بغداد: يعد حمزة حميد تذكرة حية لعملية القصف التي أطلق عليها quot;الصدمة والرعبquot; خلال الغزو الأميركي للعراق العام 2003 وهو واحد مما يصل الى ثلاثة ملايين عراقي أصيبوا باعاقات بعد سنوات من الحرب والعقوبات والحرمان الاقتصادي. وفقد حميد ساقه اليمنى التي بترت من أسفل مفصل الفخذ مباشرة واصبع السبابة بيده اليسرى حين أصيب في سوق خلال ما قال انه كان قصفًا أميركيًا على مقربة.

وبعد أن ترك حميد ليتعامل بمفرده مع الاصابة التي غيرت حياته وحرمته من هوايته الوحيدة وهي كرة القدم غرق في اكتئاب ألزمه غرفة نومه طوال عام الى أن قفز ذات يوم في نهر لانقاذ شقيقه. وهو الان سباح في الفريق الوطني العراقي للمعاقين لكنه لا يزال يعيش مع زوجته وابنائه الاربعة في حجرة واحدة بمنزل والديه ولا يستطيع الحصول على طرف صناعي قابل للاستخدام.

وقال حميد (40 عامًا) الذي بدا شابًا فيما كان يجلس على أريكة حاملاً عكازيه في تجمع الرافدين لمعوقي العراق quot;أصدقائي يدعونني حمزة الفكاهي الذي لا يؤثر عليه أي شيء حتى عوقه.quot; وانحسر العنف في العراق. لكن المصابين تذكرة مستمرة بالقتال الذي يقول مشروع (ايراك بودي كاونت) الذي يحصي القتلى في العراق انه أودى بحياة 100 الف عراقي منذ الغزو. وخلال الحرب بين العراق وايران في الثمانينيات قتل مليون من الجانبين.

وقالت وزارة الصحة العراقية انها لا تملك أرقاما محددة لكنها تقدر أن عدد المصابين باعاقات جسدية وذهنية يتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين. وتعتبر جماعة (ميرسي كور) وتتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها أن تقدير عدد المعاقين بمليونين فقط متحفظ. وقالت ان تعدادا للسكان عام 1977 سجل أن نسبة المعاقين حينذاك بلغت تسعة في المئة من سكان العراق الذين كانوا 12 مليون نسمة انذاك او نحو مليون.

وتقدر الحكومة عدد السكان الان بنحو 30 مليون نسمة. وقالت تيانا توزر المتحدثة باسم جماعة ميرسي كور quot;اذا وضعنا في الاعتبار أن العراق في حرب منذ عام رر1977. حرب ايران والعراق والقصف الأميركي والعقوبات كلها ساهمت في اعاقة المزيد من الناس. 2.7 مليون أو عشرة في المئة من السكان تقدير متحفظ.quot;

وتقول الحكومة انها لا تستطيع مجاراة هذا العدد من المعاقين. ولا تملك وزارة الصحة سوى 21 مركزا لاعادة التأهيل و12 ورشة للاطراف الصناعية ولا تستطيع افتتاح المزيد لانها تفتقر الى الاطباء والفنيين. وأشارت الى أن ربع الاشخاص الذين يحتاجون الى أطراف صناعية فقط هم الذين يحصلون عليها لان المواد الخام غير متوفرة.

وتعطي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمعاقين نحو 50 الف دينار عراقي (40 دولارا) شهريا. وقال خميس السعد وكيل وزارة الصحة quot;حتى أكون واضحا لحد الان نحن غير مؤدين المطلوب منا لكن هناك أولويات كوزارة الصحة عملنا عليها لكن في النهاية ان شاء الله سنصل الى نسبة عالية من المطلوب منا كوزارة صحة. quot;أرقى الدول يوجد لديها معوقون لكن نحن الظروف التي مررنا بها استثنائية... هي موارد بشرية أكيد نحن نخسرها.quot;

ويعتمد حميد على العكازين في الاساس لان الطرف الصناعي الذي حصل عليه من ورشة حكومية غير مريح. وحين طلب من ورشة خاصة تصنيع ساق صناعية أفضل له قالت له ان التكلفة خمسة الاف دولار وبالتالي ألغى الفكرة. وكان حميد قد فقد الامل في الحياة تقريبا حين رأى شقيقه الذي كان يسبح في نهر ببلدة اليوسفية الى الجنوب من بغداد وهي مسقط رأسه وهو يصارع في المياه.

ولم يدر حميد الذي كان جالسا على ضفة النهر ماذا يفعل لانه لا يستطيع السباحة. وقال quot;قررت أن أقفز وأحاول انقاذه حتى لو غرقت انا. كنت أقول انا أساسًا ميت.quot; وقادته هذه الحادثة وكانت المرة الاولى التي يسبح فيها الى فريق المعاقين العراقي وقد فاز بميداليات في بطولات دولية. ويأمل حميد أن تعطيه الحكومة منزلاً. وهو يحصل على راتب قدره 325 الف دينار (275 دولارًا) شهريًّا من اللجنة العراقية الاولمبية لذوي الاحتياحات الخاصة. وقال quot;أنا أعيش في بيت أهلي أشغل غرفة واحدة مع زوجتي وأطفالي الاربعةquot;.

ويريد فرج حسب من تجمع الرافدين لمعوقي العراق من البرلمان الذي ينتخب في مارس اذار القادم تمرير قانون لتفعيل المادة 32 من الدستور التي تضمن حقوق المعاقين. وقال حسب (43 عامًا) عضو الفريق الوطني للسلاح والذي فقد ساقه اليسرى خلال حرب العراق وايران التي استمرت ثمانية أعوام quot;أحد أهم الاهداف لهذا التجمع هو اقرار المادة 32 من الدستور. يجب أن تفعل هذه المادة فهي تخص حقوق المعاقينquot;.