أعلن رئيس جهاز الاطفاء في اسرائيل شيمون روماه انه تمت بعد ظهر الاحد السيطرة بشكل كامل على الحريق المندلع في جبل الكرمل في شمال اسرائيل منذ الخميس الماضي. ويتوقع أن تساهم المساعدات الدولية مساهمة ملموسة في إخماد الحرائق التي أودت بحياة 41 شخصاً إضافة إلى عشرات المصابين، وقضت على أكثر من40 ألف دونم و5 ملايين شجرة. وقد أثار قيام بعض الدول العربية بتقديم المساعدة في إطفاء الحرائق حفيظة الكثيرين.


أعلن رئيس جهاز الاطفاء الإسرائيلي بعد ظهر الأحد في تصريح صحافي quot;تمت السيطرة على الحريق ولم تعد توجد بؤر اساسية للنيران. يبقى علينا انهاء العمل عبر منع اندلاع النيران مجدداquot;.

وكان وزير الامن العام اسحق اهارونوفيتش اعلن قبل ذلك quot;آمل في ان نخمد الحريق في الساعات المقبلةquot;. وخلال حديث مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي يشرف شخصيا على العمليات، قال اهارونوفيتش ان مهمة طائرات اخماد الحرائق الان هي quot;تبريد المنطقة تفاديا لنشوب الحريق مجدداquot;.

كما قال المتحدث باسم فرق الاطفاء يورام ليفي quot;هناك ثلاث بؤر صغيرة لا تزال ناشطةquot;. وعملت نحو ثلاثين طائرة ومروحية الاحد في شمال اسرائيل على اطفاء اخر بؤر الحريق الذي اوقع 41 قتيلا وقضى على الاف الهكتارات من الاحراج في جبل الكرمل.

وكانت تجددت صباح اليوم الأحد، عمليات إخماد الحريق في جبل الكرمل، لتعذر عمل فرق الإطفاء ليلاً. وركزت طائرات الإطفاء عملياتها على موقعين أساسيين هما الجبال الواقعة غرب quot;زخرون يعكوفquot; ومنطقة quot;كيبوتس quot;نير عتسيونquot;، فقامت برش المياه والمواد المانعة لإنتشار النيران فيهما، علماً أن النيران لا تزال مشتعلة بالقرب من عسفيا وعين حوض.وشارك في عمليات الإطفاء حوالي 400 رجل إطفاء و150 سيارة إطفاء مدعومين باثنتين وعشرين طائرة.

وهبطت في مطار اللد الإسرائيلي فجر اليوم طائرة quot;بوينغ سوبر تانكرquot; الأميركية كما أشارت مصادر في الجيش الإسرائيلي. ونقلت القناة التلفزيونية الإسرائيلية الثانية معلومات تشير إلى أن الطائرة لم تباشر عملها بسبب quot;خلل تقنيquot;. لكن وسائل الإعلام العبرية نقلت أن الطائرة الأميركية بدأت فعلاً عملها منذ ساعات قليلة. وتتعلق الآمال على هذه الطائرة نظراً لإمكاناتها المتطورة حيث يمكنها أن تستوعب من 80 إلى 95 ألف لتر من المياه.

وقررت الحكومة الاسرائيلية بتوجيه من رئيسها بنيامين نتنياهو استئجار هذه الطائرة المملوكة لشركة Ever الأميركية بعد أن فشلت الجهود في إحتواء الحريق نظراً لإضطرار الطائرات عن إيقاف عملها ليلاً كونها غير مزودة بالرؤية الليلية.

وقال نتانياهو إن هذه الطائرة يمكنها العمل ليلا، خلافا للطائرات الاخرى المنتشرة حاليا. وأضاف في مؤتمر صحافي عقده مساء السبت في حيفا أن quot;الطيارين ورجال الاطفاء يقومون بعمل استثنائي لكن الليل والرياح يعرقلان عملهم، لذلك تبدو القدرة على التحرك ليلا مهمة جداquot;.

وتابع رئيس الحكومة الذي يشرف بنفسه على عمليات اخماد النيران quot;حددنا لأنفسنا هدفين: تفادي سقوط قتلى جدد وإخماد الحريق بمساعدة دولية، وتم بلوغ الهدف الأول ونحن نتقدم في اتجاه الهدف الثانيquot;. واعتبر أن quot;المعركة الجوية على النيران هي التي ستؤدي إلى إخمادهاquot;. وذلك في إشارة إلى الجهود التي تبذلها حكومته لتجنيد طائرات من الدول الأجنبية. ووجه شكره الى المجتمع الدولي قائلا quot;تحدثت الى ثلاثين رئيسا في أنحاء العالم وشكرت لهم مساعدتهمquot;.

جلسة الحكومة في طيرة الكرمل

وذكرت وسائل اعلام عبرية أن مجلس الوزراء الإسرائيلي سيعقد اليوم جلسته الاسبوعية في طيرة الكرمل، تضامنا مع سكان منطقة جبل الكرمل الذين تضرروا من الحريق الهائل. ونقلت عن نتيناهو قوله quot;سيتخذ مجلس الوزراء سلسلة قرارات حول إعادة ترميم المنازل والأحراش التي احترقت وتقديم الدعم للمتضررين من الحرائقquot;. وكان رئيس مجلس محلي عسفيا، وجيه كيوف، قد توجه الى رئيس الحكومة لعقد الجلسة الأسبوعية في قريته التي لحق بها ضرر كبير جراء الحريق.

مساعدات دولية حثيثة

وأبدت عدة دول من بينها روسيا وتركيا بريطانيا واليونان ومصر وقبرص وبلغاريا واذربيجان وكرواتيا وفرنسا واسبانيا استعدادها للمساعدة في إخماد الحريق.

وقام عدد من هذه الدول بإرسال طائرات للمساعدة في إخماد النيران، وذلك بعد أن توجهت لها الحكومة الاسرائيلية التي بدت أجهزة الإطفاء التابعة لها عاجزة عن السيطرة على الحريق لضيق إمكانياتها، فوصلت طائرات من اليونان وقبرص وتركيا وروسيا وفرنسا وبريطانيا ومصر. ويتوقّع أن تصل تسع طائرات اليوم من إسبانيا والولايات المتحدة وألمانيا.

وفي اليوم الأول من الحريق وصلت الى اسرائيل من روسيا طائرة عملاقة من نوع اليوشين 76 تلقي 42 الف ليتر ماء في كل طلعة. كما أرسلت الأردن ثلاث سيارات إطفاء للمساعدة في جهود إخماد الحريق.

وأرسلت السلطة الفلسطينية ثلاث وحدات من الدفاع المدني الفلسطيني للمساعدة في إخماد حرائق الكرمل. وقد تلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصالين من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ومن نتنياهو عبرا فيه عن امتنانهما لمساعدة رجال الإطفاء الفلسطينيين في إخماد الحرائق المشتعلة.

وفي إشارة إلى انتعاش العلاقات التركية الإسرائيلية بعد الجليد الذي أصابها إثر الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية، شكر نتنياهو أمس نظيره التركي بالقول quot;أشكر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي أرسل طائرتي إخماد حرائقquot;، بينما لم يذكر أسماء رؤساء الدول التي قدمت مساعدات.

لكن مصادر أشارت إلى إعلان ألمانيا أنها هي التي أقنعت تركيا بمد يد العون لإسرائيل. وأجرى نتانياهو اتصالين هاتفيين الجمعة، مع أردوغان ومع نظيره الروسي فلاديمير بوتين شكرهما على المساعدة التى قدمتها أنقرة وموسكو لإسرائيل فى مواجهة الحريق الهائل.

تفاؤل حذر

وعبر المراقبون أمس عن تفاؤلهم الحذر من أن تتم عملية إخماد النيران قريباً، حيث تشير التقديرات إلى بداية إنحسار بقعة النيران، إضافة إلى أن إخماد النيران بشكل تام قد يستغرق بضعة أيام أخرى.

وأبدت طواقم الإطفاء والإنقاذ إرتياحها للوضع اليوم، حيث أشارت مصادر إلى أنه quot;أفضل حالاً مقارنة مع الأيام السابقة، حيث تمكنت فرق الإطفاء من الحفاظ على quot;النجاحاتquot; التي تحققت خلال ساعات نهار أمس، وذلك في أعقاب مخاوف من أن تؤدي الرياح الشديدة إلى اندلاع ألسنة اللهيب مجدداً في مواقع أخرىquot;.

مشتبه بهم بافتعال الحريق

مع أن الشرطة كانت قد أعلنت سابقاً عن عثورها على مواد مشبوهة في عدة مواقع إلا أنها عادت وأعلنت أن الحريق قد يكون غير مقصود، وعلم أن الشرطة اعتقلت شقيقين قاصرين من عسفيا، بعد ظهر أمس السبت، بشبهة التسبب عن طريق الإهمال بالحريق، وذلك بادعاء أنهما أشعلا النيران في ساحة منزلهما غرب عسفيا.

كما اعتقلت الشرطة شخصا من الناصرة (34 عاماً) متهمة إياه بأنه حاول إشعال النيران في منطقة quot;دودجquot; في quot;نتسيرت عيليتquot;. واعتقل ثلاثة فلسطينيين، أحدهم من عرب 48، بتهمة محاولة إشعال النيران قرب مستوطنة quot;غيلوquot; القريبة من القدس.

قتلى وخسائر

أشارت آخر الإحصاءات الإسرائيلية عن وقوع 41 قتيلاً نتيجة الحريق، وتناولت بعض المصارد وجود مفقودين من طواقم الإنقاذ والشرطة ومن حافلة السجانين التي احترقت في الكرمل يوم الخميس الماضي بعد أن حاصرتها النيران إثر انقلابها، وكانت الحافلة تنقل السجانين إثر مشاركتهم في دورة لتأهيل الضباط في مصلحة خدمات السجون.

وأعلن المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفلد مصرع 41 شخصاً هم 38 حارس سجن كانوا في حافلة حاصرتها النيران، وضابطان في الشرطة واطفائي شاب في السادسة عشرة من عمره. وجرى اليوم تشييع جنازات 23 من قتلى الحافلة، وأقيمت خلال نهاية الأسبوع جنازات عدد من قتلى الحادث المأساوي.

وأعلن الدفاع المدني أن هناك خمسون جريحا ثلاثة منهم إصاباتهم حرجة، بينهم قائدة شرطة حيفا، إضافة إلى 26 مصابا بحروق متوسطة. وأتى الحريق الذي يعد الأضخم الذي تتعرض له إسرائيل منذ نشوئها، على غابات الصنوبر في جبل الكرمل جنوب وشرق حيفا. حيث أتى الحريق على أكثر من40 ألف دونم و5 ملايين شجرة، وبحسب تقدير سلطة الحدائق القومية فإن إعادة هذه الغابات إلى ما كانت عليه يحتاج إلى أربعين عاماً على أقل تقدير.

مساعدة إسرائيل مرفوضة

وأثار قيام بعض الدول العربية والسلطة الفلسطينية بمساعدة إسرائيل في عمليات إطفاء الحريق حفيظة الكثيرين من الكتاب ورجال الدين والمعارضين وحتى أفراد الشعوب، ففي يوم الحريق مثلاً نشرت وكالة quot;وفاquot; الفلسطينية خبراً عن إعاقة القوات الإسرائيلية المتمركزة على حاجز عسكري في قرية برطعة الشرقية جنوب جنين، سيارات الدفاع المدني المتوجهة لإخماد النيران التي التهمت عشرات الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون واللوزياتquot;.

كما عبر أحد مسؤولي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عن أسفه ودهشته للتضامن العربي مع quot;مأساة الصهاينةquot; وإظهارهم تعاطفاً مع الإسرائيليين.

وانتقد خطباء الجمعة مواقف بعض الدول العربية والإسلامية التي سارعت إلى تقديم العون لإسرائيل مبينين quot;حرمة إغاثتهم ومعاونتهم في ظل احتلالهم لأرض عربية مسلمةquot;. وأوضح خطيب جامع العجلان في البحرين ناجي العربي quot;عدم جواز مساعدة (الإسرائيلي) وإغاثته فيما ينزل به من غضب إلهي لأنه مغتصب لأرض عربية إسلامية، مطالباً بوقف أي إمداد من الدول العربية والإسلامية للسيطرة على الحريقquot;.