مع تحوّل اليمن الى نوعية الدول ذات التربة الخصبة لنمو تنظيم القاعدة، يواجه أوباما أخطارا عدة داخلية وخارجية جراء المساعدات التي يقدمها لليمن وللنظام فيها

القاهرة: تعد اليوم صحيفة quot;ميامي هيرالدquot; الأميركية تقريرا ً تحليليا ً تحذر فيه من التداعيات وردود الفعل المحتملة في العالم العربي للقرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بزيادة الدعم الأميركي لليمن لإعانتها في المواجهة التي تخوضها ضد تنظيم القاعدة، حيث رأت أن ذلك سيعرضه لخطر الربط بين واشنطن بصورة وثيقة وبين رئيس مستبد تعمل سياسته القمعية للتظلمات السياسية والاقتصادية على تقوية شوكة الإرهابيين والدفع ببلاده التي يمزقها الفقر نحو التفكك.

وتمضي الصحيفة لتنقل في هذا الصدد عن برنارد هايكل، الأستاذ في جامعة برينستون، قوله :quot; أي ارتباط بالنظام اليمني لن يعمل إلا على تأكيد ادعاءات القاعدة بأن أميركا مهتمة فقط بالمحافظة على الحكام المستبدين والفاسدين وغير مهتمة بمصير العرب والمسلمينquot;. ونوهت الصحيفة في السياق نفسه إلى التقرير الدولي الذي أصدرته أخيرا ً وزارة الخارجية الأميركية عن حقوق الإنسان وتحدث عن مزاعم تفيد بأن نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يقوم بتعذيب واغتيال من يشتبه في أنهم معارضون، ويدير سجونا ً سرية، ويخرس وسائل الإعلام المستقلة.

كما لفتت إلى أن القوات الأمنية، التي يديرها أقارب الرئيس وتلقى المشورة ndash; كما يُقال - من ضباط سابقين بالحرس الجمهوري للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، تواجه اتهامات باستخدام quot;القوة المفرطةquot; ضد المتمردين في شمال البلاد، وكذا اقتلاع الآلاف من المدنيين.

ويرى فريق آخر من الخبراء ndash; طبقاً للصحيفة - أن أحد المخاطر الكبرى التي يواجهها أوباما نتيجة لذلك هو أن يمنيين وسعوديين وغيرهم سينضمون بأعداد كبيرة إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لمحاربة نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي لا يحظى بشعبية أو لشن هجمات على راعيه الأميركي. وتنقل الصحيفة هنا عن السناتور الديمقراطي روس فينجولد، العضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الذي يحذر منذ سنوات من التهديدات الإرهابية المتنامية في اليمن، قوله :quot; إن زيادة المساعدات الأمنية الأميركية للرئيس علي عبد الله صالح من الممكن أن تقع في حقيقة الأمر بين أيدي تنظيم القاعدةquot;.

وقد سبق للرئيس باراك أوباما أن أعلن عن قراره بتقوية شراكته مع الرئيس اليمني في أعقاب محاولة تفجير طائرة أميركية أثناء رحلة كانت متوجهة إلى ديترويت نهاية الشهر الماضي على يد الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب الذي دربته وكلفته القاعدة بتلك المهمة.

في غضون ذلك، يقول مسؤولون أميركيون إنهم يتوقعون حدوث زيادة في المساعدات الأمنية والتنموية الأميركية هذا العام إلى اليمن بما يزيد عن 10 مليون دولار، ليصل المبلغ الإجمالي إلى 63 مليون دولار، أي بما يزيد عن ثلاثة أضعاف المبلغ الذي سبق وأن حصلت عليه في عام 2008.

ومع هذا، لن يشتمل هذا المبلغ على الأموال التي تخصصها الإدارة الأميركية لتدريب وتجهيز قوات أمن الحدود وقوات مكافحة الإرهاب اليمنية. وتقول الصحيفة إن إقدام واشنطن على توطيد علاقتها بصنعاء سيكلف أوباما بعضاً من حسن النية التي استعادها أوباما للولايات المتحدة عندما تعهد في خطابه التاريخي الذي ألقاه في القاهرة مطلع يونيو/ حزيران الماضي بأنه سيعمل على تحقيق بداية جديدة في العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي.

وفي مقابل ذلك، يقول مسؤولون يمنيون بارزون، على دراية على ما يبدو باحتمالية حدوث ردود فعل عنيفة، إن لديهم حدود في التعاون مع واشنطن. وفي هذا الإطار، تلفت الصحيفة للمقابلة الهاتفية التي أجراها وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي مع مجموعة صحف quot;ماكلاتشيquot; الأميركية، وقال فيها :quot; طالما أن كل تقوم به الولايات المتحدة هو دعم الحكومة اليمنية، ووحداتنا الخاصة بمكافحة الإرهاب، وإمدادنا بالدعم اللوجيستي، وتبادل المعلومات الاستخباراتية ونظم المعلومات والاتصالات، فأنا لا أعتقد أن ذلك سيعمل ضد أهدافناquot;.

بينما يقول العديد من الخبراء إن القوات الأمنية التي سبق لها وأن تلقت تدريبات أميركية لمجابهة القاعدة، قد تم نشرها ضد الانفصاليين في الجنوب والمتمردين من المسلمين الشيعة في الشمال وقامت باستخدام أساليب وحشية. وهنا، تنقل الصحيفة عن مايكل نايتس، الزميل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى للسلام، قوله :quot; أنت تتعامل هنا مع واحد من أكثر الجيوش افتقادا ً للتنظيم في المنطقةquot;.

وتنقل الصحيفة في ختام تقريرها عن أبريل ألي، الخبير في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن، قوله :quot; تزيد الولايات المتحدة من تحويل دعمها لنظام الرئيس علي عبد الله صالح في وقت يخسر فيه بشكل متزايد الدعم ( الشعبي ). أما وجهة النظر السائدة في اليمن الآن فهي تلك التي تتحدث عن أن الولايات المتحدة تقدم الدعم لنظام يفقد شعبيته بصورة متزايدة ويساند الاستبدادquot;. في حين برى بعض الخبراء أن أوباما لا يمتلك إستراتيجية تمكنه من مواجهة العلل غير الأمنية التي تساعد على تحويل اليمن إلى نوعية quot;الدولة الفاشلةquot; التي تزدهر بها القاعدة، حيث المناخ الخصب للفقر والجهل والبطالة والفساد.