يبدأ نائب الرئيس الاميركي جو بايدن في بغداد اليوم مباحثات مع القادة العراقيين لانقاذ العملية الانتخابية التي تواجه معضلة قرارات أصدرتها هيئة المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث، بمنع مئات المرشحين من خوض الانتخابات، فيما ستجتمع الرئاسات العراقية الاربع للجمهورية والحكومة ومجلس النواب والقضاء الاعلى للبحث عن مخرج قانوني يعالج قضية الممنوعين وسط مخاوف رسمية عراقية من إمكانية طعن واشنطن والمجتمع الدولي بشرعية البرلمان والحكومة المقبلين، في غياب مشاركة واسعة في الاقتراع.
لندن: وبحث مجلس الرئاسة العراقية الذي يضم الرئيس جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي الموقف من قرارات هيئة المساءلة والعدالة، اذ تم التأكيد على ضرورة تطبيق القانون على الجميع بهذا الخصوص. وقال طالباني عقب الاجتماع الليلة الماضية quot; تباحثنا في موضوع المساءلة والعدالة فتقرر الدعوة الى اجتماع للرئاسات الاربع: رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب ورئاسة القضاء للعمل المشترك، من أجل ايجاد حل وفق القانون والدستور بحيث يطبق القانون على الجميع وكذلك بحثنا في موضوع ضرورة العمل من أجل ان تجري الانتخابات في موعدها المقرر، واذا كان هنالك اسباب قانونية تقتضيها مدة تدقيق المعترضين نرجو ان تؤجل القضايا الى ما بعد الانتخابات... وهذا هو جوهر الموضوعquot; كما نقل عنه بيان رئاسي الى quot;ايلافquot;.
وشكك طالباني في شرعية هيئة المساءلة وقال في مؤتمر صحافي امس الاول quot; هل هناك فعلا هيئة للمساءلة والعدالة؟ لأن البرلمان لم يصادق على هيئة المساءلة والعدالةquot;. واضاف أن بايدن سيأتي إلى العراق لدفع الحكومة العراقية لتعليق الإجراءات المتعلقة باستبعاد 511 مرشحًا و11 كيانًا سياسيًّا إلى ما بعد السابع من آذار/مارس المقبل موعد إجراء الانتخابات. واشار الى إنه ليس من الواضح فيما إذا كان ذلك سيحظى بموافقة بغداد، قائلاً إن الحكومة ستتصرف تبعًا لما فيه مصلحة العراق.
بايدن لدى وصوله الى مطار بغداد مع السفير الاميركي وقائد القوات الاميركية |
ومن جانبه يبدأ بايدن في بغداد اليوم سلسلة مباحثات مع كبار المسؤولين، يتقدمهم الرئيس طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اياد السامرائي، إضافة إلى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق أد ميلكرت.
وقال مصدر في مكتب بايدن إن مباحثات نائب الرئيس الأميركي مع المسؤولين العراقيين والمبعوث الأممي ستركز على الانتخابات العراقية التي من المقرر إجراؤها في السابع من أذار/مارس المقبل. كما سيلتقي بايدن مع عدد من قادة وجنود القوات الأميركية في العراق خلال زيارته هذه، وهي الرابعة لبغداد منذ الانتخابات الرئاسية أواخر عام 2008.
وخلال اتصالات هاتفية مع المسؤولين العراقيين الاسبوع الماضي، عبّر بايدن عن عدم ثقته بالهيئة التي قامت بالاجتثاث مقترحا quot;أن تكون عملية الاجتثاث بعد الانتخابات لا قبلها على أن يتقدم المرشحون بتعهدات بالبراءة من حزب البعث وإدانة كافة جرائمه السابقةquot;. كما أعرب السفير الأميركي في بغداد كريستوفر هيل عن تخوفه من تأثير ذلك على الأجواء السياسية في البلاد وجدولة الانسحاب الأميركي عن الأراضي العراقية والمنتظر استكماله بنهاية العام المقبل.
ومن جهته قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان بايدن وصل الى بغداد quot;لكي ينقذ العملية الانتخابيةquot; في اشارة الى إبعاد المرشحين وبينهم اسماء برلمانية بارزة.
وقد استبقت الحكومة العراقية زيارة بايدن بدعوة المرشحين الممنوعين من الانتخابات لإعلان براءتهم من حزب البعث المحظور، وإدانة ممارساته من أجل الاندماج في المجتمع وذلك بالشكل الذي ينسجم مع مقترحات المسؤول الأميركي.
وقال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ quot;ان على البعثيين أن يعلنوا براءتهم وإدانتهم لجرائم وآثام نظام البعثquot;، واضاف في تصريح مكتوب تلقته quot;ايلافquot;، ان على quot;البعثيين الذين وردت أسماؤهم في قائمة هيئة المساءلة والعدالة أن يعلنوا براءتهم وإدانتهم لجرائم وآثام نظام صدام حسين وحزب البعث الصداميquot;. وأوضح الدباغ أن هذه البراءة quot;ستكون فرصة لهم لممارسة حياتهم الطبيعية والإندماج في المجتمع العراقي، وأن مسألة استبعادهم من المشاركة في الإنتخابات يحكمها الدستور والقوانين المرعية النافذة والناظمة لعمل هيئة المساءلة والعدالة وهي قضية عراقية داخلية يتم التفاهم عليها بين الكتل والقوى السياسية العراقيةquot;.
وحول الموضوع نفسه فقد شدد رئيس الوزراء السابق رئيس تيار الاصلاح الوطني ابراهيم الجعفري على ضرورة عدم تسييس عمل هيئة المساءلة والعدالة من قبل الأحزاب أو الشخصيات المنضوية داخل العملية السياسية. واكد ضرورة اتخاذ موقف الحياد منها، كونها مؤسسة مستقلة ويجب أن تبقى كذلك، فضلا عن تنديده بالتدخلات الخارجية الداعية إلى إلغاء عمل الهيئة والمساومة على قراراتها أو إرجاء عملها إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة بحسب ما نقل عنه مكتبه الاعلامي في بيان صحافي الى quot;ايلافquot; اليوم.
وقد كشفت صحيفة quot;لوس أنجليس تايمزquot; امس ان المسؤولين في بغداد يتحركون بسرعة للتعامل مع أزمة المستبعدين من الانتخابات، لأنهم بدأوا يدركون ان واشنطن والمجتمع الدولي يمكن ان يطعنا بشرعية البرلمان والحكومة المقبلين اذا لم يتضمن الاقتراع النيابي مشاركة واسعة من الجميع.
واضافت ان من الصعوبة ايجاد شخص من الحكومة العراقية مستعد للوقوف علنا بوجه لجنة المساءلة والعدالة التي يرأسها اثنان تظن الولايات المتحدة ان لهما علاقات وثيقة بايران، في اشارة الى احمد الجلبي رئيس اللجنا العليا لاجتثاث البعث الملغاة، وعلي اللامي رئيس هيئة المساءلة والعدالة.
ونقلت عن مسؤولين اميركيين كبار انهم قد حذروا القادة العراقيين من ان هناك احتمالا حقيقيا بأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي سيرفضان القبول بشرعية الانتخابات اذا لم يتم التخلي عن الاستبعادات، وهي خطوة تقوض كل الجهد الذي تزعمته الولايات المتحدة لجلب الديمقراطية للعراق. واكدت ان يحمل امكانية حرمان الحكومة العراقية المقبلة من الاعتراف بها دوليا ويحرمها كذلك من الدعم الداخلي.
وكانت لجنة المساءلة لاجتثاث البعث قررت الاسبوع الماضي منع 511 مرشحًا من المشاركة في الإنتخابات موضحة ان بينهم 182 شخصًا من عناصر الأجهزة الأمنية وعناصر النظام السابق، و216 عضواً في حزب البعث المنحل فما فوق، و105 حاصلين على شارة الحزب أو وسام الرافدين وشارة القدس والأعضاء المنتسبين للمؤسسة العسكرية، وخمسة أعضاء شاركوا في قمع انتفاضة الجنوب عام 1991، وثلاثة من المروجين لحزب البعث المنحل ونظامه السابق.
التعليقات