رغم إدانة القضاء الفرنسيّ لمعلمة فرنسية متقاعدة بالسجن والغرامة بعد ان اعتدت على شابة إماراتية في باريس وانتزعت بالقوة نقابها وعنّفتها، إلا أن القضية التي تأتي في سياق جدل النقاب في فرنسا، ما زالت تتفاعل عبر الإعلام.

باريس: تتفاعل في فرنسا قضيّة الإماراتية التي تعرّضت لاعتداء تمثّل في تمزيق نقابها على يد معلمة فرنسيّة متقاعدة. وخصّص الإعلام الفرنسيّ حيزا مهما للقضيّة التي قوبلت باستغراب كبير من طرف الرأي العام رغم أنها تأتي في سياق الجدل الدائر منذ أشهر حول النقاب والمنقبات.

وأصدرت النيابة العامة الفرنسية الخميس الماضي حكمها في القضيّة، وقضت المحكمة بسجن المعلمة المعتدية لمدة شهرين مع تأجيل التنفيذ مع إلزامها بدفع غرامة مالية قدرها 750 يورو.

وذكرت المرأة الفرنسية المُعتدية وهي معلمة لغة إنكليزية متقاعدة أنها شعرت بالغضب عندما شاهدت المرأة المنقبة وهي تجوب شوارع باريس فطلبت منها خلع النقاب.

وتقول تقارير الشرطة الفرنسيّة إن الإماراتية واسمها شيخة وتبلغ من العمر 26 عاما، قد رفضت الامتثال إلى طلب الفرنسية التي تبلغ من العمر 63 عاما، فقامت الأخيرة بنزعه عنوة عن وجهها وقامت بلكمها وخدشها بأظافرها وعضّتها.

ودافعت الفرنسية التي لم تمثل أمام المحكمة ولم توكل أحداً لتمثيلها عن موقفها في وسائل الإعلام معتبرة أن ارتداء النساء للنقاب يعتبرquot; أمرا غير منطقيquot;.

ونقلت quot;جريدة النساءquot; الفرنسية (Le Journal des Femmes) عن المتهمة قولها :quot;كنت اعلم أنني سأصل إلى هذا الأمر يوما ما، قضية ارتداء النقاب بدأت تؤذيني بالفعل، أنا مصدومة من طريقة اللباس تلكquot;.

وتمضي السيدة الفرنسية واسمها مارلين قائلة:quot;عندما تأكدت أن المرأة العربية لا تجيد الفرنسية وجهت لها الخطاب بالانكليزية وقلت لها إنّ ارتداءك النقاب هو اعتداء على المرأةquot;.

وتضيف :quot;النقاب يمثل العنف ضد النساء في تفكيري، ولهذا السبب شعرت أن السائحة الإماراتية تعدت على كرامتي كامرأة، الإعلام تحدث كثيرا عن مشكلة النقاب في فرنسا. وعندما رأيت شابة ترتدي مثل هذا اللباس، لم أتحمل كثيرا هذا المنظر وقمت بنزعه بالقوة وأنا متوترة للغايةquot;.

أما الشابة الإماراتية التي كانت تتجول في أروقة متجر للأزياء، فلم تفهم ما حدث لها وفوجئت بالاعتداء وصرخت طالبة النجدة من حراس المتجر الذين تدخلوا لوقف المعتدية. كما قررت رفع دعوى قضائية ضد المواطنة الفرنسية.

المعتدية مارلين خلال حوار مع صحيفة (لوباريزيان) الفرنسية

والى ذلك، وصف لطفي ولد بن حفصية وهو محامي الإماراتية التهجم على موكلته على أنه quot;اعتداء على حرية التدينquot;، فيما تساءلت محامية أخرى اسمها لويزة بوزياني عما إذا كان مفهوم الدفاع عن حقوق النساء في ذهن المواطنة الفرنسية يعني الاعتداء عليهن في الأماكن العامة.

وفسرت المعتدية الفرنسية بعد ذلك فعلتها بـquot;ما تعاني منه النساء العربيات من ظلم واحتقار وتدنيس للكرامة من قبل الرجال وافتقارهن إلى أبسط الحقوق في العديد من الدول العربية مثل المغرب والسعودية حيث عملت مارلين كمدرسة خلال سنوات عديدةquot;على حدّ تعبيرها.

واعترفت الفرنسية التي قامت بنزع نقاب الإماراتية داخل متجر للأزياء في شباط/فبراير الماضي في العاصمة الفرنسية باريس، إنها اشتبكت مع الإماراتية بالأيدي لما حاولت استعمال القوة لنزع النقاب لأنها quot;كانت غاضبة جداquot; على حدّ تعبيرها، كما اعترفت بأنها صفعتها، وقالت لها حين نزع النقاب:quot;لقد تمكنت من رؤية وجهك الآنquot;.

يشار إلى أنّ الفرنسية مارلين التي واجهت تهمة quot; العنف المتعمدquot;، نفت في حوار مع جريدة quot;لوبرزيانquot; أن تكون قد ضربت المرأة الإماراتية أو عضتها. لكنها بالمقابل اعترفت بنزع نقاب السائحة بالقوة بحجة أن quot;المظهر كان يزعجها وأن النقاب لا مكان له في فرنسا.quot;

وتأتي القضية بعد أسبوع من إقرار المجلس الدستوري الفرنسي مشروع قانون يهدف إلى منع ارتداء النساء النقاب في الأماكن العامة على الأراضي الفرنسية، لكن هذا المشروع لا يسري على المساجد وأماكن العبادة.

وكانت سفارة الإمارات في باريس قد ذكرت في بلاغ لها أن quot;الحادثة المؤسفة التي تعرضت لها مواطنة اماراتية لا تمثل قيم التسامح والإخاء التي يتحلى بها الشعب الفرنسيquot;.

وأكدت سفارة دولة الإمارات في الوقت نفسه quot;ثقتها التامة في نزاهة القضاء الفرنسي وحرصها على الصداقة التي تميزالبلدين على المستوى الشعبي والرسميquot;.