أكد مسؤولون حقوقيون إسرائيليون لـquot;إيلافquot; أن الحكومة الإسرائيلية تقود حملة ضد اللاجئين تتنافى تماما مع معايير حقوق الإنسان، ورفض المسؤولون إطلاق مصطلح متسللين على المهاجرين وطالبي اللجوء من إفريقيا.


يافا: أعادت عملية إبعاد 150 لاجئا سودانيا من اسرائيل جوا، الأسبوع الماضي إلى الواجهة مجددا قضية لاجئي درافور وطالبي العمل الأفارقة وحازت على اهتمامات الصحف الإسرائيلية، التي أبرزت القضية المشتعلة أساسا في اسرائيل، وتشكل احد القضايا ذات الاهتمام على أجندة الحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة بنيامين نتانياهو.

فمنذ بداية ولايتها الحالية ركز على محاربة ظاهرة ما تسميهم المتسللين الأفارقة إلى اسرائيل، وقررت إقامة جدار عازل على طول الحدود الإسرائيلية- المصرية، بادعاء منع تسلل هؤلاء الأفارقة إلى اسرائيل، ومن منطلق الخطر الديمغرافي لدولة اسرائيل.

وذكرت صحيفة quot;معاريفquot; قبل سنتين قدمت إسرائيل تفضلاً إنسانياً عندما منحت 500 لاجئ من الإبادة في دارفور مكانة قانونية، لكن لم يُمنحوا اعترافاً بهم بصفتهم لاجئين، بل مقيمين مؤقتين كما عرّفتهم الدولة.
وتزعم إسرائيل أن المتسللين من السودان واريتيريا جاءوا إلى إسرائيل للبحث عن عمل ولتحسين وضعهم الاقتصادي. بل قال المدير السابق لسلطة الهجرة، يعقوب غانوت، في السنة الماضية quot;إنه بحسب فحوصنا، 99.9 في المائة منهم مهاجرو عمل ولا يقع عليهم أي خطرquot;.

2005 البداية:
بدأت قضية اللاجئين الأفارقة في اسرائيل عام 2005، حين بدا بدو سيناء بمساعدتهم الدخول إلى اسرائيل، وأساسا لاجئي دارفور غرب السودان، وتحديدا بعد تعرضهم لاعتداء من قبل السلطات المصرية، والتي بلغت ذروتها في كانون الأول (ديسمبر) 2005، والتي راح ضحيتها 25 لاجئا على الأقل أثناء مشاركتهم في تظاهرة سلمية وهادئة في القاهرة.quot;

واليوم يقدر عددهم وفق المعطيات الرسمية الإسرائيلية ومعطيات منتدى حقوق اللاجئين في اسرائيل نحو 20 ألف لاجئ، السواد الأعظم منهم من درافور غرب السودان واريتريا وساحل العاج، ويتمركزون غالبيتهم في ايلات وعراد جنوب اسرائيل وتل-أبيب. بالإضافة إلى ما يقارب 2200 طالب لجوء تحتجزهم السلطات الإسرائيلية في سجونها.

خطة إسرائيلية لتخلص من العمال الأفارقة
في كانون الأول/ديسمبر 2009، وضعت الحكومة الإسرائيلية الحالية خطة للتهجير وطرد المتسللين الأفارقة،
بادعاء الحفاظ على نقاوة ويهودية دولة إسرائيل، وبين الحين والأخر تتفاعل قضية العمال الأفارقة أو ما تسميهم السلطات الإسرائيلية quot;المتسللين غير الشرعيينquot;، وتحولت قضية تدفق اللاجئين الأفارقة إلى هم كبير بالنسبة لحكومتي ايهود اولمرت(2006-2009) وبنيامين نتنياهو الثانية(2009- حتى اليوم)، وتثير جدلا في أوساط الشارع الإسرائيلي، حيث وضعت حكومة اولمرت خطة للتخلص من منهم. في كانون الثاني (يناير) 2010 أقرت الحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى سياستها في ما يتعلق بموضوع العمال الأجانب، أو مهاجري العمل في إسرائيلquot;.

وثمة أصوات تتعالى تدعو إلى التخلص منهم، وتحذر من بقاءهم كون الأمر يمس بـquot;يهودية الدولةquot; وتشدد إلى الإسراع في انجاز طردهم والتخلص منهم. وتهدد وزارة الداخلية الإسرائيلية بطردهم من اسرائيل، وسط تزايد احتمالات تعرض العمال واللاجئين لمضايقات من قبل الإسرائيليين.

تنظر إسرائيل إلى هؤلاء اللاجئين كـquot;متسللينquot;، وقد أقرت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا إقامة تجمع لهؤلاء العمال واللاجئين، وسيتم المباشرة في إقامته قريبا بناءا على اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقرب من الحدود المصرية لإيواء المتسللين الأفارقة لعدة أشهر بغرض منعهم من التجول داخل إسرائيل لحين إصدار قرارات السماح لهم بالتواجد فيها.

ايلات : سودان ستي
الزائر لمدينة ايلات أقصى جنوب اسرائيل يلاحظ خلال تجواله في المدينة وجود عدد كبير من اللاجئين والعمال الأفارقة، في الفنادق والمقاهي والمطاعم وفي كل زاوية في المدينة، وتشير التقديرات لبلدية ايلات أن نسبة العمال الأفارقة في المدينة وصلت 13 بالمائة من مجمل سكانها الـ75 ألف.

رئيس البلدية يتسحاك هيليفي يقود حملة مكثفة ضد العمال واللاجئين الأفارقة، حتى وصل به الأمر إلى إطلاق اسم quot;سودان سيتيquot; على المدينة. بسبب الخوف الذي يعيشون فيه بعد تسلل مئات من السودانيين إليها.
ويدعي رئيس بلدية ايلات أن عدد كبير من سكان أحياء ايلات يشعرون بالخوف، حيث تسلل المئات من السودانيين إلى المدينة، وأصبح من بين كل 6 إسرائيليين متسلل سوداني وهم غير مرغوبين في المدينة، والوضع الاجتماعي للمدينة آخذ بالتدهور وهناك ارتفاع في عدد الجريمة، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى وقف عمليات تسلل الأفارقة لإسرائيل.

ويزعم مسؤولو بلدية ايلات خلال نقاش للجنة الداخلية البرلمانية التابعة للكنيست، بأن نسبة الجريمة ارتفعت وأن السكان يخشون الخروج في ساعات الليل من منازلهم، رغم أن مدينتهم تعتبر مدينة سياحية تعج بالناس ليل نهار، هذا إلى جانب مخاوفهم من إقدام هؤلاء اللاجئين على بناء مساجد وكنائس لهم في ايلات وعراد (جنوب بئر السبع)، حيث انه تم إقامة 7 مساجد وكنائس يقيم فيها المهاجرون شعائرهم الدينية.

معاملة قاسية واستغلال غير مبرر
محمد شاب في الـ28 من عمره، يعمل كعامل نظافة في احد فنادق ايلات، ووصف لـ quot;ايلافquot; رحلته من السودان حتى وصوله اسرائيل قائلا:quot; اسمي محمد أنا من منطقة تمسى الجزيرة وسط السودان، جئت إلى هنا منذ حوالي العام تقريبا.
ويضيف: quot; أنا بعد أن فقدت عملي في السعودية، قررت المجيء إلى ايلات، وطبعا الطريق صعبة للغاية، تبدأ بالوصول إلى مصر، ثم الانتقال إلى سيناء، ثم اجتياز الحدود والتي هي الأصعب في كل الطريق، وهناك الكثير من العمال الذين جاءوا إلى هنا لاقوا حتفهمquot;.

ويقول محمد بعد عملية اجتياز الحدود بين اسرائيل ومصر، تقوم الشرطة الإسرائيلية باستجواب القادمين من أفريقيا، ثم يتم إطلاق سراحهم إما يتجهون إلى ايلات أو إلى تل-أبيب، ويتم توجيه أسئلة لها علاقة بالدوافع التي قدمنا لأجلها لإسرائيل، والتي هي بالأساس دوافع اقتصاديةquot;.

وفيما يتعلق بموضوع العمل يقول محمد، احد شروط القبول للعمل على كل عامل أن يتوجه إلى مكتب لا اذكره اسمه، حيث يتم التسجيل فيه كطالبي عمل، ثم يقوم العامل بفتح حساب في مصرف إسرائيلي، كي يتم تحويل المكافأة المالية. وحول المبلغ الذي يتلقاه كأجر يقول محمد، أنا مثلا احصل مقابل الساعة على 20.70 شيكل(6.5$)، موضحا أن أرباب العمل الإسرائيليين يستغلون العمال.

سيجال روزين- المركز لمساعدة العمال الأجانب قالت لـ:quot;إيلافquot;:quot;في البداية لا بد من الإشارة إلى إننا نرفض استعمال مصطلح متسللين على طالبي اللجوء والعمل من الأفارقة، الذين يحضرون للبحث عن لقمة العيش في اسرائيل.
وأضافت:quot; الحملة التي تقودها الحكومة الإسرائيلية ضد اللاجئين الأفارقة تتعارض مع القوانين والمعايير التي حددتها وثيقة حقوق اللاجئين والتي وقعت عليها اسرائيل، وعمليا هي لا تقوم بفحص طلبات اللجوء التي يتقدمون بها، حتى أن الـ500 درافوري الذين تباهت اسرائيل بمنحهم مكانة لاجئ، لم يتم فحص طلباتهمquot;.

وأضافت:quot; نحن متخوفون من نوايا الحكومة الإسرائيلية الهادفة إلى إخلاء وتجميع اللاجئين على الحدود الإسرائيلية ndash;المصرية ونياتها إقامة سجن أو مجمع لتركيزهم، هذا بالإضافة إلى نواياها فرض عقوبات وغرامات على المشغلينquot;
وأضافت: هذا الأمر سيصعب على مهاجري العمل الوصول إلى اسرائيل وهي تعرض حياتهم للخطر، ونحن متخوفون بعد بناء الجدار مع مصر آن يقوم المصريين بإطلاق النار عليهم كما هو الحال في الكثير من الأحيان وقتلهم. ولكن نقول طالما تريد الدولة إقامة جدار عليها آن تقوم بفتح بوابات تتيح لهم بالدخول منها لطالبي العملquot;.

وتابعت قائلة:quot; للأسف الشديد كما أوضحت أعلاه، السلطات الإسرائيلية لا تقوم بالنظر بطلبات اللجوء التي يتقدم بها هؤلاء اللاجئين، وهو يتعرضون لمعاملة سيئة، وكما تقوم بطردهم إلى مصرquot;.
وتبين روزين انه وفق شهادات العديد من الجنود فانه يتم طرد المئات من طالبي اللجوء، وذلك حتى قبل وصولهم إلى اسرائيل.

وتشير روزين إلى أن هناك ثمة تقديرات تشير إلى وجود نحو 34 ألف طالب لجوء في اسرائيل من الأفارقة، وقالت:quot; هنا يجب الإشارة إلى آن طالب اللجوء يعني آن حياته في خطر في حال تم إعادته إلى بلاده، والغالبية منهم موجودين في تل-أبيب حيث يصل عددهم نحو 20 ألفاquot;.

كيسم اديف- مركزة اللاجئين في جمعية quot; خط- العامل-كاف لعوبيدquot; أوضحت في حديث خاص لـquot;إيلافquot;
أن الحديث يدور عن أناس يحضرون إلى اسرائيل للعمل، بعد آن تكون حياتهم في الدول التي يعيشون فيها معرضة للخطر. ويبحث عن ملجأ امن. نحن في الجمعية نتعامل مع اللاجئين الذين يتعرضون إلى عمليات استغلال بشعة من قبل المشغلين الإسرائيليين.

وأضافت:quot; في غالبية الأحيان اللاجئين الأفارقة تحديدا لا يعرفون اللغة العبرية، وكثيرا ما يتعرضون لاستغلال من قبل المشغلين من خلال تشغيلهم بدون دفع مستحقاتهم أو صرف المكافآت المالية لهم، هذا بالإضافة إلى تشغيلهم لعدة أيام دون آن يتم دفع أي مستحقات لهم، حيث يستغل المشغلين وأرباب العمل عدم شملهم في قوانين العمل الإسرائيلية ويقومون باستغلالهمquot;.
وتضيف اديف: يتوجه إلينا أسبوعيا حوالي 80 حالة من اللاجئين تم استغلالهم، ونحن بدورنا نقوم بمتابعة الملفات أمام المشغلين وأصحاب العمل، وفي 50 بالمائة من الحالات ننجح في تحصيل حقوقهم.

وتابعت:quot;في غالبية الحالات يتم تشغيل اللاجئين في أعمال شاقة، كالبناء، النظافة، المطاعم، حيث يقوم المشغلين بتشغيلهم بدون دفع الحقوق الاجتماعية التي ينص عليها القانون الإسرائيلي، هذا إلى جانب عدم تشغيلهم وفق القانون الإسرائيلي، والذي ينص على ساعات عمل محددة، وفي حال تم تشغيلهم ساعات إضافية لا يتم احتساب الساعات الإضافية ولا يتم إعطائهم إجازات أسبوعية، إذ يوجد منهم من يعمل 7 أيام في الأسبوعquot;.