيذات وموافقة بإنشاء مدرسة للجالية الفلسطينية في قطر، وقطر لها مواقف متقدمة.

إيلاف: لا يوجد حكومة لا تخطئ فما هي القرارات التي ندمت الحكومة على اتخاذها ؟

الظاظا: نعم أخطأنا ونندم على خطأين الأول هو صبرنا الطويل على قوى الفوضى والفلتان الأمني في غزة عام 2006، ارتكبناه ونتحمل تبعاته ولذلك صلحناه. والخطأ الثاني وما زلنا نخطئه لا نأسف على هذا الخطأ وهو تحملنا الواسع لتصرفات جماعة رام الله من خلال بعض العمليات العسكرية وعمليات الاعتقال.

إيلاف: إلى أين وصلت المصالحة الوطنية الفلسطينية ؟

الظاظا: نحن أول من أطلقنا الدعوة للوفاق وكان الرفض دائماً من قبل محمود عباس على ذلك ثم حينما وصلنا بالوفاق إلى مراحل متقدمة بالرعاية المصرية نتيجة الجولات المكثفة وقدمنا تنازلات كبيرة من أجل المصلحة العليا ولكن بعد ذلك حينما خرجت الورقة المصرية كان هناك بعض النقاط على هذه الورقة. ونحن نعتبر المصالحة هدفاً إستراتيجياً لابد منه، أما محمود عباس فبدعم صهيوأمريكي يحاول أن يعزز الانقسام من خلال مجموعة من التصرفات سواء كان باستنكاف الموظفين أو بالعمليات المضادة أو بالتنازلات السياسية الخطيرة في القضية الفلسطينية أو حتى مساهمته الواضحة في الحصار والحرب على غزة والعملية الإجرامية في حرب الفرقان ومحاولته تعطيل صفقة الأسرى التي تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، وأيضًا إصراره على طلب إغلاق معبر رفح.

إيلاف: بماذا تردون على من يتهمكم ويتهم الحكومة برام الله أيضا أنكم تسعون لإبقاء الانقسام لأنكم مستفيدون من الوضع القائم ؟

الظاظا: نحن المجلس التشريعي ونحن الحكومة ولكن الأجهزة الأمنية كانت مع المرجفين في الأرض فانقلبوا علينا من أجل أن يلغوا الدستورية والتشريعية والحكومة ولا يريدون نظافة اليد والإصلاح، ومن المستفيد من هذا الوضع الذي ارتمى في أحضان إسرائيل وسلم أبطال وأشراف الأمة أم هم أشرف الأمة وأبطالها.

إيلاف: هل لديكم رقابة على أنفاق التهريب ؟ وكيف يتم ذلك ؟

الظاظا: الحكومة تنظر لقضية الأنفاق على أنها تضر بمصالحنا الاقتصادية والأمنية والسياسية والأخلاقية، لكن من حق شعبنا المحاصر أن يبحث عن كل وسائل كسر الحصار لذلك نحن نتعامل مع البضائع التي تدخل عن طريق الأنفاق رغم قلتها حيث نبذل جهدا لمنع دخول المخدرات والمواد التي تضر بالمواطن وقد حققت قوات الأمن نجاحًا كبيرًا حتى أصبح قطاع غزة شبه نظيف من المخدرات، نقوم بتفتيش البضائع والسلع والتأكد من سلامتها وصحتها للمواطن ويتم إتلاف المواد غير الصالحة للاستعمال.

إيلاف: كيف تصف لنا عمل المعابر الحدودية ؟

الظاظا: نتطلع إلى رفع وكسر الحصار عن شعبنا الفلسطيني وأنظارنا دائمًا صوب معبر رفح الفلسطيني المصري للأفراد والبضائع وصوب البحر ليكون لنا ميناء حتى لو كان ميناء عائمًا، ونريد أن يكون لنا انطلاقة على العالم العربي والدولي وحتى يتحرك المواطن الفلسطيني وفقا لكفاءاته وقدراته وإمكاناته المتميزة لبناء حاضره ومستقبله.

إيلاف: تقوم إسرائيل منذ فترة بدخول أصناف جديدة، هل ذلك يدخل ضمن صفقة تبادل الأسرى، فتح المعابر بضمانة الوسيط الألماني ؟

الظاظا: حينما نتحدث هكذا نكون قد تجاوزنا الحقيقة كثيرًا فحينما يسمح الاحتلال بدخول الشاي والقهوة ويسمح للمرة الأولى قبل ثلاثة أيام بدخول الفلفل الأسود هذه ليست موادًا، وفي الوقت نفسه يمنع دخول الغاز وهو مادة أساسية للمواطن الفلسطيني, صفقة تبادل الأسرى هي مفاوضات خاصة بأسرانا الأبطال وقياداتنا العظيمة في سجون الاحتلال، أما المعابر فلها علاقة بقضية اتفاق التهدئة، وربما تكون علاقة ترتيبية وليس علاقة عضوية للمعابر، وصفقة تبادل الأسرى لوحدها، واتفاق التهدئة لوحده.

إيلاف: نريد وصفًا لوضع الاقتصاد منذ لحظة استلامكم الحكم حتى الآن ؟

الظاظا: منذ لحظة استلامنا الحكومة بدأ الحصار، ولجأنا إلى الاقتصاد المقاوم، وإنجازاتنا هي تشجيعنا للناس وحثهم على الزراعة، حيث تم زراعة أكثر من 400000 ألف شجرة مثمرة في قطاع غزة، وعمل عشرات المزارع للإنتاج الحيواني والدواجن والاستزراع السمكي، وهناك خطط موضوعة لزراعة متقدمة للسنوات القادمة، وإن شاء الله سنحقق من خلال هذه المشاريع اكتفاءً ذاتيًا في مجال الزراعة. وفي مجال الصناعة، نحن ندعم مشاريع تنموية صغيرة للناس، وبدأ الناس ينشئون هذه المشاريع ويأتون بمردود، كما أننا حافظنا على البيئة ونظافة الشوارع من خلال دعم البلديات، فكل العالم سمع بإضرابات الناس من أجل الرواتب، ولكن والحمد لله موظفو البلديات لدينا يتقاضون رواتبهم كل شهر، كما أننا نقوم بمشاريع على الرغم من الحصار لعمل بنية تحتية للمناطق ورصف الشوارع.

إيلاف: ما هي الجهود التي تبذلها الحكومة لمساعدة الفلسطينيين في قطاع غزة لتجاوز الوضع القائم حاليًا ؟

الظاظا: لدينا جهود كبيرة لمساعدة أبناء شعبنا منها تسهيل الإجراءات في إنجاز معاملات المواطنين، ورفع المستوى الصحي لدى الفرد الفلسطيني، والاهتمام بالمجال التعليمي والتخفيف من حدة البطالة بعد استنكاف موظفي السلطة، وكذلك مشاريع التشغيل المؤقت للعمال العاطلين عن العمل بمشاريع البطالة. كما أننا قدمنا عقب انتهاء الحرب مساعدات أولية عاجلة قرابة 69 مليون دولار للمواطنين المتضررين من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة حيث تم تعويض أصحاب المصانع والورش والسيارات والمحلات والمزارع.