وصل الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف الى الجزائر اليوم حيث يتوقع ان تكتسي القمة الجزائرية الروسية الرابعة منذ عام 2001 طابعا خاصا مع اقترانها بالحديث عن ملف التسلح الجزائري خاصة ان الجزائر تبدي إهتماما كبيرا بدعم روسيا لمختلف أنشطتها في المجال النووي السلمي.
يرى مراقبون في الجزائر، إنّ زيارة الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف التي بدأت اليوم تنطوي على أكثر من خلفية تجعل من القمة الرابعة بين الجزائر وموسكو منذ توقيعهما اتفاق الشراكة الإستراتيجية في ربيع 2001، تكتسي طابعا خاصا سيما مع اقترانها بالحديث عن ملف التسلح الجزائري، وبقاء التعاون الغازي بين البلدين رهن الاختلالات.
quot;إيلافquot; استطلعت آراء محللين حول الموضوع، وفي هذا الاطار يقول المحلل أنيس نواري إن الجزائر وموسكو ستبحثان فرص تطوير اتفاق الشراكة الإستراتيجية المبرم في أبريل/نيسان 2001، كما سيجري التركيز بشكل كبير على استكمال بنود الاتفاق العسكري الضخم الذي أبرمته الدولتان في مارس/آذار 2006، ووصلت قيمته آنذاك إلى 7.5 مليار دولار، مع الإشارة إلى أنّ كبير مستشاري ميدفيديف، أفاد بأنّه ليس هناك تخطيط من الطرفين لتوقيع اتفاقيات جديدة في مجال التعاون العسكري التقني.
ويوضح نواري المتابع لملف العلاقات الجزائرية الروسية، أنّ أزمة طائرات quot;الميغ 29quot; الرديئة التي أعادتها الجزائر لموسكو في فبراير/شباط 2008، تسببت في تعطيل تطبيق ما تضمنته صفقة توريد العتاد العسكري المبرمة قبل أربع سنوات، لذا يذهب نواري إلى القول إنّ الرئيس ميدفيديف ومن خلال اللقاءات المبرمجة للوفد الروسي مع مسؤولين جزائريين رفيعين في مجال التسلح، سيسعى إلى استكمال ملف توريد دفعة من المقاتلات الحديثة إلى الجزائر، وتسليمها بحلول السنة المقبلة.
ويتعلق الأمر بحسب نواري، بستة عشر طائرة حربية من طراز quot;سوخوي 30 أم كا إيquot;، تنفيذا لاتفاق العام 2006، بما يرفع عدد الطائرات المقاتلة التي ستقتنيها الجزائر إلى 28 طائرة مقاتلة.
وإذا كان نواري لا يتوقع إبرام اتفاقية تسلح جديدة بين الجزائر وروسيا، خصوصا وأنّ الجانب الجزائري لم يطرح بعد مسألة شراء غواصات جديدة، فإنّ نواري يبدي يؤكد أنّ العنوان الأبرز لزيارة خليفة بوتين هو السلاح، لأنّ ذاك ما يجمع الدولتين منذ ستينيات القرن الماضي، على نحو جعل الجزائر تتموقع كأول زبون إفريقي لروسيا في مجال السلاح.
من جهته، لا يستبعد المحلل مصطفى شريفي أن يتم بحث إمكانية اقتناء الجزائر لفرقاطات لإزالة ما يكتنف موضوع quot;مقاتلات الميغquot; على درب الانتقال إلى مرحلة أخرى، تتعلق بشراء راجمات للصواريخ مجهزة برادارات مضادة للطائرات، تعرف باسم ''بانتسير س.1quot; تستخدم كدروع جوية، فضلا عن فتح ملف الغواصات الجزائرية التي جرى استيرادها إبان حقبة الاتحاد السوفياتي السابق.
ويقول شريفي إنّ الجزائر ترغب بإخضاع تلك الغواصات لمزيد من التطوير في المصانع الروسية، علما أنّ هذه الغواصات التي تشتغل بـquot;الديزلquot; الكهربائي من صنف quot;فارشافيانكاquot;، يبلغ طول جسم الواحدة منها 72 مترا، وتصل سرعتها تحت الماء إلى 17 عقدة، كما يصل عمق غوصها إلى 300 متر، بينما يتكون طاقمها من 52 فردا.
وعما إذا كان السعي الجزائريّ للتسلح مرتبط بالحرب ضدّ القاعدة أم له دوافع أخرى، يقحم الأستاذ فارس فتح الله المسألة ضمن مسار تحديث وتطوير الجانب اللوجستي للجيش الجزائري الذي جرى الشروع فيه منذ عام 2002، وتركيز الجزائر على الارتقاء بمنظومة الأسطول الجوي.
من جهته، يؤكد نواري إبراز توكيد مسؤول روسي أنّ موسكو مستعد لتلبية أي طلب جزائري من السلاح باستثناء ما يتعلق بالسلاح النووي، وتحدث عن طلب جزائري لشراء عتاد عسكري روسي متطور موجه لمحاربة الإرهاب، كما تحدث عن طلب يخص سلاح الدفاع الجوي وتجهيز القوات البحرية والبرية بمعدات جديدة.
صفقة طاقوية مزدوجة
استنادا إلى ما أسرّت به مصادر جزائرية مطلعة لـquot;إيلافquot; فإنّه من بين رهانات الزيارة، بحث روسيا عن تأييد جزائري لرهانها الخاص بانتزاع منصب مراقب دائم على مستوى منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك)، وقد يتم الإعلان عن ذلك في ختام زيارة الرئيس الخميس.
وفي سياق متصل، يُرتقب أن يتناول الرئيسان الجزائري والروسي إقامة شراكة متجددة بين المجموعة البترولية الجزائرية سوناطراك والمؤسسة الروسية quot;غاز برومquot;، وتجاوز إفرازات مذكرة التفاهم quot;الفاشلةquot; التي تعثرت قبل ثلاث سنوات، بسبب ما قيل آنذاك إنّها quot;مسائل خلافيةquot; نجم عنها فشل سوناطراك وغاز بروم في تمديد شراكتهما الغازية التي أرعبت أوروبا في صيف 2006.
كما يريد الجانبان نسج شراكة غازية تخص السوق الأوروبية، لتعزيز (اختراقاتهما) للقارة العجوز، وهو واقع تهدف إليه الجزائر الثالثة عالمياً بين الدول المصدرة للغاز في حين أنّ أوروبا تشتري حالياً 70 في المائة من احتياجاتها من هذا البلد المغاربي.
وحول صفقات قد يظفر بها الروسيون، يرى الأستاذ نواري أنّ اصطحاب سيد الكرملين لأكثر من 60 رجل أعمال ونحو 20 مؤسسة روسية، يحمل في دلالاته رغبة متعاظمة من الجانب الروسي في افتكاك حصص من المخطط الإنمائي الذي أطلقته الجزائر في آفاق العام 2014 ورصدت له مخصصات زادت عن الـ286 مليار دولار.
وتعوّل موسكو على تحديث خطوط السكك الحديدية في ضواحي العاصمة الجزائرية لقاء صفقة تصل قيمتها إلى 810 ملايين و480 ألف يورو، علما أنّ العملية كان يُفترض إتمامها قبل فترة، لكنها تأخرت على نحو غير مفهوم، بينما ستتوج الزيارة بتوقيع اتفاقيات تخص قطاع النقل البحري في الجزائر.
ولعلّ ما يبرز هذه الرغبة، تأكيد وزير الطاقة الروسي سيرغاي شماتكو لدى حلوله بالجزائر مؤخرا، أنّ شركات بلاده على أتمّ الاستعداد لتقديم خبرتها في عدة مجالات، وإبرام شراكات مع الجزائر في قطاعات الإنشاءات العامة، الزراعة، الموارد المائية، النقل البحري، سكك الحديد، وصناعة الطائرات، في حين تشترط الجزائر أن تستند أي شراكة على التشجيع المتبادل للاستثمارات وكذلك تحويل المهارة والتكنولوجيا من لدن المتعاملين الروس.
تطلع إلى النووي السلمي
تبدي الجزائر إهتماما كبيرا بدعم روسيا لمختلف أنشطتها في المجال النووي السلمي، وهو ما أكّده وزير المال الجزائري كريم جودي، حيث لفت الأخير في آخر اجتماع للجنة الجزائرية الروسية المختلطة إلى أنّ استكمال مشاريع قوانين الاستعمال المدني للطاقة النووية والنقل البحري، فضلا عن الاستكشاف السلمي للفضاء، ستعزز التعاون الاقتصادي والتقني مع موسكو.
يُشار الى أنّ حجم التبادلات التجارية بين الجزائر وروسيا، بلغ 364 مليون دولار في العام الأخير، بينها 75.361 مليون دولار قيمة الواردات الجزائرية التي تشمل المواد الروسية، وهو ما يعني ارتفاعا بنسبة 5.9 في المائة بالمقارنة مع العام 2004 حيث بلغت قيمة التبادلات بين البلدين 68.332 مليون دولار.
التعليقات