أثبتت دراسة حديثة أن أكثر اللغات المستخدمة على موقع فايسبوك هي البرتغالية والعربية والأسبانية.


الأسكندرية: شهدت مكتبة الإسكندرية مساء أمس افتتاح الندوة الدولية الثالثة حول التعددية اللغوية والعولمة والتنمية، التي تنظمها يومي 28 و29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بالتعاون مع بيت اللغات quot;لينجوامونquot;، ومؤسسة روبرتو مارينهو في البرازيل، وبرعاية اليونسكو وإدارة شؤون الإعلام في الأمم المتحدة.

وفي إطار الجلسة الافتتاحية، أكدت جوي سبرينجر؛ مديرة برنامج ذاكرة العالم في اليونسكو، أن المنظمة تؤمن أن اللغة هي أداة نشر السلام والمعرفة في العالم، وبوابة التعرف إلى الثقافات المختلفة، إلا أنه بالرغم من ذلك، فإن التعددية اللغوية العالمية تواجه خطر الانحسار، فقد أكدت دراسة حديثة أن نصف لغات العالم ستختفي بحلول عام 2050.

وأشارت إلى أن منظمة اليونسكو أطلقت برامج متعددة لتوفير فرص جديدة للتواصل بين أكثر من ستة آلاف لغة في العالم، والتركيز على موضوعات التعددية اللغوية. وأضافت أن منظمة اليونسكو تقوم حاليًا بإجراء دراسة لقياس التعدد اللغوي على الانترنت وبحث سبل استخدام اللغات كافة في مواقع الخدمات العامة، مع التأكد من تضمين لغات الأقليات بها.

من جانبه، أكد هيوجو باريتو؛ الأمين العام لمؤسسة روبرتو مارينهو، أن هذه الندوة بمثابة احتفال دولي بالتعدد اللغوي في العالم، مشيرًا إلى أن اللغة تعطي الشعوب الهويات المختلفة، وهي ما تجعل العالم مكان أكثر تنوعًا وثراءً. ولفت إلى وجود تحد كبير يواجه القدرة على صيانة اللغات الأم في عصر تقدم التكنولوجيا والوسائط المتعددة، خاصة مع توجه أنظار العالم إلى المشكلات البيئية ومخاطر قلة التنوع البيولوجي.

وتحدث باريتو عن تجربة إنشاء متحف اللغة البرتغالية في البرازيل، الذي يعد من أهم مبادرات حماية اللغات الوطنية والتعددية اللغوية في العالم، وهو يقوم بالاحتفال باللغة البرتغالية ويؤكد على أهميتها الثقافية، ويعمل على نشر تراث اللغة والشعوب التي تتحدث البرتغالية. ويعد المتحف هو الوحيد في العالم المخصص للغة، وهو أكثر المتاحف زيارة في البرازيل.

في سياق متصل، قال أنطوني مير؛ مدير مؤسسة لينجوامون، إن العولمة أثرت بشكل كبير على التعدد اللغوي، مؤكدًا أنه يعتبر أن العولمة هي أكبر مصدر لإتاحة التفاعل بين اللغات، بعكس ما يعتبره البعض أنها تهدد التنوع اللغوي. وأضاف أن دراسة حديثة أثبتت أن أكثر اللغات المستخدمة على موقع فايسبوك هي البرتغالية والعربية والأسبانية. وأكد على أهمية التعدد اللغوي في المجالات الاقتصادية.

وتحدث مير عن برامج اليونسكو التي تساهم في تدعيم دور اللغة كمراقب للقيم الإنسانية والسلام والأمن والاستدامة. وأكد على أهمية الإعلام والمؤسسات الثقافية في نشر أفكار أهمية التعددية اللغوية على المستويات الإقليمية والعالمية، متوقعًا أن يكون للغة العربية دور أكبر في السنوات المقبلة في هذا المجال، من أجل تدعيم القيم العالمية للتنوع اللغوي.

وأشار إلى أن أهم ثلاثة محاور في الحفاظ على التعدد اللغوي هي الاتصال؛ الذي يقدم فرصة لنشر اللغات من خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة، والتفاعل؛ الذي يطرح طرق جديدة للاتصال على الانترنت، ويمثل فرصة حقيقية للمشاركة النشطة للغات المختلفة، والمشاركة الإعلامية؛ التي تعتبر بمثابة باب مفتوح على اللغات المختلفة، خاصة من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية.

من جهته، أكد كيو آكاساكا؛ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الاتصالات والإعلام، أنه من أهم الأهداف التي تسعى إليها اليونسكو في الفترة المقبلة هي ضمان وصول المعلومات إلى أكبر عدد من الناس في العالم، ففي الفترة الأخيرة زادت أهمية الانترنت في نشر المعلومات والمعرفة بشكل ملحوظ، وتضاعف عدد مستخدمي الانترنت بين عام 2005 و2010، إلا أن نسبة هذا التوزيع ليست عادلة على الإطلاق، حيث إن 21% فقط من الأشخاص في الدول النامية يمكنهم استخدام الانترنت، ولذلك فإن البرامج الحديثة يجب أن تعمل على توفير المعرفة للجميع وضمان تقديم محتوى الانترنت بكل اللغات.

وأكد أنه يجب ضمان حرية إتاحة المعلومات في ظل هذا الانفتاح الرقمي، مع إدراك أن هذه الحرية يأتي معها مسؤولية أكبر. وأوضح أن القائمين على برامج ومواقع الانترنت الأكثر انتشارًا أدركوا أهمية التنوع اللغوي، فتم توفير محتوى موقع quot;اليوتيوبquot; بأكثر من 12 لغة، وتعديل تطبيقات quot;فايسبوكquot; لدعم كل اللغات، كما إن quot;تويترquot; أعلن عن إطلاق نسخة باللغة العربية بحلول عام 2011.

ولفت إلى أن برامج ودراسات اليونسكو الحديثة تؤكد أن اللغة الإنجليزية ليست اللغة الأكثر انتشارًا على الانترنت، كما تشير بعض الإحصاءات، حيث إن المحتوى المقدم باللغة الانجليزية على الانترنت انخفض من 80% إلى أقل من 40%، نتيجة زيادة المحتوى باللغات الفرنسية والإسبانية والألمانية والصينية وغيرها.

وأكد أنه من أهم وأحدث برامج اليونسكو في هذا المجال هي quot;أيام اللغاتquot;، حيث يتم اختيار يوم في السنة للاحتفال بلغة من لغات اليونسكو الست الرسمية، حيث يتم تسليط الضوء على البرامج التعليمية والخدمات التي تقدمها اليونسكو بهذه اللغة، وسيتم الاحتفال بيوم اللغة العربية يوم 15 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

في سياق متصل، قال محمد صبيح؛ الأمين العام المساعد للجامعة العربية، إن الأخيرة تضع كل إمكانياتها لدعم برامج التعدد اللغوي وإنشاء المنتديات العلمية مع الدول المختلفة كاليابان ودول جنوب أميركا اللاتينية، وغيرها، وذلك انطلاقًا من إيمانها بأهمية التواصل ومعرفة الآخر والتعرف إلى ثقافات الشعوب المختلفة.

وفي الختام، أكد السفير علي ماهر؛ مستشار مدير مكتبة الإسكندرية، على أن المكتبة تدعم كل المشروعات والمبادرات والبرامج التعليمية وبرامج الترجمة التي تضمن حماية التعدد اللغوي في العالم، حيث تعتبر اللغات بمثابة جسر يربط بين الثقافات ويساعد على نشر العلوم الحديثة، وله دور حيوي في تدعيم الحوار الثقافي بين الدول.

يذكر أن الندوة تأتي استكمالاً لسلسلة الندوات الدولية التي تعقد حول التنوع اللغوي والعولمة والتنمية، بعد إعلان الأمم المتحدة لعام 2008 quot;سنة دولية للتنوع اللغويquot;. وانعقدت الندوة الدولية الأولى للتنوع اللغوي والعولمة والتنمية في نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، عام 2008، لختام السنة الدولية للغات، بينما انعقدت الندوة الثانية في ساو باولو عام 2009.

السفير علي ماهر
جوي سبرينجر
كيو آكاساكا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشئون الاتصالات والإعلام
محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية
هبة الرفعي مديرة منتدى الحوار بمكتبة الاسكندرية
هيوجو باريتو