من يطلق الشائعات عن وفاة قيادات ومرجعيّات سياسيّة ودينيّة في لبنان؟ سؤال شغل المسؤولين والأجهزة الأمنية والاستخباراتية في الآونة الأخيرة بعد تفاقم هذه الظاهرة الغريبة، من دون أن يتم التوصل الى الجواب الشافي بشأنها، والذي بقي يتراوح بين الغرض السياسي والإستنتاج الظرفي وفقًا لكل حالة كما تشير المعلومات.

بيروت: يوم أول من أمس، سرت شائعة عند الظهر مفادها أن نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر، توفي بصورة مفاجئة من دون أن تعرف الأسباب. ولم يمضِ وقت قليل حتى كان الخبر يبلغ مسامع صاحبه الذي رأى أن أفضل وسيلة للرد عليه وتكذيبه، هو اللجوء الى موعد كان قد حدد له مساء للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في قصر بعبدا، فأوعز الى مكتبه الإعلامي بإصدار بيان بهذا الخصوص وشكل بذلك سابقة لم يقدم عليها نائب من قبل وذلك بالإعلان قبل ساعات قليلة عن زيارة يقوم بها الى رئيس الجمهورية، لكن لدحض الشائعات أحكام..

ولم يكتفِ المر بالبيان المذكور وصورة اللقاء التي التقطت للرئيس وضيفه، لعرضها على شاشات التلفزيون ونشرها في الصحف، بل انتهز الفرصة أيضًا للإدلاء بتصريح الى الصحافيين لدى مغادرته القصر، يؤكد فيه أنه ما زال على قيد الحياة، عازيًا إطلاق الشائعة الى أمنية تراود خصومه السياسيين غامزًا في ذلك من قناة التيار الوطني الحر، الذي يتزعمه النائب العماد ميشال عون، من دون أن يسميه. وقال المر في تصريحه الطريف: quot;عندما لا يكون هناك مواضيع سياسية مهمة تحتاج مني الظهور على الإعلام لا أظهر، هذا لا يعني أنني توفيت.

منذ أسبوعين أطلقوا بعض الشائعات بأني خضعت لعملية خطرة ودخلت غرفة العناية الفائقة، الى غير ذلك من هذا الكلام الكاذب. ومنذ يومين أطلقوا شائعات أخرى تتحدث عن وفاتي. فمن هنا (القصر الجمهوري) أقول إن الله هو الذي يعطي الصحة والحياة للإنسان، وهو الذي يأخذهما.. وليس هؤلاء الذين يفبركون الأخبار، حيث أنهم لم يعد لديهم شيء سياسي يتحدثون به، فبدأوا يقولون إن ميشال المر قد مات. فلنحمد الله الذي أنعم علينا حتى اليوم بالصحة. ونحن على قيد الحياة، ونشكر جميع من اتصل بنا للإطمنانquot;.

وإذا كان متابعو قصة الشائعة الخاصة بالمر يتفهّمون تحميل من هم على خلاف معه مسؤولية فبركتها. فإن شائعات أخرى طاولت رئيسي حكومة سابقين ومرجعًا دينيًّا بارزًا لم تجد تفسيرًا لها.
آخر شائعات الوفاة التي انتشرت قبل quot;شائعة المرquot; حطت قبل أسبوعين في مقر المرجع الشيعي العلامة الشيخ محمد حسين فضل الله منتهزة ما تردد عن انتكاسة صحية تعرّض لها، وكاد بعض وسائل الإعلام يقع ضحية لها، ويعلن وفاة الرجل، لو لم يسارع المعنيون الى نفيها والتأكيد على أن فضل الله يتمتع بصحة جيدة. كما اتبع هذا النفي بعد أيام بوقوف من استهدفته الشائعة خطيبًا في المصلين يوم الجمعة كعادته كل أسبوع.

وقبل العلامة الشيخ فضل الله، ها هو رئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص يتعرّض قبل أشهر لشائعة مماثلة، إستغل مروجوها على ما يبدو دخوله مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت للعلاج من نوبة ربو حادة، أصابته، لكنه شفي منها بعد أيام وخرج معافى ليزاول نشاطه اليومي.

وفي الصيف الماضي انشغل عدد من الطرابلسيين بالإستعلام عن صحة الخبر الذي نزل عليهم كالصاعقة وفيه أن رئيس الحكومة السابق عمر كرامي إبن مدينتهم قضى نحبه أثناء إقامته في دارته الصيفية في بقاع صفرين، وقد كاد المستعلمون يصدقون النبأ بعد أن تعذر عليهم الاتصال بالرئيس كرامي، وشقيقه المهندس معن وبعض القريبين منهما، حيث صودف عدم استجابة الهواتف الخلوية لهؤلاء ليتضح لاحقاً أنها كانت مقفلة بسبب مشاركة أصحابها في مجلس عزاء..

وهكذا تفضح الشائعة نفسها، لكنها لا تتراجع عن الحركة باحثة عن هدف جديد مجهول الهوية في الوقت الحاضر، كما هي حال صانعها المعتمر لطاقية الإخفاء...